الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من دفاتر الخادمات الضيفة الثقيلة

من دفاتر الخادمات الضيفة الثقيلة
6 يناير 2008 00:31
أكثر ما يزعجني في هذا البيت الذي أعمل فيه هو كثرة الضيوف، إنهم أناس يعشقون مجيء الضيوف إلى بيتهم، لا أدري ماذا يستفيدون من كثرة تواجد الأهل والأصحاب كل يوم تقريباً؟ الحال مختلف عندنا، فنحن لا نستقبل الضيوف إلا في المناسبات، وغالباً ما يكون العدد محدوداً، أما الشخص الذي يزورنا بلا موعد مسبق فإننا نعتذر منه بلطف ولا نقدم له الطعام، فالطعام يكون على عدد الأشخاص فقط ولا يزيد على ذلك شيئاً· أما هنا فالغريب هو أن سيدتي تطبخ كل يوم طعاماً إضافياً يزيد عن حاجة الموجودين، وعندما أسألها عن السبب تقول: ربما يأتينا ضيف غير متوقع، وعندما لا يأتي ذلك الضيف فإن الطعام الزائد يكون من نصيبي أنا والسائق والمزارع· لقد ازداد وزني منذ أن جئت إلى هنا أكثر من عشرة كيلوجرامات بسبب كثرة الطعام، وبالطبع فإنني مرتاحة جداً لهذه الزيادة التي ساهمت في تحسين شكلي مئة بالمئة، ويا خوفي لأنني سأخسرها بمجرد عودتي إلى بلدي بسبب قلة الطعام هناك· لا أحد يعلم كمية التعب والجهد التي أبذلها عند قدوم الضيوف، ''صواني'' الشاي والقهوة لا تتوقف أبداً، كما أن الجزء الأصعب هو الأكلات المنوعة التي تعدها سيدتي والتي أضطر للمساعدة في إعدادها، فكما تعلمون أن الفوالة لم تعد تقتصر على القهوة والتمر وصينية الفواكه، وإنما صارت تتعداها إلى أصناف متعددة حديثة وقديمة· لا أنكر أن سيدتي تجيد إعداد الطعام ولكن لا أحد يتذكر أنني أنا من يقوم بتجهيز وتحضير كل ما يلزم، وفي معظم الأحيان أقوم أنا بإعداد بعض الأطعمة، فإن كان الطعام جيداً ادعت سيدتي أنها هي التي أعدته، وإن كان سيئاً اعترفت بأنني أنا من صنعه وزادت على ذلك باتهامي بالغباء وعدم الفهم· أما بالنسبة للولائم فإن معناها مجيءٌ الطعام الجاهز من أحد المطابخ أو المطاعم، وهذا شيء من صالحي طبعاً، لأنه يخفف عني عناء المساعدة في إعداده، أما الشيء المزعج في الأمر فهو أنهم يحضرون كميات كبيرة من الطعام أكثر بكثير من حاجة الضيوف، لذلك فإن السيدة تأمرني بتوزيع ما يتبقى ولم تمسه يد على الجيران· وبالطبع فإن هذه المهمة لها جانب سلبي وآخر إيجابي بالنسبة لي، فهي مهمة شاقة ومتعبة حيث أحمل الصحون الكبيرة المليئة بالرز واللحم أو الهريس وأمشي تحت أشعة الشمس لأوزعها هنا وهناك، أما الجانب الإيجابي فهو في الفرصة الجيدة للالتقاء ببعض الخادمات ممن يعملن في البيوت المجاورة والتحدث معهن لمعرفة آخر أخبارهن· قبل أيام جاءتنا ضيفة من منطقة تبعد ساعتين بالسيارة عنا، عرفت أنها قريبة لسيدتي، وقد جاءت لمراجعة بعض الدوائر الحكومية حول مسألة تتعلق بإرثها من زوجها المتوفى قبل عام تقريباً· بقيت هذه المرأة لمدة أسبوع واحد استطاعت خلاله بمكرها زعزعة كيان هذه الأسرة، إنها إنسانة داهية في المكر والحيل التخريبية، فمنذ وصولها وهي تحاول معرفة نقاط الضعف في هذه الأسرة لتتمكن من التغلغل من خلالها لتدمير كيان هذه الأسرة، يبدو أنها مريضة نفسياً، أوأنها مصابة بداء الحسد، فلا ترتاح وهي تجد أسرة سعيدة، ولا تهدأ حتى تخرب كيانها· بعد يوم واحد من وجودها أدركت أن سيدتي تعاني بشدة من كثرة غياب زوجها عن المنزل، وهي صابرة على مضض لأنها مدركة أنه مشغول بعمله كما أخبرها· فما كان من تلك المرأة إلا أن بدأت ''بالزن'' على رأس سيدتي لإقناعها بالتقصي عن حقيقة ما يفعله زوجها من ورائها، فبقيت سيدتي في حالة توتر وعصبية، ثم صارت تحاسب زوجها وتتصل به كل حين لتسأله عن مكان تواجده حتى ضاق بتصرفاتها وصار يوبخها فتوترت العلاقة بينهما بشكل كبير· لم تكتف تلك المرأة بما فعلته من تخريب بين المرأة وزوجها وإنما صارت توغر صدرها ضد أولادها وبناتها، حيث أخذت تتحدث معها وكأنها الأخت الناصحة التي تريد مصلحتها، مذكرة إياها بأن الشدة والصرامة ضروريتان للنجاح في تربية الأولاد، وصارت تحكي لها قصصاً عجيبة عن انحراف الأولاد وصياعة البنات بسبب ضعف أمهاتهم وطيبتهن الزائدة في التعامل معهم·بعد هذا ''الزن'' المستمر استطاعت المرأة أن تكسب الجولة من جديد فصارت الأم عصبية مع أولادها تحاسبهم و''تبهدلهم آخر بهدلة'' كلما شاهدت أحداً منهم خارجاً أو داخلاً، ثم أمسكت بالبنات واحدة تلو الأخرى وحاسبتهن حساباً عسيراً على أشياء لم يرتكبنها، حتى أصبح كل من في البيت عصبياً متوتراً·لم تكتف المرأة الشريرة بكل ما فعلته حيث قامت بعمل فتنة بيني وبين سيدتي لتظهرني بمظهر الكاذبة المخادعة الكسولة، وقد عانيت معاناة شديدة كي أبرئ نفسي من اتهامها· أخيراً عادت تلك الضيفة الثقيلة من حيث جاءت بعد أن تركت خراباً نفسياً كبيراً لدى جميع أفراد الأسرة، احتاجت سيدتي لوقت غير قليل حتى تعود لسابق عهدها وتعود أمور البيت كما كانت من قبل· أتمنى ألا يأتينا ضيوف سيئون مثل تلك المرأة التي عقدتني من مجيء أي ضيف إلى البيت، مع أن كل زوارنا من الناس الطيبين إلا تلك المرأة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©