الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هواجس العيد

15 نوفمبر 2010 20:17
تهيم بنا الأيام، وتتيه بنا في دروبها الضيقة، تنساب أعمارنا وراءها باحثين عن الفرح رغم نسبيته المطلقة، فلا سعادة كاملة إلا بالرضى وتصفية النفس من كل شوائب وموحلات الحياة، نجري وراء أيامنا لاهثين، أحلامنا موقوفة أو مؤجلة إلى حين، لكن توقفنا لحظات، تجبرنا على مراجعة ما فات والتطلع لما سيأتي، لحظات ترتبط بمناسبات أعياد وأفراح، لتوقظنا من غفواتنا أحياناً وتوقفنا عند حدود أعمارنا وما كنا عنه غافلين، دوامتها كادت تنسينا تفاصيلها وجزئياتها، كادت تنسينا العلاقات الاجتماعية وحميميتها، ينقضي العمر في اللامحدود إلى يوم يدرك نهايته دون تدارك نواقص الحياة. فليكن العيد يوم تسامح وبياض قلب وراحة نفس ومراجعة ما انقضى وما سينقضي من أيام وفيما صرفناه، فما أجمل تلك الابتسامات في يوم العيد، وما أحلى عبارات التهنئة ليوم العيد والأجمل من ذلك كله صفاء القلب، والتسامح والتراحم، كانت أيام العيد تعني التراحم والتواصل والتودد والتجمعات العائلية، ولكني لا أدري لم أشعرها باردة، لا حرارة فيها غير حرارة ارتفاع الأسعار ولهيبها، طالت بعض الناس حتى استعاضوا عن شراء الأضحية، ولم يعد يشكل عيد الأضحى عندهم تلك الرسالة السامية في التضحية، والغرض منه بات محدوداً في مناسبة، بل هناك من رحل يبحث عن العيد في أماكن أخرى لا عيد فيها، بعيداً عن الأهل والأحباب والناس، استغل الإجازة ليسافر بعيداً طلباً للراحة وكأن التجمعات العائلية تسبب قلقاً وعدم راحة. كل الأعياد تعني الفرحة وترتبط بأذهاننا بأيام الطفولة والعيدية حسب تسمية كل بلد وبالملابس الجديدة وبالحناء، وفي ذهني ارتبط يوم عيد الأضحى أو العيد الكبير كما يطلق عليه في بعض الدول العربية بيوم مولدي، فاسمي مشتق من العيد الكبير، هو يوم مولدي، من يوم تفتحت عيناي على الدنيا، وبدأت معانيها تتفجر أمام تساؤلاتي قالوا: يوم مولدك كان يوماً مميزاً جداً، يوم عيد ويوم فرحة لكل المسلمين، من يومها تعني لي هذه المناسبة الكثير، أحاول أن أجعلها مساحة حب لمراجعة النفس، والوقوف عن خللها، مراجعة أيامي وما تحقق فيها، وأحاول تخطي صعابها وموحلاتها، والأهم من ذلك أعلم نفسي التجاوز والمرونة في الحياة، حتى تكون لها القدرة على التأقلم مع كل الأوضاع والأحداث، وأرجع لحياتي صفوها الطفولي وعيدها أمام تعقيداتها وثغراتها، فهي تجبرنا مرات على السقوط في براثن غيها. فعيدكم مبارك وكل عام وأنتم بألف خير، وبالصحة والسلامة، ولنجعل عيدنا عيد فرحة وسلام داخلي، وتسامح، فالتسامح ترى به نور الله في كل مكان من حولك مهما يكن سلوك الناس معك، وهو أقوى علاج، ويذكر أن قرار عدم التسامح هو قرار المعاناة كما أن قوة الحب يمكن أن تصنع المعجزات، كما أن التسامح هو أكبر مراتب القوة الإنسانية. فالعيد فرصة لنجدد صفاء نفوسنا، كما أنه عنوان حقيقي للتواصل والتراحم والعفو، وكل معاني الحب والخير. قد يقول البعض إن هذا الحديث أصبح متجاوزاً وبالياً، أمام تراجع القيم، ولكني أقول إن الصفاء والتراحم والحب ستظل صامدة أمام كل التراجعات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©