الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خريطة طريق التفاوض مع «طالبان»

14 نوفمبر 2010 21:31
مرت على الحرب مع "طالبان" تسع سنوات متواصلة بينما يتردد الحديث عن تراجع قدرات قوات "الناتو" أو على الأقل عدم استعدادها أو التزامها بحرب أزلية لمجابهة التمرد. وبالنظر إلى كل هذا أصبح السؤال المطروح هو: هل أصبح الوقت جاهزاً للتفاوض حول صفقة مع حركة "طالبان"؟ وإذا كان الأمر كذلك فماذا يعني التفاوض معها من الأساس؟ بوجود ما يربو على 150 ألف جندي في أفغانستان و30 ألفاً آخرين من الجنود الأميركيين في طريقهم إلى هناك مع حلول نهاية هذه السنة، وزيادة قدرها 40 في المئة في هجمات "طالبان" ضد المدنيين والأهداف العسكرية خلال السنوات الأربع الماضية، فليس من المؤكد أن الشروط والأوضاع القائمة لإجراء المفاوضات تبدو مثالية أو مضبوطة لبناء الثقة، أو تخفيض مستويات عدم الثقة المتبادلة وترسيخ قواعد نظام للحوار المستدام للوسطاء. لقد عقد الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القوات الدولية للمساعدة الأمنية وقائد القوات الأميركية، مؤخراً جلسة سياسية وعسكرية مغلقة لوضع الاستراتيجية مع ممثلين من اثنتي عشرة دولة أخرى ذات غالبيات مسلمة، بما فيها إيران، وكذلك منظمة المؤتمر الإسلامي. ويعتبر التدويل بمعنى إشراك الدول الأخرى خطوة مهمة للغاية في اتجاه دعم استقرار أفغانستان نفسها، لأنها تقوّي أدوار الدول المعنية ذات المصلحة والاهتمام بشأن إيجاد أفغانستان مستقرة وذات دور إيجابي في نسيجها الإقليمي والعالمي. وفي عام 2008 أرست المملكة العربية السعودية قواعد المفاوضات عندما استضافت المملكة ممثلين عن مختلف الأطراف الأفغانية في اجتماع خاص لبحث وقف إطلاق النار وإنهاء التمرد. كما اتخذت الحكومة الأفغانية أيضاً من جانبها في السنوات الخمس الماضية خطوات شجاعة بسبب إدراك الحاجة للتوصل إلى تسوية مع مسلحي "طالبان" من خلال قانون التسوية الوطنية والعفو العام والاستقرار الوطني الأفغاني الذي جرى سنّه في يناير 2010 -ومؤخراً من خلال برنامج السلام وإعادة التكامل، الذي يهدف إلى دعم الأمن ومؤسسات الحكم الوطنية. وفي الوقت نفسه تسهيل إعادة المتشددين السابقين إلى مجتمعاتهم واندماجهم فيها بطريقة مسالمة وبناءة. ومن جانبهـم اعتبر بعـض صانعـي السياسة والاستراتيجيين العسكريين المرتبطين بالحرب في أفغانستان، ومنذ فترة طال أمدها، اللاعبين الدينيين إما عقبات أمام صنع السلام أو على أنهم مصدر مؤجج للنزاع والصراع. إلا أن الواقع أكثر تعقيداً من هذه النظرة التبسيطية، وهذا ما ينبغي الاعتراف به، فقد رأينا في أكثر من ساحة دور البعد الديني كعامل مؤثر وفعال في بناء السلام والمصالحة. ومع هذا إذا أخذنا في الاعتبار العداء المستفحل بين قادة "طالبان" والمسؤولين في الحكومة الأفغانية، نرى أن المفاوضات مع متمردي "طالبان" ستشكّل تحديّاً أكبر، خاصة كلما كانت الحركة مفترقة المواقف ومتنافسة الفصائل داخليّاً. ومن الواضح أن فصائل "طالبان" أو التمرد الرئيسية الثلاثة، "شوري كويتا" وهي مجلس قيادة "طالبان" الأعلى، و"الحزب الإسلامي"، و"شبكة حقاني" المرتبطة بأطراف في باكستان، غير قادرة أو غير مستعـدة لأن تأتـي في الوقت الراهن إلى طاولة المفاوضات معاً وبصوت واحد، ولذا فقد يكون من المجدي الاستثمار في تلك الجماعات التي أعربت عن استعدادها للحديث والحوار. وحسب برهان الدين ربّاني، الرئيس الأفغاني السابق من عام 1992 إلى 1996، والرئيس الحالي لـ"الجبهة الوطنية المتحدة" في أفغانستان -وهي تحالف من أحزاب سياسية أفغانية متعددة- كانت هناك مفاوضات لفتح قنوات الاتصال مع "شورى كويتا" و"الحزب الإسلامي" من قبل الملا ضعيف سفير "طالبان" السابق والمتحدث الرسمي باسمها. كما تردد أن الملا عمر، الأب الروحي والزعيم الشعبي لـ"طالبان" طالب الأفغان مرات عديدة بأن يتعامل فقط مع مسؤولين غير فاسدين، وأن تتم محاكمة بعض مسؤولي الحكومة الذين ارتبطوا بشكل واضح بأعمال التعذيب والقتل غير القانونية للمدنيين والمتمردين المشتبه فيهم. وفي هذا السياق، هناك متغيرات ممكنة ذات طبقات متعددة للتفاوض على صفقة يتحول من خلالها أفراد حركة التمرد من متشددين إلى مشاركين في السلطة المدنية. وقد يتطلب هذا في نهاية المطاف أن يأخذ أصحاب المصالح والاهتمامات الآخرين في الاعتبار وجهات نظر "طالبان" في الحياة العامة من السرد الديني، من حيث تأويلاتها الخاصة للدين. وعلى رغم أن البعض قد يعتبرون هذا السرد الديني متناقضاً أو ذا أثر عكسي، إلا أنه ينبغي فهمه حتى يتسنى فهم سبب وجود حركة "طالبان" منذ 21 سنة. وسيثير التفاوض مع وسطاء "طالبان" قضايا تتعلق بتطبيق خطة عمل للتسوية والمصالحة وتطبيق برنامج للمساءلة وتطوير خريطة طريق عملية لإعادة استيعاب المقاتلين السابقين في المجتمع دون إذلال. والأهم من ذلك سيحتاج وسطاء الطرف الثالث إلى ضمان اتفاقيات المشاركة في السلطة وجدول زمني محدد للتطبيق. وستتطلب عملية رعاية ثقافة السلام أثناء المفاوضات وبعدها عملاً متناغماً ومشاركة فعالة للأفراد والمنظمات المدربة في مجال التنمية المستدامة والعدالة الانتقالية وجهود التعافي من الصدمة وبناء السلام وتحويل النزاعات وفي المجمل التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. قمر الهدى متخصص في الدراسات الإسلامية ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©