الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رضوان حجازي يستلهم القيم الجمالية من الفن الإسلامي

رضوان حجازي يستلهم القيم الجمالية من الفن الإسلامي
19 أغسطس 2011 22:33
يستخلص الفنان التشكيلي محمد رضوان حجازي الإمكانات التعبيرية والزخرفية للخط العربي وإيقاعه التشكيلي المتناغم لإنتاج فن مصري معاصر من خلال التعاطي مع التراث والخروج منه بعمل لوحة تصويرية مختلفة عن أسلوب التجريد الأوروبي، ومن أجل ذلك يقدم محاولاته الفنية التي تظهر مدى استفادته من التراث الإسلامي وعناصره المتعددة، التي يستلهم منها القيم الجمالية والتعبيرية التي تساعد الفنان من خلال استخدامها كعناصر تشكيلية جديدة تثري عناصر اللوحة المصورة. قدم حجازي لوحات تتميز بالتجريد المطلق للحروف العربية، والتي اختفى فيها الشكل التقليدي، وأعيدت صياغتها وتحولت إلى عناصر تجريدية تتميز بالإيقاع الموسيقي والمتعة البصرية، وذلك في مساحات لونية وخطية محسوبة وبخامات لونية مختلفة غير تقليدية يضاف إليها حس المصور المنطلق بعناصر لوحاته إلى عالم الخيال. عدم التحريف ويقول إن تلك المحاولات لم تأت من فراغ بل كانت لها بدايات في أعماله الأولى قصد من ورائها ان يصل إلى شكل جديد، لذلك قام بدراسات مكثفة لتاريخ وأصول الحروف العربية، وبحث إمكاناتها وتكويناتها من خلال الكثير من التجارب في استلهام تلك الحروف، حيث كان يحافظ في أعماله السابقة على القيم الشكلية والجمالية للحرف بعدم التحريف الشديد فيه والتحفظ في إبقاء صورته كما هي بلا تجريد، وكان ذلك في إطار تكوينات وتنويعات وتركيبات وصياغات تشكيلية جديدة تحكمها حبكة التكوين. ويضيف أن اللوحات كانت تضم عدة حروف أو بعض الآيات القرآنية وقصار السور، مضافا إليها بعض العناصر الزخرفية الإسلامية من خلال التركيز على مفهوم المصور وليس الخطاط، وان تلك المحاولات استمرت سنوات، ثم جاءت مرحلة التحرر والخروج من تلك الدائرة لاضافة الجديد، والتطوير في أعماله والاستمرار وعدم التجمد والابتعاد عن التكرار أو الخمول الابداعي مع المحافظة على الطابع القومي لتحقيق صورة جديدة للفن المصري المعاصر. الخط العربي ويحكي حجازي عن بداية ارتباطه بالاستلهام من الخط العربي فيقول إنه عمل في إدارة التفتيش الفني بالأزهر، وكانت تلك الإدارة تجاورها وكالة قديمة من الطراز الإسلامي، فأقاموا مركزا للفنون التشكيلية في عدد من غرفها بالدور الأرضي، وكانوا يحضرون طلبة المعاهد الأزهرية من حول منطقة السيدة زينب، وطلبوا منه تعليم الطلبة تشكيل الخط العربي، فحاول دراسة الخط جيدا، ولكنها لم تكن دراسة بالقاعدة، فبدأ يعلمهم رسم الحروف للاستفادة من شكل الحرف الجمالي فقط، واستخدامه كعنصر تشكيلي في اللوحة أو العمل الفني. وأشار إلى انه لم يهتم بدراسة الخط حتى لا يتقيد بالقاعدة ولا يستطيع الخروج منها، وكان يريد الشكل الجمالي من الحرف في ليونته واستطالاته المختلفة وتقوساته والحركة فيه، فاخذه كعنصر تشكيلي في اللوحة التي ليست خطية، كهدف الخطاطين، فليس من السهولة الإبداع من خلال القاعدة. وأضاف أن الحروفية يمكن أن تدخل الفنان دائرة لا يستطيع الخروج منها، لذلك بدأ يجرب الحرف للوصول إلى مرحلة من التجريد الخالص، ويحركه بشكل تدريجي، وان تلك التجربة بدأها منذ السبعينيات من القرن الماضي وازداد توجهه إلى هذا المفهوم بعد سفره إلى الكويت، وكان اول معارضه في اتيليه القاهرة للفنانين والكتاب عام 1976، وفيه حاول الابتعاد تماما عن الشكل الأصلي للحرف العربي، ودمج الحروف مع الخلفية، وجعلها تتوه في اللوحة بشكل جديد، وبدأ يفتت الكلمة إلى أحرف متداخلة في مستويات مختلفة، ودرجات لونية متداخلة، والأحرف في مجملها تأخذ شكل مربع داخل مربع او ايقاعات في حروف الـ»أ» و»لا» في لوحة تذكر بالتراكيب المعاصرة وكلمة اخرى تبدو كما لو كانت في حركة مستمرة، ومازال يحاول الوصول إلى لوحة تجريدية كان أساسها الخط العربي، وبدأ مع هذا الاتجاه عملية من التحليل للألوان والخامات، فاستخدم خامات مختلفة مثل اللاكيهات والألوان البلاستيكية والشمعية والإكريليك والدوكو. شكل المربع قال إنه التزم بشكل المربع والدائرة في أعماله لأن المربع وحدة إسلامية، حيث ان وضع مربعين فوق بعضهما وعكسهما سوف يعطي المثمن، وإذا قسمت المربع إلى نصفين سينتج عنه المثلث وهو أيضاً وحدة زخرفية إسلامية مثل المربع، تلك الوحدة المفضلة لدى الفنان المسلم، وان الدائرة هي رمز الكون والحركة الدائمة، كما أنها ضمن الزخارف الإسلامية أيضاً، فيمكن وضع الدائرة داخل المربع او العكس. وأكد أن الفنان يلجأ إلى الأسلوب التجريدي حينما تجتمع بداخله عوامل انفعالية تخرج في لحظة ما، في شكل عناصر تستجلبها تلك الشحنة من المخزون البصري للفنان، وخاصة التراث، فتظهر على مسطح اللوحة العناصر التراثية الموجودة بداخله، والتي تشكل انفعاله بالزخارف التراثية المختلفة. استخدام الحرف كوحدة تشكيلية يرى حجازي أنه منذ منتصف الستينيات من القرن الماضي تعددت محاولات الفنانين لاستيحاء الخط العربي واستخدام الحرف كوحدة تشكيلية، إلا أن تلك التجربة لم تستمر، لخشية بعضهم الخروج عن ذلك الإطار وعدم القدرة على إنتاج أعمال جديدة على مستوى افضل، ولذلك كان يحاول دائما الخروج من تلك الأطر الضيقة حتى استطاع إنجاز أعمال يتلاشى فيها الحرف تدريجيا، وأصبحت اللوحة عبارة عن بقع لونية أو هي موسيقى لونية، ويتذكر يوم قابله الناقد حسين بيكار وقال له إنه سيصل إلى «حارة» مسدودة من خلال الاستمرار في الاستلهام من الخط العربي، وكانت تلك الكلمات بداية التحدي، حتى زاره بيكار في معرضه عام 1992،الذي أقامه في مجمع الفنون، وتأكد من أنه وصل إلى التجريدية المصرية البحتة من خلال الحرف العربي.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©