الجميلة والمجنون

الحب أكذوبة كبرى، وهم وخداع واحتيال، قالت بعصبية: زمن الرومانسية والمشاعر الجميلة لم يعد له وجود، سهر العشاق ولهيب الأشواق وقضاء الساعات في تأمل القمر وعد النجوم أوهام تصنعها كتابات الجالسين في أبراج عاجية، هل تسألني عن قيس وليلى، عن كثير وعزة؟، سؤالك يؤكد انفصالك عن الواقع، فلو أن قيس بن الملوح تزوج ليلى العامرية لكان أصيب بالجنون أيضا، بسبب نكد الحياة الزوجية، بصراحة قيس، كان محكوما عليه بالجنون سواء تزوج ليلى أو لم يتزوجها· قالت محدثتي: التقيت به لأول مرة في الجامعة، كان هو المعيد المكلف ببرنامج التدريب العملي لمجموعة من الطلاب كنت واحدة منهم·· البداية كانت اهتماما خاصا لم يخف علي، كنت أتظاهر باللامبالاة أو عدم الفهم، شهور قليلة خرج بعدها الحب الصامت من قمقمه، تحول إلى مشاعر ملتهبة كان يحاصرني بها كلما التقينا، استجبت له كأي فتاة تبحث عن شريك المستقبل، اتفقنا على الارتباط بعد أن انهي دراستي وبعد أن يحصل هو على درجة الماجستير· مازلت اذكر كلماته، كان رائعا في وصف مشاعره، أكد لي مرات ومرات أن هدفه في الحياة أصبح منذ التقينا هو إسعادي، كان يصاب بالجنون أن غبت يوما عن الكلية·· كان لا ينام قبل أن يتحدث إليّ ساعات طويلة كل يوم·· كان يتذكر كل شيء يتعلق بعلاقتنا، أعترف أنني استسلمت وتم الزواج· مرت شهور زواجنا الأولى كالحلم الجميل، وفجأة انتهى الحلم وظهرت الحقيقة، ينبوع الحب نضب، الكلمات الحلوة اختفت، لا شيء سوى الملل والشجار، أصبحت بالنسبة له كقطعة الأثاث، لا يتذكرها إلا عندما ''يستعملها''، تحولت حياتي معه إلى سجن فطلبت الانفصال ولعنت الحب· قلت لمحدثتي: سيبقى الحب أنبل المشاعر وأرقاها، أما تجربتك معه، فذلك أمر آخر·· وللحديث بقية بإذن الله· أبو أمنية alhefnawi@yahoo.com