الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد زينهم: الفن الإسلامي عالمي بروح واحدة وأجساد كثيرة

محمد زينهم: الفن الإسلامي عالمي بروح واحدة وأجساد كثيرة
18 أغسطس 2011 22:20
عشق الفنان التشكيلي الدكتور محمد زينهم عمارة القاهرة الفاطمية، وضواحيها في الغورية والحسين والجمالية، والتي كان يتعامل معها من خلال النقل بالرسم منذ المرحلة الثانوية، ويصفها بأنها أهم أعمال الفنون الإسلامية، وبعد أن التحق بكلية الفنون التطبيقية، قسم الزخرفة التطبيقية، بدأ يهتم بالنواحي الفنية التي تحقق عنصر الأصالة والمعاصرة في الفن الإسلامي، ولذلك كان بحثه لنيل درجة الماجستير في الموضوعات التي تهتم بالعمارة الدينية سواء المسيحية أو الإسلامية، ثم نال درجة دكتوراه الفلسفة من روسيا في الخامات المستخدمة في الأعمال الفنية، وكيفية تنفيذها في العمارة الفنية. بدأ الفنان محمد زينهم عقب عودته إلى مصر الاهتمام بالتراث الفني الإسلامي، وظهر ذلك في أوائل المعارض التي أقامها ضمن الـ 42 معرضاً شخصياً، وتتعلق بفكر وفلسفة الفن الإسلامي، والعمارة الإسلامية والزجاج في العمارة الإسلامية، كما نشر أغلب أبحاثه العلمية التي تصل إلى 65 بحثاً، في إسبانيا وتركيا وإيطاليا، حول العمارة الإسلامية وموقعها في العالم وفلسفتها الروحانية. الثوابت والمتغيرات وكان أول كتاب نشره بعنوان “فن عمارة المساجد - الثوابت والمتغيرات في التطوير والترميم”، أتبعه بكتاب “التواصل الحضاري للفن الإسلامي وتأثيره على فناني العصر الحديث”، وقال إنه تعلم من خلال رؤيته لبيئة القاهرة الفاطمية في القلعة والغورية والحسين وحارة الروم وتحت الربع، فلسفة البناء وفلسفة الزخرفة، واستشعر روحانياتها، حيث اهتم الفنان المسلم بفكرة الترابط في العنصر، فجاءت العناصر الزخرفية متماسكة، وهو ما يتصل بالعقيدة ذاتها، ففي الصلاة يقول الإمام “ساووا الصفوف وسدوا الفرج، إن تسوية الصفوف من تمام الصلاة”، حيث التوازي والتناسق، وهو نفس ما فعله الفنان المسلم بان ربط عناصر الزخرفة لتعطي مسطحاً واحداً ليبعد عنه الشر والشيطان، ويعطي الإحساس بالاستمرارية، وأن الموت قادم إلا أن هناك قيامة وبعثاً. وأضاف أن نقطة التحدي بدأت حينما كان يشارك في احد المؤتمرات بإسبانيا، وإذا بباحث فرنسي يقول إنه لا يوجد ما يسمى الفن الإسلامي، وإنما هو مجرد حرفة، تخرج منتجاً غير فني، فلما عاد إلى مصر مكث بضع سنين في الاشتغال على تطور الفن الإسلامي، كي يؤكد للعالم الغربي أن الفن الإسلامي عالمي، وأن فنانيهم العظام أمثال ماتيس وبيكاسو وموندريان وفازاريلي، ومارك شاجال وبول كليه، جميعهم أخذوا عن الفن الإسلامي وأقاموا فنهم عليه، وأشار إلى ذلك في كتابه “التواصل الحضاري”، وأظهر لهم نماذج التأثر بالفن الإسلامي، وكيفية توظيفه في أعمال فناني الغرب، لخلق عناصر جديدة. تنمية المهارات وبدأ زينهم مرحلة لاحقة أساسها التفكير في تنمية المهارات التي تؤكد الأصالة والتجديد في الفن الجمالي، وأيضاً على مستوى الانتاج النفعي، لذلك شرع في دراسة فلسفة ذلك الفن والخامات المستخدمة فيه، والمشاكل التي تعوق المرممين الأجانب، لدى ترميمهم الأعمال الإسلامية القديمة في مصر، وطرقهم غير الصحيحة في الترميم، خاصة في عمليات ترميم الجامع الأزهر، حيث اكتشف أن هناك أكثر من 20 نوعاً من المواد المستخدمة في الزخرفة الإسلامية انقرضت. وأكد زينهم أن الفن الإسلامي فن عالمي، وليس فناً أرضياً، فهو روح واحدة ذات أجساد كثيرة، حيث أن فلسفة الفن الإسلامي هي عدم مضاهاة الروح، والتقليل من تشبيه خلق الله، وتجديد المضمون، فمثلاً في مصر حينما شرع الفاطميون في تنفيذ الأعمال الفنية الإسلامية اعتمدوا على أسلوب المصري القديم في الأفريسك للرسم على الجدران، وبدأوا تنفيذ الزخرفة التي تتناسب مع مصر، وبنوعية الأحجار الموجودة فيها، وحينما انتقل الإسلام إلى إيران وأفغانستان وأذربيجان ذات الحضارات السابقة، أخذ الفن الإسلامي مضمون تلك الحضارات ونفذه بما يتفق مع روح وفلسفة العقيدة الإسلامية، حيث راعى الفنان المسلم حقوق البيئة، فحينما بنى القبة في مصر، نفذها بطريقة صناعية تتفق مع الفن المصري بتدعيمها بالخشب والبناء فوقه بقوالب الطين وعمل فيها فتحات من أسفل لتجديد الهواء في الجو المصري الحار، ولكنه عند البناء في أوزبكستان أو أذربيجان الباردة المناخ، بنى القبة على النظام الأوروبي الذي شيد عليه دير أيا صوفيا، وقلد تلك القباب، مع تغيير عناصر الزخرفة، وعدم وجود الفتحات، وكذلك الخامات المستخدمة، حيث تجد انه في المغرب استخدموا الطينات المحروقة المزججة أكثر من مصر، وفي مصر اشتغلوا بالخشب ونقره أكثر، وفي إيران اشتغلوا بالفسيفساء، مما يدل على أن العامل البيئي أثر على طريقة البناء والتصميم المعماري، بما يتناسب مع الفن الإسلامي. الفن الوحدوي وقال إن هذا الفن الوحدوي كانت له عدة قوانين وحينما خرج على كل هذه الحضارات، استفاد منها، وهذا يوضح ظهور الصفة التي يتسم بها كل عصر إسلامي، وأنه فن يتوافق مع معطيات كل فترة زمنية. وعن كتاب “ستائر الضوء” الزجاج والمشربية، قال إنه ألفه من خلال بحث عن الزجاج المعشق قدمه إلى مؤتمر أقامته وزارة الثقافة مع مركز الدراسات التاريخية والعلوم الإسلامية بأسطنبول في تركيا، ثم كان كتابه “التواصل الحضاري للفن الإسلامي وتأثيره على فناني العصر الحديث” والذي ترجم إلى الانجليزية والإسبانية، وطبعت منه ثلاث طبعات، وتأسس على بحثه عن تأثير فن الزخرفة الإسلامية على الفنون الأوروبية في عصر النهضة والاستشراق في المدارس الفنية الحديثة، ويصفه بأنه من الأبحاث التي أكد فيها التعريف بالفن الإسلامي وتأثيره على فنون الغرب، واهتمام مصر بإعادة تأهيل العمارة التراثية الإسلامية باعتبارها جزءاً من حضارة الشعوب من خلال استنباط حلول تكنولوجية مستحدثة علمياً وفنياً للحفاظ على التراث وصيانته وترميمه وتطويره ومن خلال بحثه في الاستفادة من تكنولوجيا فن الزجاج في تصميم قباب المساجد الحديثة في مصر، وطلب من حسين بكري مصمم مسجدي الفتح والنور تنفيذ قباب من الزجاج المعشق، فصمم ونفذ أكبر 4 قباب في العالم العربي ووسط آسيا في مسجد النور، وكان قطر كل قبة 14 متراً، إضافة إلى الاستفادة من الأساليب العلمية في ترميم الأعمال الفنية في العمارة الإسلامية تطبيقاً على مكتب علي باشا مبارك بوزارة التربية والتعليم، قصر الأميرة فائقة سابقاً، حيث أعاد ترميمه استرشاداً بأجزاء قليلة جداً متبقية. وظيفة العمل الفني يعتبر زينهم أن العمل الفني يجب أن تكون له وظيفة، إلى جانب قيمته الجمالية، باستغلال كل إمكانات الفن الحديث المتأصل بالعلاقات المصرية سواء إسلامي أو مصري قديم، واستخدام المواد الصالحة لعمليات الترميم، التي تتوافق مع المواد القديمة حتى يكون هناك تجانس وترابط، ولا يحدث إحلال لبعض المواد، ثم استخدام التكنولوجيا المتطورة التي تصلح لعملية الترميم، والبحث عن كيفية عمل فكر مدرسي للحرف اليدوية التقليدية التي تساعد في توفير الحرفي العاشق لهذا التراث.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©