السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللاجئون.. بين الحظر والتعليق!

6 فبراير 2017 22:25
تلقت أسرة «الطاووز» الأسبوع الماضي نبأً يفيد بأن بدء حياتها الجديدة في الولايات المتحدة لا يفصلها عنه سوى بضعة أيام، قبل أن تعلم الأسبوع الماضي أنه لم يعد مرحباً بها هناك. وبحلول يوم السبت، لم تعد تعرف ماذا تصدق! وبعد أربعة أعوام على الفرار من العنف في حلب في سوريا، تحول اليأس إلى فرحة، عندما سمع أفراد الأسرة أن قاضياً فيدرالياً منع تطبيق الحظر المثير للجدل الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب على دخول مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة، وهو حظر يشمل أسرتهم اللاجئة. ولكن بينما شارف اليوم على الانتهاء، خيمت سحب عدم اليقين أيضاً من جديد. وقال «ماجد طاووز»، وهو أب لخمسة أبناء، تم التواصل معه عبر الهاتف في العاصمة التركية أنقرة: «لقد كنا مفعمين بالأمل، والآن أصابنا الإحباط، ولا نعرف ماذا نفعل». و«طاووز» وأبناؤه الخمسة من بين الآلاف الذين تُركوا عالقين بعد الأمر التنفيذي في السابع والعشرين من يناير الماضي، الذي حرم مواطني سبع دول من دخول الولايات المتحدة، خشية أن يمثلوا تهديداً للأمن القومي الأميركي. وقد ترك حكم القاضي الجزئي «جيمس إل روبارت» يوم الجمعة الماضي بوقف مؤقت لذلك الأمر، اللاجئين بين مطرقة الإفراط في الأمل وسندان الخوف من اليأس، إذا ما أُعيد العمل بالحظر مرة أخرى. وبعد أن حزمت الأسرة أمتعتها، وكانت تتأهب للإقلاع في صباح اليوم الأخير من شهر يناير الماضي، علمت أنها لن تحتاج إلى حزم الأمتعة، بينما أعرب المسؤول الذي اتصل بالأسرة عن أسفه، مؤكداً أنه إنما يؤدي وظيفته. وقال «طاووز»: «ظل يعتذر ويقول إنها أوامر من القيادات العليا». وأضاف: «سألتهم كيف يمكن أن أشرح ذلك لابنتي، فقد أخبرناها بأن الطائرة ستقلها إلى مكان يمكن أن تتلقى فيه العلاج». وبالنسبة إلى الطفلة «وجيهة»، البالغة من العمر 11 عاماً، يعني التعليق انتظاراً لأجل غير مسمى للحصول على علاج هرموني لا تستطيع الأسرة تحمل نفقته في تركيا، ومن ثم استمرار ألمها وعجزها عن النمو. وبالنسبة إلى شقيقها الأصغر، يعني الأمر انتظاراً لفترة أطول حتى يفسر له طبيب لماذا تنمو عظامه مقوسة! وقد دفعت الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ قرابة ستة أعوام زهاء 4,5 مليون لاجئ للفرار إلى الأردن وتركيا ولبنان. وفي ظل حقوق محدودة في العمل والتعليم، يكافح الآن كثير منهم من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية هناك. وأعادت الولايات المتحدة توطين أكثر من 15 ألف سوري، وصل معظمهم في غضون العام الماضي. وعلى الرغم من أن وزارة الخارجية أكدت أنها لم تكشف علانية عن الأرقام الخاصة بأعداد الأسر السورية التي تأثرت بالتعليق الأخير، أشار مسؤولون في أعمال المساعدات بأنها بالآلاف. وحسب وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، هناك أكثر من 800 شخص، من كل الجنسيات السبع، كانوا يعتزمون جعل الولايات المتحدة موطنهم خلال الأسبوع الجاري فقط. وفي الأردن، وصف محمد حسون، الذي تعرض للتعذيب على مدار ستة أشهر في سجون النظام السوري، التعليق بأنه «طعنة» لأحلامه. وفي لبنان، تحدثت شابة، شريطة عدم ذكر اسمها خوفاً على زوجها، الذي لا يزال يقبع في سجون دمشق سيئة السمعة، مؤكدة أنها قضت الأسبوع الماضي في حالة من الاكتئاب، مضيفة: «لا يمكن فهم حالة الضبابية التي أشعر بها، فقد خسرت زوجي، والآن ضاع مستقبلي». أما بالنسبة إلى مؤيدي الرئيس الأميركي، فالحظر يمثل وفاءً بالوعد. وفي أثناء التجمعات الانتخابية، زعم ترامب أن المسلحين كانوا يتقدمون كلاجئين لدخول الولايات المتحدة والهجوم على مدنها، وهو ادعاء يتعذر تأكيده. وقد تكرر صدى ذلك المنطق في الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب، وأكد أن الرئيس نفسه سيكون الَحَكَم بشأن ما إذا كانت هناك «تغييرات كافية» تم إدخالها على عملية تدقيق بيانات اللاجئين. وأكد مسؤولون حاليون وسابقون يشاركون في عملية قبول اللاجئين السوريين المكونة من 21 مرحلة، أنه لم يكن من الواضح ما هي عمليات التدقيق الإضافية المطلوب إدخالها لتحسين النظام! وفي هذا السياق قالت «ناتاشا هول»، مسؤولة الهجرة السابقة لدى وزارة الأمن الداخلي الأميركي في تركيا: «لقد كانت هذه هي الإجراءات التي نطبقها بالفعل، وعلى مدار سنين أدخلنا كثيراً من الخطوات مع تطور الأوضاع، لتشمل أسئلة جديدة، ومراحل إضافية من التدقيق، وتدريباً رسمياً لمساعدة المحاورين على اكتشاف التهديدات المحتملة، وطرح أسئلة جديدة». وبدوره أكد مسؤول مساعدات، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب الحساسيات السياسية المحيطة بقرار التعليق، الأسبوع الماضي، أنه من المتوقع أن يبحث مسؤولون في الأمم المتحدة ملفات الحالات التي تم تدقيقها بالفعل لتحديد أكثر الأسر المعرضة للخطر كي تتم إحالتها إلى برنامج إعادة توطين في دولة أخرى. وكذلك، قالت «هول»: «إن التوترات أثَّرت بالفعل على النظام تأثيراً كبيراً». وفي أنقرة، تنتظر أسرة «طاووز» الأنباء بقلق بالغ، وقال ماجد: «لقد فررنا من سوريا كي يكون لأبنائنا مستقبل، وبعد كل ما عانيناه، اعتقدنا أننا أصبحنا أخيراً في مأمن، وأنهم سيحصلون على العلاج ويذهبون إلى المدارس مرة أخرى». وبعد لحظات، قالت «وجيهة» عبر الهاتف بصوتها الضعيف: «شعرت بفرح شديد، لكنني أشعر الآن بالحزن، بعد أن أخبرني والدي بأنه لم تعد هناك طائرات لأشخاص مثلنا بعد الآن.. لماذا لا يريدوننا؟». * مراسلون في بيروت وإسطنبول وعمان يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©