إعداد - عدنان عضيمة:
لا يختلف اثنان من المحللين التقنيين على أن الصين تمكنت من إثبات وجودها القوي على ساحة الإبداع في حقل تكنولوجيا المعلومات· ويتم الآن تجميع أنواع كثيرة من الأجهزة الاستهلاكية الإلكترونية على الشواطئ الشرقية للدولة خصوصاً في العاصمة الاقتصادية والتكنولوجية شنغهاي؛ وتشمل الأجهزة حواسيب سطح المكتب واللاب توب والحواسيب اليدوية ''آي بود'' والعشرات من الأجهزة الرقمية الصغيرة مثل الكاميرات ومشغلات الموسيقى وغيرها·
ويقول تقرير كتبه ميور ديكي في ملف خاص حول الصناعات الرقمية نشرته الفاينانشيال تايمز مؤخراً إن من المفارقات الكبرى التي شهدها العالم مؤخراً، تحول مساحات شاسعة من حقول الأرز المنتشرة في الأقاليم الزراعية المتاخمة لمدينة شانغهاي، إلى ''حقول خصبة لاستزراع أنصاف الموصلات''·
ولا شك أن هذا التشبيه البليغ يشرح جزءاً كبيراً من قصة الارتقاء الاقتصادي الذي تعيشه الصين بعد أن قررت الخوض في تجربة إنتاج السلع الإلكترونية الدقيقة، وينطوي الأمر على تحقيق توازن مقنّن ومدروس للغاية بين الاقتصاد الزراعي والصناعي على النحو الذي يسمح للصين بتأمين ما يزيد عن حاجات السكان الغذائية والصناعية والمنافسة في هذه السلع في الأسواق العالمية·
وهناك ما هو أكثر تعبيراً عن طموحات الصين في كافة ميادين التطور، حيث يذكر التقرير أن الرحلات الفضائية المأهولة التي يتم الإعداد لها وتنفيذها بالاعتماد على الخبرات المحلية وحدها، أصبحت من البرامج الروتينية التي تتم وفق برنامج مخطط، وتتطلع الصين بكل العزم والتصميم لتحقيق أول رحلة لعربة فضائية مأهولة إلى القمر· وأصبحت شركة ''تشاينا موبايل'' المحلية التي تشغل أنظمة الموبايل والاتصالات اللاسلكية، الأضخم في العالم على الإطلاق في هذا الاختصاص وفقاً لمقياسي عدد المشتركين ورأس المال الموظف فيها، وأصبحت شركة لينوفو "Lenovo" ثالث أكبر منتج لأجهزة الكمبيوتر الشخصي في العالم·
ويترافق بروز الصين كحلقة قوية شديدة التماسك في سلسلة تشغيل الأنظمة الاتصالية العالمية، مع تخوف كبير أبداه بعض المتابعين بأن تتحول إلى عامل تهديد للسيطرة الكاملة للأميركيين والأوروبيين واليابانيين في هذا المجال، ويمكن القول إن التقدم الذي تسجله الصين في كافة المجالات أصبح مثاراً لصداع أليم لأسياد السوق التقليديين·
وبالرغم من أن الصينيين شديدو الحرص على الحرص والتقنين وحبّ اختصار الكلام في خطابهم الإعلامي والسياسي، إلا أنهم لا يترددون أحياناً عن البوح ببعض الحقائق المؤكدة ذات البعد الاستراتيجي، ومن ذلك ما صرح به مؤخراً زيو جوانهوا وزير العلوم والتكنولوجيا الصيني من أنه على ثقة تامة بأن الصين سوف تصبح (دولة الإبداع التكنولوجي) بحلول عام ·2020 ويلاحظ من التصريح كيف أن جوانهوا حرص على أن لا يستخدم تعبير (السيادة التكنولوجية الصينية على العالم) بالرغم من أن هذا هو القصد الحقيقي الكامن المختبئ بين أحرف وكلمات تصريحه·
عدد اليوم
