نبش الغيابات الإنسانية

السيد حسن (الفجيرة)- قدم مهرجان الفجيرة الدولي السادس للمونودراما وعلى خشبة مسرح جمعية دبا الفجيرة وبيت المونودراما، مساء أمس الأول، عرضين مسرحيين من المملكة الأردنية وأستراليا. العرض الأول يحمل عنوان “عشيات حلم” تأليف مفلح العدوان، وإخراج فراس المصري، ومن أداء أريج الجبور، وقدم على خشبة مسرح جمعية دبا الفجيرة للثقافة والفنون الشعبية. أما العرض الثاني فهو “نساء مدانات” أو “منفى مدى الحياة” من تأليف، وإخراج أناتولي فروزين، وتمثيل جولانتا جوزكيوتش، وهو لمسرح كروبكا، وتم تقديمه على خشبة مسرح المونودراما المقابل لمسرح دبا. ويتفق العرضان كما باقي العروض التي قدمت في المهرجان حتى الآن، على المعاناة الإنسانية وإن كانت للنساء الحصة الأكبر فيما يقدمه المهرجان. عشيات حلم يستلهم عرض “عشيات حلم” التاريخ في رمزية موظفة للواقع، يكشف لنا المفردات التراثية الأردنية منتقداً غياب عرار الطويل، في وقت تضيع فيه الأشياء والأنفس في الوقائع اليومية، فلا يسأل عنها أحد. وتمضي السنون على وقع النسيان لمأثورات التاريخ ودندشته، ليأتي الحاضر الممسوخ بكل ما فيه من غلظة خالياً تماما من معالم الهوية. بدأ عرض “عشيات حلم” بمرور ممثلته أريج الجبور أسفل خشبة المسرح وهي تنادي: “يا الله يا منزل السحايا” مكررة النداء أكثر من عشر مرات، ثم تصعد لتتبين لنا معالم الفرجة في فضاء المسرح؛ رحى قديمة، وجرار عفا عليها الزمن، وطبق مليء بالطحين. أدوات قديمة تتماشى مع نص العرض، وتنقل صورة المكان التقليدي في البيئة البدوية الأردنية. وقد بدت كل الأدوات على خشبة المسرح متمازجة ومتجانسة تماما وكأنها لوحة تراثية، باستثناء ملابس أريج الجبور التي ظهرت نشازاً في هذا الطقس التراثي، فضلاً عن أنها أظهرت ساقيها بشكل ملفت للجمهور الحاضر، ما كان سبباً في تشتيت تركيز الكثيرين. لم تكن الملابس مبررة، ولم توظف في العرض الذي يتأسس على شخصية بدوية تعيش في أحضان البتراء وعرار وغيرها من المدن التاريخية. رغم ذلك، كان العرض موفقا في كثير من جوانبه،وجاءت بعض الصموتات المسرحية لتعزز دلالات التيه والحيرة، خاصة في المشهد الأول عقب صعود الممثلة وبدء دوران الرحى، أما اللغة المستخدمة في المسرحية فجاءت شعرية، راقية، تخاطب الضمير الضمير الإنساني وتمس الوجدان، لكن هذه اللغة قد تستعصي على المتفرج العادي أو لا يستوعبها. لقد بدأ العرض بأوجاع وآهات الألم ولم يصل في عنفوان ذروته إلى المسرة التي نبحث عنها جميعا مع بلوغ الهدف، لأنه لم يصل لشيء، بل ظل الأمل هكذا متخبطا في فضاء المسرح في البحث عن الحلم الضائع، عن عرار، الحالة الشعرية والإنسانية، وعن المدينة أو مناخها وطقسها الثقافي الذي أنجب هذه الشخصية الجميلة، المدينة التي تاهت كما تاه غيرها من المدن في خضم الحياة اللاهث، وكما يضيع في متاهات الإنسانية وعلى مدار السنين أحباب لهم في قلوبنا الكثير من الحب. وفي “عشيات حلم” وظف العود العربي توظيفاً رائعاً، فلم ننس مع أناته المتقنة أننا نحيا في سينوغرافيا بدوية، وقد انبث في أفق المسرح صوت عربي جميل على نغماته الآسرة التي ربما كانت أبرز من الأداء المسرحي للفنانة أريج جبور، حيث اتسم الأداء بالخطابة أكثر منه تعبيراً داخلياً خالصاً وإحساساً عميقاً بما تقوله من أشعار رائعة. نساء مدانات عرض أسترالي، يتناول قضية المرأة منذ زمن بعيد، حيث عصر النهضة وما جلبته تلك الحقبة من آثار سيئة على المرأة في أوروبا وخاصة بريطانيا، والنص يستعرض لنا من خلال شخصية نسائية ما آلت إليه الأمور في أوروبا في عصر النهضة الصناعية، حيث تم الاستغناء عن السيدات اللاتي كن يعملن حائكات للملابس بالطريقة اليدوية التقليدية. كما يتطرق العرض لقضية النساء اللواتي قاسين في بداية إعمار استراليا خاصة في بريطانيا، حيث سيقت أكثر من 25 ألف سيدة وفتاة من الطبقة الفقيرة إلى تلك القارة الجديدة لتعميرها، وقد لاقين الذل والعبودية والموت في سبيل ذلك. ونجحت، إلى حد كبير، ممثلة العرض في إظهار القهر الكبير الذي تعرضت له السيدات من أجل ذلك، كما كانت الإضاءة موظفة توظيفا جيدا ومناسبا في فضاء المسرح. الكويت تطلق أول مهرجان دولي للمونودراما الفجيرة (الاتحاد) - أعلن جمال اللهو مدير مهرجان الكويت الدولي للمونودراما عن إطلاق أول مهرجان دولي للمونودراما في الكويت، في مارس المقبل، بالتعاون والتنسيق مع مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما. وأكد اللهو حرص المسارح المحلية الخاصة والحكومية في الكويت على المشاركة في الدورة الأولى للمهرجان الذي سيقام في الفترة من 4 إلى 8 من شهر مارس القادم. وقال اللهو لـ «الاتحاد» إن هناك عشرات الدعوات وجهت إلى الدول، كما تم توجيه الدعوات إلى المسارح الخاصة والحكومية والبالغ عددها 120 هيئة فنية خاصة و4 جهات حكومية في الكويت، وسيتم تقديم العروض المسرحية المشاركة في المهرجان على خشبة مسرح معهد الفنون المسرحية في الكويت. وأشار اللهو إلى أن إدارة مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما ستقوم بالمشاركة في الدورة الأولى للمهرجان، كما ستقوم بدعمه من خلال تقديم عرضين من العروض العربية المشاركة، والعرض الثاني من العروض الأجنبية المشاركة في هذه الدورة، وستكون جميع التكاليف على نفقة هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام. يعرض اليوم ? «قانون الجاذبية»، تونس. مسرح جمعية دبا الفجيرة. السادسة مساء. ? «الآنسة جولي» السويد. مسرح بيت المونودراما، الثامنة مساء.