الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أطفال الشوارع.. أبرياء في قفص الاتهام

أطفال الشوارع.. أبرياء في قفص الاتهام
4 سبتمبر 2014 21:10
حذَّر علماء الدين من خطورة تنامي ظاهرة أطفال الشوارع في المجتمعات العربية والإسلامية بعد أن وصل عددهم في الوطن العربي إلى أكثر من 15 مليون طفل، مؤكدين أن هذه الظاهرة تتناقض تماماً مع قيم الإسلام الداعية إلى التكافل والتعاون بين أفراد المجتمع المسلم، والتي تمنح للطفل حقوقاً تكفل له حياة كريمة وتحميه من أصحاب النفوس الضعيفة التي يستغلون سذاجته سعياً إلى المكاسب المالية، بتشغيل الصغار في أعمال تفوق قدراتهم نظراً لعدم وجود المأوى المناسب لهم، فيضرون إلى العمل وتجنب البقاء في الشارع. أكد العلماء أن الإسلام حريص على أن يكون المجتمع فاضلاً خالياً من المشكلات والظواهر التي تدمر بنيانه، وفي إطار ذلك سعى الإسلام لعلاجها، وأكد على ضرورة كفالة الأطفال بصورة تحافظ على إنسانيتهم، وتهيئتهم ليكونوا أفراداً نافعين. ويرى الداعية الإسلامي د. سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف المصرية الأسبق، أن ظاهرة أطفال الشوارع المنتشرة في بعض المجتمعات من أبرز الظواهر السلبية التي تعاني منها الأمة الإسلامية، فمن المحزن أن نجد أطفالا وقد امتلأت بهم الشوارع والميادين بلا مأوى، وهو بالتأكيد أمر يهدد سلامة واستقرار المجتمعات الإسلامية، حيث يصل عددهم 15 مليوناً في الوطن العربي. ويقول: ظاهرة أطفال الشوارع تتناقض تماما مع ما يدعو إليه الإسلام من قيم التكافل والتعاون على البر والتقوى بين أفراد المجتمع المسلم، فضلاً عن أنها لا تتفق مع المنظومة الإسلامية المتكاملة التي تمنح للطفل حقوقا تكفل له حياة كريمة تليق بالإنسانية التي كرمها الله تعالى بنعمة العقل، والحقيقة أن حقوق الطفل في الإسلام حقوق متكاملة، فهي مقررة من رب العباد العليم بما يصلح للنفس البشرية التي خلقها وسواها، وعندما حفظت الشريعة الإسلامية حق المولود في النسب المعلوم والمشهود عليه والمعلن، وحرمت إنجاب الأطفال خارج العلاقة الزوجية الشرعية، فقد حمت الأطفال من المشكلات المستقبلية. ويؤكد أن أفضل سبل مواجهة ظاهرة أطفال الشوارع يتمثل في الالتزام بحقوق الطفل المقررة في الشريعة الإسلامية، وهي حقوق شاملة وفي إطار هذا الأمر حمت الشريعة الإسلامية الطفل من التبني، وتغيير العقيدة، والاسترقاق، وحفظت حقوق اللقيط والمريض وذوي الاحتياجات الخاصة، وحقه في الحياة وتحريم المتاجرة في أعضائه البشرية تحريماً أبدياً. كما أقرت الشريعة الإسلامية حقوقاً للطفل عجزت القوانين الوضعية عن مماثلتها كحقه في اختيار الأم ذات الأخلاق الحميدة، وحقه في الاسم الحسن، وحقه أن يكون داخل الأسرة، وحقه في الرضاعة، وفي بيئة طاهرة، وفي التربية الإيمانية، كذلك حمت الشريعة الإسلامية الجنين قبل أن يولد بحقه في الميراث. حجر الأساس وتوضح د. آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن الإسلام اهتم بحماية الأطفال بقدر أكبر مما تحمله التشريعات الدولية الحديثة والقديمة لتجريم أي انتهاكات ضدهم، وقد وضع الدين الحنيف حجر الأساس لأسرة طيبة تضيف للمجتمع ولا تنال منه، وهو حجر الزاوية في اهتمام الإسلام بالفرد والمجتمع على حد سواء، وهو السر في الاهتمام غير المسبوق من الدين الإسلامي بعدم استغلال الأطفال الذين يتسربون إلى الشارع بسبب الفقر والجهل وغيرها. وتقول: الإسلام عمل على عدم انتشار ظاهرة أطفال الشوارع، ودعا إلى إيواء المشردين والمساكين لأنهم في حكم اليتامى الذين قال الله فيهم: «قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم». كما أن الإسلام حث كذلك على التكافل بين أفراد المجتمع، بل وجدت في تاريخ الدول الإسلامية الأوقاف التي أوقفها الأغنياء لرعاية المشردين وذوي الحاجة، لأن الإسلام لا يعرف المسلم الذي يعيش وحده معزولا عن مجتمعه ولا يساهم بإيجابية في حل مشكلاته، فالمسلم حقاً هو من يسعى جاهداً في رفع معاناة الناس وتخفيف آلامهم. المنهج الإسلامي وتشدد على ضرورة الرجوع إلى المنهج الإسلامي للقضاء على أي ظواهر اجتماعية سلبية تظهر في المجتمع المسلم، ولعل أهمها ظاهرة أطفال الشوارع، مشيرة إلى أن المنهج الإسلامي وضع ضوابط عديدة للحفاظ على الطفل في كل مراحل حياته، حيث أنه يهتم بالطفل قبل أن يولد، وذلك بوجوب أن يختار له أبوه الأم الصالحة أولاً، ثم بعد ذلك يثبت حق ثبوت النسب والحضانة، وغير ذلك من الحقوق التي أوجبها الإسلام للطفل مثل تعليمه أصول الدين وتدريبه على العبادة، وتأديبه بآداب الإسلام ومكارم الأخلاق، واجتناب المحرمات وسائر العادات والسلوكيات الضارة، والتدرج في منحه الحرية تمهيداً لتحمله المسؤولية الكاملة، وفي إطار المنهج الإسلامي التربوي المتكامل حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يتحمل كل فرد من أفراد الأمة مسؤوليته تجاه أسرته وأبنائه، فقال: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، وقال أيضاً: «لأن يؤدب الرجل ولده خيراً له أن يتصدق بصاع»، فالتربية في الإسلام طريق للمستقبل ودرجة من درجات التقرب من الله، وعندما طبق المسلمون منهج رسول الله في التربية تحقق لهم المجد والتحضر في شتى مجالات الحياة. وتدعو إلى ضرورة تجريم استغلال أطفال الشوارع سواء في الأعمال الشاقة أو الأعمال المنافية للأخلاق العامة ومبادئ الإسلام، مؤكدة أن علاج هذه الظاهرة يحتاج إلى جملة من المراحل من بينها الوقاية لعدم زيادة أعداد أطفال الشوارع والمشردين، وتثقيف المجتمع وزيادة الوعي الديني والمجتمعي في كيفية التعامل مع هذه الظاهرة وعلاجها. الكفالة في الإسلام حفاظ على الإنسانية أكدت الدكتور عبلة الكحلاوي، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن الإسلام الحنيف حريص على الإنسان، وأن يكون المجتمع خالياً من المشكلات والظواهر التي تدمر بنيانه وتفسد العيش فيه، من بين تلك المشكلات التي سعى الإسلام لعلاجها مشكلة أطفال الشوارع، وشدد على ضرورة كفالتهم بصورة تحافظ على إنسانيتهم، وتهيئتهم ودعمهم ليكونوا أفراداً نافعين، وللأسف الشديد تتنامى هذه الظاهرة بشكل كبير، وبالتالي تزداد خطورتها، مما يضعنا أمام مسؤولية كبرى، وواجب يحتم علينا الإسراع برعايتهم وإعادة تأهيلهم لدمجهم في المجتمع، وإذا لم تتدارك الدول والحكومات بالتعاون مع المجتمع المدني هذه المشكلة وتعمل على حلها بسرعة، فإن الخطر سوف يزداد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©