الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدنيا والإنسان

25 أكتوبر 2006 01:59
هكذا هي الحياة على ظهر هذه الدنيا الفانية في مجمل سيرتها وتعاملها مع بني آدم على مدى الأيام منذ أن خلقها الله سبحانه وتعالى وخلق أبانا آدم عليه السلام وحتى يومنا هذا فالإنسان والدنيا في صراع أزلي ومستمر ولن ينتهي هذا الصراع الدامي فيما بين الاثنين الى ان تقوم الساعة· فالدنيا وبطبيعتها التي جبلت وخلقت عليها وما بها من زخرف الحياة وغرورها ومتع الحياة المختلفة وبهرجتها التي يعتبرها الإنسان العاقل ذو اللب الناصح بأن كل هذا ما هو الا متع زائلة فانية ان لم تكن وبالاً فعلاً على الإنسان فالدنيا دائماً تعترض طريق الإنسان بهذه الزينة التي هي عليها فيما الإنسان يعيش وسط كل هذه الأجواء والمغريات الدنيوية التي تحيط به ومن حوله من كل مكان والانسان العاقل هو من يفطن للعبة الدنيا هذه التي تحاول من خلالها تسويقها على هذا الإنسان المخلوق الضعيف والاستفراد به من باب زينة الحياة الدنيا ولكن هناك أنواعا من البشر لم تستطع الدنيا ان تنال من مفهومهم لها على وضعها الصحيح ولم يتح لها أو يقدر على تغيير مداركهم وعقولهم عن مضامين هذه الحياة وأسرارها فهم يعرفونها تماما فالدنيا تماما كالعروس وهي ترتدي أحلى ما لديها من زينة ومتع الحياة الدنيا هكذا هي تتراءى لمن لا يعرف حقيقتها ويدركها على وجه اليقين والفهم الصحيح فهي بكل هذه الوضعية من البهرجة ولكنها تخبئ تحت جناحيها مفاجآت قد تكون سارة وقد تكون قاسية محزنة الوقع على بني آدم· الدنيا لم يدركها ويتمعن فيها إنما هي دار هم وغم ونكد ماذا فيها عسى ان يستفيد منه الإنسان؟ لا شيء سوى عمل الإنسان الصالح فقط·· فكل ما على هذه الأرض من أموال وبنون فلن يستفيد منه الإنسان إلا بقدر ما كتب له وبقدر ما تعامل به في خضم معترك هذه الدنيا فماذا عسى هذا الإنسان البسيط الضعيف ان يحمل معه حينما يودع هذه الدنيا؟ لا شيء يذكر أبداً·· سوف يخرج منها كما ولدته أمه تماماً لا يحمل معه جاها أو مالا أو سلطانا أو إمارة، بل كل ذلك سوف يبقى هنا على ظهر هذه البسيطة ولن يأخذ معه سوى عمله ان كان صالحاً أو سيئاً - فمن عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها - وتلك القطعة من القماش الأبيض التي سيلف بها جسده البالي، ويزف بها من دنياه الى آخرته التي هي المقر النهائي فإما ان تكون دار جنة ونعيم مقيم أو دار نار وعذاب أليم·· والعجيب ان الكثير من الناس اليوم قد أهمل هذا الجانب المهم وهو جانب الحياة الأبدية التي ليس لها نهاية أي الدار الآخرة، فلم يعودوا يهتمون بها بقدر اهتمامهم بالجانب الدنيوي اي تعمير الدنيا على حساب الآخرة، والإنسان نفسه يفهم ذلك ولكن لا ندري لماذا يصر دائماً على السعي الحثيث في التمسك بالدنيا على حساب الآخرة؟ انه منطق الإنسان الذي يعيش محباً لدنياه الفانية ويتعامل معها لدرجة العشق والهيام أو الخلود الأبدي على ظاهرها فتكون هي شغله الشاغل وهمه المسيطر على عقله وكيانه وتفكيره·· فلو ان الدنيا فيها من الخير كله والأمور التي يمكن التضحية من أجلها لخاطر هذه الدنيا لما ترك ذلك الأنبياء والرسل والصالحون والصحابة الذين فهموا الدنيا على وضعها ومعناها ومغزاها الحقيقي فاعتبروها بأنها محطة للإنسان يتزود منها بالعمل الصالح استعداداً للبدء لمسيرة رحلة الآخرة والتي تحتاج من الإنسان كل صغيرة وكبيرة من الأعمال الصالحة يأخذها معه في زاده الى الدار الآخرة هذا كل ما في الدنيا ان يتزود الانسان منها بكل عمل طيب وحسن يقربه الى الله سبحانه وتعالى من خلال كل أمور الإحسان التي يقوم بها الإنسان على ظهر هذه الدنيا ليتقرب بها لربه وخالقه سبحانه وتعالى· ولكن هذا لا يعني ان نكره الدنيا ولا نتعامل معها ولا نأخذ بأسبابها أو ان تكون هذه نظرة سلبية أو تشاؤمية للدنيا فهذا لا يمكن ان يحدث أو يصير مطلقاً ولكن في نفس الوقت لا نجعلها تسيطر علينا في تصرفاتنا أو ان تكون ملهية لنا عن عبادة الخالق سبحانه وتعالى· بل علينا ان نأخذ بأسبابها التي وهبنا الله سبحانه وتعالى لها في هذه الدنيا لتكون لنا عوناً وسنداً عند ربنا في الدار الآخرة فالسعي والكد على الرزق من ضروريات الحياة وأمورها التي لا بد منها إنما العاقل هو الذي يتعامل معها على أساس ان هناك آخرة باقية في انتظاره فلا تأخذه زخارف الدنيا ومتعها فالكيس الفطن هو من يأخذ من دنياه لآخرته ومن شبابه لهرمه وألا يجعل الدنيا أكبر همه أو مبلغ علمه فذلك هو الإنسان الفائز حقاً· حمدان محمد كلباء
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©