الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كاميرون والحرب على «الانهيار الأخلاقي»

19 أغسطس 2011 23:15
قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يوم الاثنين الماضي إن بريطانيا ترزح وسط "انهيار أخلاقي بطيء الحركة" يجب إيقافه إذا كان يراد للبلاد أن تتجنب تكراراً لأعمال الشغب التي اجتاحت عدداً من المدن الإنجليزية الأسبوع الماضي، واعداً بتدابير جديدة صارمة من أجل قمع حالة الفوضى وانعدام القانون، والترويج لفكرة مجتمع مسؤول منسجم وبعيد عن كافة أشكال وأسباب الاحتقان. غير أن حزب "العمال" المعارض حذر من انتهاج سياسات متسرعة وغير قادرة على معالجة أسباب أعمال العنف والنهب، في مؤشر على أن الإجماع السياسي الذي شوهد بعيد أعمال الشغب بدأ يضعف ويتبدد في وقت ينكب فيه الزعماء على البحث عن أفضل طريقة للرد على ما حدث. وقد أشار كاميرون إلى أن ثقافة جشع ولامبالاة تنم عن الأنانية كانت وراء حالة الاهتياج التي سادت لندن ومدناً أخرى الأسبوع الماضي، وأسفرت عن مقتل خمسة أشخاص، وخسائر قدرت بأكثر من 300 مليون دولار بسبب أعمال العنف التي امتدت على مدى أربعة أيام هزت البلاد. وقال إنه سيوجه تعليمات إلى كل أعضاء حكومته بالبحث عن أفضل السبل لمحاربة "مجتمع محطم"، تخلى فيه الآباء عن مسؤولياتهم تجاه أبنائهم، وتخلت فيه المدارس عن تعليم الانضباط لطلبتها، وأصبحت الجرائم بدون عقاب. وفي هذا السياق، قال كاميرون: "إن التصدي الأمني يجب أن يواكبه تصدٍّ اجتماعي"، متعهداً بخلق "عائلات أقوى، ومناطق أقوى، ومجتمع أقوى". والخطاب الذي ألقاه الزعيم البريطاني في نادٍ للشباب بدائرته الانتخابية الريفية الغنية لم يتضمن تفاصيل؛ غير أن وزيراً قال إن الحكومة التي يقودها المحافظون منكبة حاليّاً على بحث إمكانية سحب مزايا نظام الرعاية الاجتماعية وغيرها من المزايا الاجتماعية من أي شخص أدين في أحداث الشغب، حتى وإن لم يحكم عليه بالسجن. ومن المرجح أن تقابل هذه الفكرة بترحيب من قبل الجمهور، الذي يبدو أن غضبه من عنف الأسبوع الماضي سيقوي ويدعم موقف كاميرون في فرض القانون والنظام. غير أن مشرعي المعارضة وحتى بعض المشرعين المنتمين إلى الحزب الأصغر في الائتلاف الحكومي البريطاني الحاكم - حزب الديمقراطيين الأحرار - يعترضون على تدابير من هذا القبيل حيث يرون أنها لا يمكن أن تؤدي إلا إلى مفاقمة الظروف التي ساعدت على خلق أعمال العنف أصلاً. وفي هذا السياق، قال زعيم المعارضة العمالية إيد ميليباند: "إن الرد الفوري والبسيط على هذا النوع من الأحداث يجلب حلولًا سيئة"، مضيفاً "إن الردود المتسرعة، التي لم يتم التفكير فيها بإمعان، لن تحل المشكلة". غير أن تحديد ماهية المشكلة بالضبط أصبح موضوع خلاف متزايد. ذلك أن دوافع وأصناف الأشخاص الذين خرجوا إلى الشوارع وانخرطوا في أعمال الشغب والنهب تتحدى التفسير السهل. فعلى رغم أن المنتقدين وصفوا أعمال السرقة وتدمير الممتلكات بأنها أعمال إجرامية ووحشية لا مبرر لها ارتكبت من قبل شباب "مهتاج"، إلا أن أعمال الشغب تلك تعود أسبابها المباشرة إلى احتجاج سلمي على إطلاق نار قاتل من قبل الشرطة على رجل من شمال لندن. ومما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق أيضاً أن من بين المشتبه في ضلوعهم في أعمال نهب وأحيلوا إلى المحاكم خلال الأيام القليلة الماضية هناك بريطانيون من الطبقة الوسطى، بل إن بعضهم ينحدر من أوساط غنية. وفي هذه الأثناء، سجلت الشرطة أكثر من 2300 حالة اعتقال في كل من لندن وبرمنجهام ومانشستر، التي تعد المدن الأكثر تضرراً من أعمال الشغب. وقد وقعت حوالي 1600 من تلك التوقيفات في العاصمة لندن وحدها، حيث تم توقيف 1000 شخص منهم وتوجيه التهم لهم، كما أعلنت شرطة العاصمة "سكوتلاند يارد". وعلى رغم بعض الانقسام المتزايد بين السياسيين بخصوص كيفية التقدم إلى الأمام، إلا أن كلا من "إيد ميليباند" وديفيد كاميرون تطرقا يوم الاثنين الماضي إلى موضوع لاقى قبولاً وانتشاراً خلال الأيام القليلة الماضية وخاصة لدى الفئات الشعبية التي شعرت بضيق كبير تجاه حالة الشغب، ومؤدى هذا الموضوع أن الأنانية وازدراء القوانين ليسا حكراً على مثيري الشغب فقط، وإنما توجدان أيضاً في مراتب عليا من المجتمع البريطاني -في إشارة إلى المصرفيين الذين أهدروا مليارات الدولارات سعياً وراء الأرباح، والمشرعين الذين تبين أنهم يبالغون في نفقاتهم، والصحافيين الذين لا يجدون غضاضة في التنصت على مكالمات الآخرين. وقال كاميرون في هذا السياق: "لقد رأينا بعضاً من أسوأ حالات الجشع، وانعدام المسؤولية ... إن حس المسؤولية ينبغي أن يعود إلى كل بلادنا". هنري تشو - لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©