الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بيوت بيروت العتيقة·· زمانها ولّى وعلاها الغبار

بيوت بيروت العتيقة·· زمانها ولّى وعلاها الغبار
17 فبراير 2008 01:13
بيوت بيروت ومنازلها القديمة··· وهل بقي في لبنان بيوت تراثية عتيقة، والجمال قد رحل الى غير رجعة؟ سطوح القرميد، الاعمدة الرخامية، الغرف الواسعة، الممرات الطويلة، الحدائق الخضراء، و··· الذكريات· في الطفولة كنا نشاهد كل ذلك، ونحن نقف خلف الاسوار، تدفعنا ''حشريتنا'' لاكتشاف ذلك المجهول الجميل، رمز العز والجاه والسلطان وكثيراً ما كنا نطرد، تلاحقنا حجارة النواطير او نباح الكلاب، لكن تبقى في الذهن ذكريات وصور· قصر فرعون، قصر دياب، قصر بسترس، قصر سرسق، فيلا الصمدي، بيت الداعوق، جنبلاط، ارسلان، حمادة، عويني··· صور رائعة لأماكن يتمنى الجميع امتلاك ما يشبهها لانها رمز للرفعة وسط الاحياء الشعبية، حيث تتناثر البيوت الصغيرة على اطرافها كالاقزام، ولا تجرؤ على التطاول او الاقتراب منها· منزل آل فرعون منزل آل فرعون الذي اطلق عليه اسم القصر، بني في سنة ،1892 وقد اسس على الطراز القديم، هذا الفن الذي تتميز فيه بعض البيوتات القديمة في بيروت، والذي انقرض الى غير رجعة، حيث ركب الجميع موجة البناء الحديث، البعيد كل البعد عن الاصالة الشرقية، وروح التراث التي كانت تعطي بيوت بيروت رونقاً فريداً من نوعه· وقد اكتسب هذا المنزل نموذجاً تاريخياً للتراث الشرقي القديم، فأخذ شهرة واسعة، جعلته محط انظار البعثات الاجنبية، ومرجعاً مهماً لتاريخ التحف والايقونات والفضيات على انواعها· يقول هنري فرعون في مذكراته: من المضحك ان هواية تربية الخيول العربية الاصيلة، هي التي دفعتني الى بناء هذا البيت والى تزيينه بعظمة الفن الهندسي التي اشتهر بها، فأسفاري المتعددة الى الخارج لاسيما الجزيرة العربية وسوريا لاقتناء الاحصنة العربية، حيث كنت املك اكبر ''ياخور'' في العالم، كسبت من ورائه 4200 جائزة، وهذا الرقم قياسي قل نظيره، وكانت الشام في ذلك الوقت تحافظ على نسل الحصان العربي وتهتم بتربيته، فأقمت علاقات ودّ وصداقة مع اصحاب هذه الهواية، فدخلت منازلهم، وفوجئت بجمال تراثها وعظمة الفن الذي تتميز به، هنا بدأت هواية شراء التحف والايقونات واللوحات الاثرية التي لا تقدر بثمن، بالاضافة الى التماثيل الرومانية ومخطوطات مختلفة من عهد المماليك، واول صفقة شراء عقدتها كانت مع جد شكري القوتلي، والثانية مع رجل من آل النابلسي، وكرت السبحة وبدأت اقتني الاثاث الشرقي، وكل ما يحمل البصمات العربية التي كان يفضل اصحابها الحضارة الغربية عليها· غرفة ديغول ويذكر فرعون ان الرئيس الراحل شارل حلو ذهب مرة الى فرنسا بزيارة رسمية، وهناك التقى الرئيس ديغول، ووجه اليه دعوة لزيارة لبنان، وبعد فترة قال لي الرئيس الحلو، انه لا توجد غرفة في القصر الجمهوري تليق بالرئيس الفرنسي وطلب مني استضافته في منزلي، ولهذا السبب احضرت سريراً خاصاً يناسب طول قامة ديغول، ويومها طرأت ظروف قاهرة منعت الرئيس ديغول من زيارة لبنان، فبقيت هذه الغرفة حتى الآن تعرف باسم غرفة ديغول· نقوش مرسومة باليد منزل آل اللاذقي قرب المنارة، يعتبر من اكبر بيوت بيروت القديمة، ويتكون من اربعة صالونات واربع غرف نوم، عدا المنتفعات الباقية والتي تعتبر تراثاً عتيقاً للفن المعماري الذي يجمع عظمة الهندسة وجمال البناء· اصيب هذا المنزل بأضرار جسيمة من جراء الاحداث المؤسفة، حيث تفجرت ''قساطل'' المياه فغمرت غرف البيت بالمياه، والحقت ضرراً ببعض النقوش المرسومة باليد، والتي استغرق رسمها سنوات عديدة· ويمثل هذا المنزل الذي توارثه الاحفاد من الاجداد والابناء، بيروت القديمة بعاداتها وتقاليدها، بحضارتها وهندستها· منزل آل جنبلاط منزل آل جنبلاط القديم بتراثه وتاريخه بني في ·1903 يتكون من 16 غرفة، وحديقة جميلة مزينة بـ''تراس'' شرقي قديم، يذكرك ببيروت العتيقة، لان كل دراسة للعمران العتيق، يجب ان تكون مرنة بما فيه الكفاية، للتمكن من استيعاب التغيرات الممكنة، آخذة في الاعتبار مسائل التطور التقني والعلمي· منزل عمره 100 سنة بيت آل الداعوق الذي يملكه ابراهيم الداعوق وشقيقته عنبرة، هو منزل قديم لا يقل عمره عن 100 سنة، يمتاز بهندسته الشرقية وببصمات الفن العربي، ويعتبر هذا المنزل من آثار الماضي المرتبط مع المستقبل، بشكل يتيح لنا ان نرى التراث الماضي وتطور الحاضر· بعض بيوت بيروت لم تشتهر بتراثها وهندسة الفن المعماري الشرقي فيها فقط، بل ذاع صيتها بسبب بعض الاحداث والذكريات التي دخلت التاريخ من بابه الواسع· عرفت بيروت المآسي والمصائب، وفي كل مرة كانت ''ورشة'' العمران تنهض من تحت الركام لتعود وترسم مجدداً تاريخ الارادة الصلبة، ولتعض على جراح النزيف المستمر· بيوت بيروت العتيقة بقيت في وطن الحرب، بعضها هجره سكانه وهجرته الذكريات، والبعض الآخر عجز عن الهجرة فبقي مع ايام الماضي يتحسر، يدافع عن تراثه، يحاول الحفاظ على ارث في زمن الارث الضائع· هل تبقى بيوت بيروت ''العتيقة'' رمزاً لعز مضى بعدما دحرتها الحرب، فتراكم الغبار على حجارتها الرخامية؟ ام ان الحياة ستدب بها من جديد لتعود الى اسوارها العتيقة؟
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©