الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مبادرة لإقراض أصحاب الأعمال والمهن الحرة في مصر

مبادرة لإقراض أصحاب الأعمال والمهن الحرة في مصر
21 يناير 2011 22:01
دخلت ستة بنوك عامة واستثمارية في مصر الأسبوع قبل الماضي مفاوضات مع وزارة المالية المصرية لدراسة إطلاق مبادرة جديدة للتحفيز الاقتصادي يتم بموجبها توفير قروض لأصحاب الأعمال والمهن الحرة يتراوح حجم القرض بين 50 و100 ألف جنيه. وتستهدف المبادرة استكمال منظومة “التحفيز الاستهلاكي والانتاجي” لدفع معدلات النمو خلال العام 2011، حيث تكمل هذه المبادرة مبادرة تمويل قروض استهلاكية لموظفي الجهاز الحكومي وعددهم 6 ملايين وهي المبادرة التي دخلت حيز التنفيذ منذ مطلع العام الجاري ورصدت لها ثلاثة بنوك هي الأهلي المصري والقاهرة والاسكندرية نحو عشرة مليارات جنيه حيث تضمن وزارة المالية هذه القروض مقابل معدل فائدة بسيط يتراوح بين 10 و11 بالمئة. وفي المبادرة الجديدة. ينتظر رصد 5 مليارات جنيه مبدئياً حيث تستهدف نحو مليون من المهنيين وأصحاب الأعمال الحرة والمشروعات الخدمية والانتاجية من ورش ومطاعم وغيرها ويجري تنفيذ المبادرة خلال النصف الثاني من العام الجاري بعد اختبار مبادرة قروض الموظفين وتقييم التجربة. وتسعى وزارة المالية الى تنشيط الطلب في هيكل الاقتصاد الكلي بمصر عبر هذه المبادرات التي توفر تمويلاً يعزز الاستهلاك مما يعني قدرة عالية من المنتجين على تصريف منتجاتهم في السوق المحلية وتحقيق معدلات نمو مقبولة لاسيما، حيث اعلنت الحكومة عزمها على تحقيق معدل في حدود 7% خلال العام المالي 2011 ـ 2012 يرتفع إلى 8% في العام الذي يليه. وتجد وزارة المالية في المبادرات الجديدة التي تطلقها تباعاً بديلاً جيداً أو مكملاً لخطط التحفيز الحكومية التي نفذتها العام الماضي بمبلغ يزيد على 30 مليار جنيه للحفاظ على معدل النمو، لاسيما وأن هذه المبادرات يتولى الجهاز المصرفي تدبير التمويل اللازم لها ومن ثم تخفيف أعباء النمو عن الموازنة العامة للدولة كما تسهم في توظيف جزء من السيولة المتراكمة لدى البنوك في مشروعات انتاجية وخدمية. وترتكز مبادرة تمويل أصحاب الأعمال الحرة على أن قروض الموظفين التي بدأت البنوك ضخها بعد إجراء العديد من التيسيرات عليها مثل الغاء الرسوم الإدارية ونظام الحد الأدنى للراتب الذي كانت تشترطه المبادرة عند بدء إطلاقها سوف تسهم في سحب جانب مهم من السلع الموجودة بالأسواق ويزداد الطلب عليها في ظل نقص المعروض منها ومن ثم يصبح من المهم تجهيز المنتجين لزيادة طاقاتهم عبر توفير تمويل ميسر في اطار مبادرة قومية يستفيد منها أكبر عدد منهم. وترتكز المبادرة على أن أصحاب المهن الحرة ممن يقدمون خدمات مباشرة للمستهلكين في حاجة الى تمويل ميسر لتوسيع أنشطتهم لمواكبة الطلب الذي سوف يتزايد على هذه الخدمات أو بهدف الاستفادة من النمو. وتستفيد مبادرة تمويل أصحاب الأعمال الحرة من ضوء أخضر منحه البنك المركزي المصري منذ فترة لوحدات الجهاز المصرفي العاملة في السوق المحلية بتشجيع عمليات منح الائتمان لتعزيز معدلات التشغيل ومواجهة عودة البطالة للارتفاع والتي تجاوزت 10,8%، حسب أحدث الإحصاءات الحكومية كما تستفيد المبادرة من رغبة البنوك في تشغيل جانب من سيولة متراكمة تكاد تقترب من التريليون جنيه بينما ينكمش الطلب على الائتمان تدريجيا مما خلق فجوة كبيرة بين حجم الودائع ومعدلات التوظيف داخل البنوك وهو ما يهدد مستويات الربحية. وتستند وزارة المالية المصرية في مبادراتها المتتالية إلى دراسة اجرتها مؤخراً تؤكد أن معدلات النمو المتسارعة التي تحققت في مصر على مدى السنوات الماضية كانت تعود إلى مصدرين: الأول خارجي يتعلق بتدفقات رؤوس أموال من خارج البلاد في شكل استثمار أجنبي مباشر أو غير مباشر أو تحويلات مالية للمصريين العاملين بالخارج تدور حول عشرة مليارات دولار سنوياً، والثاني داخلي يتمثل في معدلات الاستهلاك العالية بالسوق المحلية، حيث كشفت الدراسة على أن نحو 80 بالمئة من نسبة النمو تعود الى الاستهلاك السريع لكافة أنواع السلع والمنتجات والخدمات الصحية والتعليمية والترفيهية ومن ثم فإن خيار دعم الاستهلاك سوف يؤدي إلى تسارع وتيرة النمو في العام الجديد. ويرى خبراء اقتصاديون أن مبادرات وزارة المالية سوف تسهم في إنعاش السوق وتحريك الاستهلاك وتنشيط الطلب على مختلف السلع والخدمات وتخفف العبء عن الموازنة العامة للدولة. ويحذر هؤلاء الخبراء من أن الإفراط في التمويل الاستهلاكي قد يتسبب في بعض الأضرار للاقتصاد الكلي على المدى البعيد مثل السماح بارتفاع معدل غير مقبول للتضخم مما يؤثر سلباً على فئات اخرى من المجتمع من غير المستفيدين من هذه البرامج التمويلية. وقد يرى البنك المركزي والسلطات النقدية المصرية أن ارتفاع معدل الاستهلاك يعكس حجم أموال كبير متداول خارج الجهاز المصرفي وبالتالي قد يلجأ لبعض الإجراءات التي من شأنها أن تصيب أصحاب المدخرات بمزيد من الأضرار مثل استمراره في سياسة تثبيت أو خفض أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم ومن ثم تجد فئات من المصريين نفسها تتعرض للضرر الشديد. ويتمثل الضرر الثالث في امكانية استغلال بعض المنتجين للطلب القوي على السلع في رفع الأسعار أو خفض مستويات الجودة أو التلاعب في المواصفات أو تصريف سلع راكدة أو منتهية الصلاحية وبالتالي تتسع دائرة العشوائية في الأسواق وتضر بحركة التجارة الداخلية أو قد يفضل المنتجون البيع بأسعار مرتفعة في السوق الداخلية على البيع بأجل للأسواق الخارجية ومن ثم يتأثر معدل الصادرات المصرية رغم أن وزارة التجارة حددت هدفاً يقضي بالوصول بإجمالي قيمة الصادرات إلى 200 مليار جنيه خلال السنوات الأربع القادمة ارتفاعاً من 100 مليار جنيه في العام الماضي. ويؤكد الخبير الاقتصادي رائد علام، رئيس إحدى شركات الاستشارات المالية، أن هذه المبادرات وان كانت تصب في دائرة تعزيز النمو فإنها تنطوي على موجه كاسحة من التضخم بدأت ملامحها بالفعل وتبدى ذلك في سوق مواد البناء والتشييد حيث تواصل الأسعار ارتفاعها اليومي مدعومة بطلب قوي من الأفراد والشركات. كما أن المؤشرات الخاصة بارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية والتي تدور حول 95 دولارا للبرميل حاليا تعزز هذا الاتجاه التضخمي في السوق المصرية لاسيما أن منتجات البترول تدخل في العديد من المواد اللازمة لقطاع الانشاءات مثل صناعات مواسير البلاستيك ومواد العزل وغيرها واذا كانت صناعة التشييد تقود أكثر من 70 صناعة ومهنة مغذية ومساعدة لها فإننا يمكن أن نتصور مستويات الارتفاعات المتوقعة للأسعار في مصر في المرحلة المقبلة والمهم وضع الآليات اللازمة لمواجهة هذه الموجه التضخمية لأن مبلغ عشرين مليار جنيه ليس رقماً محدوداً وسوف يحدث انقلاباً استهلاكياً في السوق إذا تم استخدامه بلا ضوابط. ويؤكد باسل رحمي، رئيس قطاع التجزئة في بنك الاسكندرية، أن المبادرات الأخيرة لتنشيط الاستهلاك التي قادتها وزارة المالية ونفذتها باقتدار البنوك والتي بدأت بمبادرة إحلال التاكسي لعبت دورا مهما في تعزيز النمو خلال العام الماضي والمتوقع أن تواصل المبادرات الجديدة والخاصة بالتمويل الاستهلاكي دورها في مساعدة الاقتصاد. وقال رحمي إن “الخوف من التضخم يجب ألا يثنينا عن مثل هذه المبادرات لأن آفاق النمو أكثر إيجابية على المواطن في نهاية المطاف حيث تعني مزيداً من التشغيل الذي يعني دخلاً إضافياً للمصريين. وليس صحيحاً أن هذه القروض سوف يتم توجيهها لإنفاق استهلاكي حيث سيتم استخدام جزء منها في سداد أقساط وحدات سكنية أو مقدمات حجز وأشياء من هذا القبيل”، مشيراً إلى أن قطاعات عديدة تستفيد من هذه المبادرات وتمويل أصحاب المشروعات والمهن الحرة لن يوجه إلى الاستهلاك بطبيعة الحال بل يتم استخدامه في شراء مواد خام أو ماكينات أي تمويل دورة إنتاجية وتستفيد منه القطاعات الموردة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©