الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سائقو أجرة: تحقيق «الهدف المالي» يزداد صعوبة مع الصيام

سائقو أجرة: تحقيق «الهدف المالي» يزداد صعوبة مع الصيام
19 أغسطس 2011 22:27
شهر رمضان هو شهر الخير والتقوى والمغفرة، ينتظره الناس ليتخلصوا من أعباء نفسية كثيرة كانت تضغط عليهم خلال العادي من الأيام، ويتعاطون معه بوصفه وقتاً مستقطعاً يقيمون خلاله هدنة مع متطلبات الجري وراء الرزق، لينصرفوا نحو إنعاش طاقاتهم الروحية، ودعمها بما يساعدهم على الاستمرار في مواجهة متطلبات العيش، ذلك أن الحياة أسمى من أن تكون مجرد لهاث يومي خلف المادي من الحاجات، بل هي تعكس في بعض تجلياتها مناسبة لتأكيد البعد الروحي في الذات البشرية، ونعمة ربانية يجدر استغلالها في تكريس وترسيخ سمات التسامي التي أودعها الباري، عز وجل، في نفوس عباده. لكل شيء إذا ما تم نقصان، فبعض الشروط الدنيوية يمكنها أن تعيق هذا السعي، وأن تنزع عن الشهر الفضيل بعض صفاته الحميمة، لتدخله في سياق العادي والروتيني من السلوكيات السائدة، فتصادر من الأيام المباركة أعذب ميزاتها، وأبلغ صفاتها، وتحيلها إلى امتداد لمثيلاتها العادية. سعي نحو الهدف يمثل سائقو سيارات الأجرة نماذج لفئة من الناس حرمت من ميزات شتى يتيحها الشهر الفضيل. يشهدونه بينما هم ملزمون بالنأي عن مناخاته الروحانية الدافئة ليبقوا مستغرقين ومستهلكين في شؤون عداداتهم الصماء، إذ أنهم محكومون مهنياً بتحصيل هدف مادي يومي لتأكيد جداراتهم واستحقاقاتهم المهنية، ولا مناص أمامهم من السعي لإنجاز هذا الهدف على حساب أهداف أخرى هي أكثر تعبيراً عن خصوصية رمضان، وأكثر استجابة لمعاينة الحقيقة، يسابق هؤلاء الوقت لمراكمة الأرقام فوق شاشة زجاجية باردة لا تعترف بما يعتمل في نفوسهم من توق روحاني دفين، تغدو مهمتهم في رمضان أكثر صعوبة منها في غيره من الأيام، حيث يخف الطلب على خدماتهم جراء انصراف الناس نحو مشاغل العبادة والتقرب إلى الله، ويكون عليهم مضاعفة الجهد والبحث عن عابري الصدفة لتحقيق هدف رسمه لهم آخرون، يملكون القدرة على تحديد المسار والمصير. ويقول ظهير شاه «مشاكل عديدة تواجهنا أثناء العمل، فإلى جانب قلة الركاب تكون بعض الشوارع في فترة ما قبل الإفطار مكتظة، ويكون علينا أن نمضي أوقاتاً لا بأس بها عالقين في زحمة سير لا ترحم، لهذا فمن النادر أن تكون لدينا القدرة على التحكم في مواعيد إفطارنا، ونادراً أيضاً ما يكون بوسعنا تناول الإفطار قبل مرور وقت لا بأس به على أذان المغرب، إذ قد يحصل أن يباغتنا الآذان في مكان بعيد، وقد يفاجئنا أحياناً بعض الركاب المستعجلين لبلوغ هدف ما فنتأخر، وقد نصل وردية ما قبل الإفطار بما بعدها، دون أن يكون بينهما إفطار حقيقي». بعد خلو الشوارع يقول خان «الإفطار نادراً ما يأتي في موعده، إذ يحين موعده بينما نحن مشغولون بالبحث عن ركاب يقربوننا من تحقيق الهدف، ويكون علينا أن نتحين الفرصة لنفطر بعد أن يكون قد عاد الجميع إلى منازلهم، ولم يبق في الشوارع من نفترضه زبوناً». من جهته، يقول محمد طاهر إن ساعات عمله في رمضان تصل إلى حدود الـ18 ساعة يومياً، في بعض الأحيان، في حين أنها تكون أقل من ذلك في الأيام العادية، أما السبب فهو قلة الركاب خلال هذا الشهر، إذ غالباً مما يبقى الناس في منازلهم، لا يغادرونها إلا لغايات اضطرارية. ويوضح أنه يتمكن أحياناً من الإفطار في إحدى الخيم الرمضانية التي تكون على طريقه، لكنه، في معظم الأوقات، يضطر للانتظار إلى حين توصيل ركابه ليفطر، ثم يعود سريعاً إلى العمل، فالوقت لا يرحم. ويشكو مظهر حسين من زيادة ساعات العمل في رمضان، ما يضطره لتقسيم عمله على ورديتين الأولى من الصباح حتى قبيل وقت الإفطار، أما الثانية فمن بعد الإفطار حتى منتصف الليل، ويتمنى لو أن الشركة التي يعمل لديها تأخذ قراراً بتخفيض الهدف المالي المطلوب من السائقين خلال شهر رمضان، آخذة في الاعتبار خصوصية الشهر. «لا وقت للإفطار»، يقول رياز، ويضيف «أحياناً اضطر للعمل طيلة النهار والليل، وأنسى صيامي حتى يسعني القيام بما هو مطلوب مني، وأشعر أن وقتي ليس ملكي، وأنه ليس بوسعي اتخاذ القرار، فطالما هناك ركاب يشيرون إلى بالتوقف، سيكون على أن أتوقف وأقلهم إلى حيث يرغبون، هذا هو عملي، وهو في رمضان أكثر صعوبة». ولمحمد عمر رأي آخر، حيث يقول «ما من مشكلة، ويمكنني القيام بعملي وفقاً لما هو مطلوب دون صعوبات». ويضيف «أعمل من الثامنة والنصف صباحاً حتى السادسة بعد الظهر، ثم أذهب للإفطار في خيمة للهلال الأحمر في منطقة البطين، وأصلي في مسجد بجوارها، لأعود مجدداً إلى العمل حيث أبقى إلى منتصف الليل، والأمور جيدة». زيادة ساعات العمل يطلق السائق رفيق الإسلام خان صرخة معبرة، آملاً أن تبلغ أصداؤها آذان المعنيين «هل من المعقول أن تزيد ساعات عملنا في رمضان عنها في الأيام العادية؟» ويتابع «نحتاج في رمضان للعمل ساعات إضافية حتى يكون بوسعنا تحقيق الهدف المقرر لنا، ذلك أن الركاب يكونون أقل منهم في الأيام العادية، وبالتالي فلا خيار أمامنا سوى الاستمرار في العمل حتى نحقق ذلك، لأن أي تقصير سيحسب ضدنا، ولن يكون بوسعنا تبريره».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©