الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجرد روائح

مجرد روائح
16 أغسطس 2013 20:28
بمعزل عن إرادتنا أو رغباتنا، يقوم الفرنجة، والغرب عموماً، بابتكار واختراع واكتشاف علوم ومعارف جديدة تجعل الحياة على الأرض أكثر جمالاً وراحة وسعادة، حتى كلابهم صعدت إلى السماء قبل أكثر من أربعين عاماً، فيما نحن لا نزال نحوم حول أنفسنا لنقع ونوقع الآخرين معنا. آخر ابتكاراتهم، كما قرأت، هو علم جديد يسمى (أروماثيربي)، ويختص في دراسة تأثير الروائح على الجسد البشري. باختصار، فقد قسم علماء الأروماثيربي الروائي إلى ثلاثة أقسام: - روائح تشعر الإنسان بالامتلاء والشبع. - روائح تعالج الاكتئاب ويحسّن المزاج. - روائح تساعد الجسم في التخلص من السموم. طبعاً تعرفون أن الروائح لا تبطل الصيام، فلنركز على النوع الأول من الروائح، تخيلوا أن نملأ خزانات من هذه الروائح ونرشها، بواسطة الطائرات، في جميع أنحاء وطننا العربي الكبير، حيث نحصل فوراً على نتائج مذهلة، ونتحول إلى نوع من الكائنات الأسطورية التي تحدث عنها هوميروس في (الإلياذة والأوديسة)، وسماعاً (الأستونا) وهي كائنات لا تحتاج إلى الطعام على الإطلاق. فنحقق حلم المطربة سميرة توفيق التي غنّت قبل عقود: لا بوكل ولا بشرب بس أتطلع بعيوني بالليل يا عيني بالليل تخيلوا أن يشبع المواطن العربي تماماً، حيث يتخلى الغني عن الأكل ولا يحتاج الفقير إليه، إلا لمجرد التسلية أو التغيير، فنتخلص فوراً من أمراض القلب والشرايين وكل أمراض وأعراض التخمة والجوع معاً، فنتحول إلى شعب ارشق من الجنادب، وهو شعب نظيف لا ينتج الفضلات، فتصبح المدن والشوارع أنظف، وتتحول المجاري إلى أماكن جميلة يلعب فيها الأطفال لعبة (الاستغماية). يتوقف الطعام عن تفريقنا وتقسيمنا، فلا هذا شعب المناسف، ولا ذاك شعب المسخن والملوخية، ولا تلك شعوب المندي والكبسة، ولا أولئك شعوب الكسكسي، ناهيك عن الـ (باتشا) والكبة النية والبامية ووووو. بالتالي لا يحتاج المواطن العربي إلى تضييع أكثر من نصف مدخوله الشهري على الطعام والشراب، فتتحول هذه الأموال للتعليم وللترفيه. حتى إننا قد نصبح أقل تبعية للغرب، وأقل استهلاكاً من كل شيء، فنتفاوض معهم من أجل تحسين شروط عبوديتنا، تمهيداً إلى الوصول للتبعية فقط، وبعدها للاستقلال في القرن الثلاثين، كحد أقصى. هذا بالنسبة للروائح المانعة للشهية، أما بالنسبة للروائح التي تعالج الاكتئاب عن طريق رفع نسبة السيراتونين، فإننا - على الأغلب - نحتاج إلى كميات أكبر بكثير من تلك التي استخدمناها للقضاء على الجوع، فنحن شعب نصف جائع، لكننا شعب مكتئب بالكامل، والأدهى أننا لا نعرف ذلك، ونتصرف وكأننا أصحاء.. للعلم أكثر أطباء النفس تفاؤلاً صرح قبل أشهر بأن 65% من أبناء الشعب الأردني يعانون من الاكتئاب، وهذه نسبة يمكن تعميمها على أنحاء الوطن العربي الكبير كافة بكل راحة ضمير، ويمكننا زيادتها كما نشاء، وسوف نجد دوماً من يغطي هذه النسبة، حتى نصل إلى 100% دون حرج. سوف نشعر بأننا شعب آخر تماماً، وسوف نلتقي فوراً ونتحابب ونتعانق ونتعاتب ونتصافى، كأننا لم نر بعضنا منذ القرن الأول للهجرة، ثم نعود أحباباً وأصحاباً، ونتوقف عن القتل على الهوية. ولا أنصحكم باستخدام الروائح التي تؤدي إلى التخلص من السموم، لأني أخشى أن تخلصنا هذه من تأثيرات الروائح الخاصة بالشبع، وتلك الخاصة بمعالجة الاكتئاب.. فتعود حليمة إلى عادتها القديمة. وكل عام وأنتم بخير. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©