الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انقلاب الزوجة

انقلاب الزوجة
17 فبراير 2008 01:11
رائحة الطلاء تسبب لي الحساسية· السعال لازمني بسببها لفترة غير قصيرة، وسيدتي لا تكترث لسعالي، كأنها لا تسمعني· تناولت الممسحة ومسحت الأرضية فتلوثت الممسحة بالصبغ وكذلك يدي وثيابي· أصابعي تشققت من استخدام مزيل الصبغ بلا فائدة· جاء موعد إطعام الصغير وبدأ يبكي، فأسرعت إلى المطبخ وأعددت له الطعام، ثم أخذته إليه· شاهدتني سيدتي فصرخت: ماذا تفعلين؟ يداك وثيابك مليئتان بالأصباغ، هيا اذهبي وغيري ملابسك ونظفي يديك ثم عودي لإطعام الصغير· استغربت لقولها فأجبتها: ولكنه يبكي وهو جائع، لماذا لا تطعمينه أنت بنفسك إنه ولدك· ما أن نطقت بهذه العبارة حتى جن جنونها، فهجمت عليّ كالثور الهائج وأخذت بضربي، كنت مرهقة طوال اليوم بعد عمل شاق طويل، شعرت بالظلم وقررت أن أهجر هذا البيت الذي تحول إلى ساحة للمعارك والأجواء المتوترة بعد أن كان جنة حقيقية للجميع· كنت سعيدة وراضية لأنني عملت سنتين لدى هذه الأسرة اللطيفة· وقد وافقت على تجديد عقد عملي لسنتين قادمتين لأنني لم أكن أتوقع بأن تنقلب الأمور على هذا الشكل السيئ· عائلة سعيدة مترابطة، زوج وزوجته وثلاثة أطفال أصغرهم في الثانية وأكبرهم في العاشرة، الزوج مهندس والزوجة مدرسة وهي إنسانة ممتلئة بالحيوية والنشاط، تبتكر الأفكار وتدبر شؤون العائلة بذكاء وحيوية، كانت غاية في الرقة والحنان سعيدة بحياتها، شاكرة لنعمة ربها· أروع شيء هي أيام الإجازات، حيث تقوم العائلة بالنزهة في الحدائق· أقوم بتحضير اللحم والدجاج للشوي، ثم تنطلق العائلة في الصباح حيث الأرض المزروعة الخضراء، نركض أنا والأولاد على العشب ونلعب بالأراجيح، يقوم سيدي بالشواء وهو يجهز كل شيء ثمينادينا لتناول الطعام الشهي فنتناوله باستمتاع شديد· أما أروع الرحلات فكانت عندما نذهب إلى البحر، كنت أشعر بالحماس الشديد لتلك الرحلة حيث نتمتع باللعب والسباحة· انقلبت كل تلك الأمور فجأة وبشكل غير متوقع حتى أصبح الحال لا يطاق في هذا البيت· سافر سيدي إلى بلده في إجازة كان من المقرر أن تكون قصيرة ولكن بعد أن طالت المدة قلقت سيدتي وصارت تستحثه على العودة وهو يماطل، وبعد مضي شهر ونصف الشهر أخبرها بأنه قرر العودة أخيراً· فرحت سيدتي وقامت بتعديلات كثيرة على البيت، ووزعت الورود هنا وهناك ثم ذهبت إلى الصالون فصبغت شعرها وقصته، ولبست ثياباً أنيقة ووضعت المكياج بانتظار زوجها الذي فاجأها بإحضار ابنة عمه معه، وقد برر ذلك بأن عمه كلفه بإيجاد عمل لها، ولم تكن سيدتي غبية أبداً، إذ سرعان ما عرفت بأنه قد تزوج ابنة عمه وأحضرها معه لتعيش مع أسرته· كان وقع الأمر كالصاعقة على رأسها وبصراحة لم أكن أدرك حجم المأساة إلا عندما وجدت سيدتي تصرخ وتتمرغ في الأرض كالشاة الذبيحة، تبكي وتلطم خدودها، حاولت مساعدتها فلم أفلح· عندما شعر سيدي بحجم الإساءة التي أحدثها لأم أولاده أخذ زوجته وخرج· منذ ذلك اليوم تحولت هذه المرأة إلى إنسانة أخرى لا تطاق· صارت عصبية متوترة لا يمكن التعامل معها· تركت عملها، وأهملت أولادها ولم تعد تكترث لأي شيء· صارت تقضي وقتها مستلقية على الأريكة تشاهد المسلسلات التلفزيونية وتبكي، وإذا أخطأ أحد منا أنا أو الأولاد فإنها تقوم بضربنا بلا رحمة· تبدل صوتها الحنون إلى صراخ مزعج، ووجهها الودود إلى وجه يشبه الساحرات الشريرات، صرت أرتعب من سماع صوتها، كذلك الأطفال صاروا يخافون منها، فبمجرد أن تصرخ الكل يلوذ بالفرار· حاول سيدي استرضاءها بكل الوسائل فتظاهرت بأنها راضية ولكنها تبدو وكأنها مصرة على الانتقام من الجميع· ازدادت طلباتها في تبديل الأثاث وصبغ المنزل وشراء ما يلزم وما لا يلزم، كطريقة للانتقام من زوجها عموماً، فأنا ليس لي ذنب في كل ما يحدث ولو بقيت هنا يوماً آخر فلربما تقتلني هذه المرأة، لذلك اتصلت بسيدي وطلبت أن يجد حلاً لي لأنني قررت النفاذ بجلدي من هذا الوضع التعس· اقترح عليّ سيدي أن أعمل في بيته الآخر مع زوجته الثانية فقبلت فوراً فأخذني إلى هناك حيث الهدوء وقلة العمل، مع أن زوجته الثانية لا تعمل وهي ربة بيت إلا أنه يخاف عليها من الشعور بالوحدة عندما يذهب إلى العمل أو إلى بيته الآخر وهذا الشيء من صالحي طبعاً· لا أدري ماذا سيكون وقع هذا الخبر على سيدتي، لابد أنها ستموت كمداً إذا عرفت الحقيقة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©