إذا تفكرنا فيما تشهده الأمم والشعوب من تحولاتٍ جذرية في عصرِ الثورة الصناعية الرابعة، لأدركنا كيف تبدّل وجه العالم وتغيرت ملامحه، وكأنه يعيش دورة حياة طبيعية عكسية، وقد بدأ كهلاً صعب المِراس، وأمسى اليومَ يافعاً في ريعانِ شبابه، هذه بعضُ تأملاتي وأنا أستعرض مجمل التطورات التقنية والنقلات النوعية في أنظمة التقاضي الذكية التي بدأت بكسر حاجز الزمان والمكان وتسهيل الإجراءات القانونية للمتقاضين، ما وصل بالإمارات إلى المرتبة الـ12 عالمياً في مؤشر كفاءة النظام القضائي في تقرير سهولة ممارسة الأعمال 2017 الصادر عن البنك الدولي.
والحقيقة، إن ما يدور في أروقة دائرة قضاء - أبوظبي من تحولات رقمية وبوابات ذكية لخدمات عدلية ريادية في تسوية المنازعات، غيّر معادلات التميّز في خدمة المتعاملين، ابتداءً بحزمة الخدمات التي عرضت في جيتكس2017، كنظام التقاضي الذكي الذي يعتمد (نظام إدارة المحاكم الإلكتروني «CMS») على الأجهزة الذكية، وخدمة عقد جلسات التوفيق والمصالحة عن بعد، وخدمات كاتب العدل الإلكترونية، وتقديم الاقتراحات والشكاوى القضائية ودفع رسوم المعاملات عبر أنظمة الدفع الذكي، وصولاً إلى «تطبيق المحادثة الآلية» للاستفسار عن الخدمات النيابية والقضايا، إضافة إلى تطبيق وكيل النيابة الذكي.
ولعلّ ما تشهده دائرة القضاء - أبوظبي من قفزات استثنائية في التحوّل الرقمي والذكي تجاوز إسعاد المتعاملين عبر منظومتها «تطبيق الزيارة الذكي» الذي يُمكّن أصحاب الهمم وكبار السن من الاتصال بأقاربهم وذويهم من النزلاء في المؤسسات الإصلاحية صوتاً وصورة، دون تكبّد عناء الانتقال والانتظار.
إنها تحولات غير مسبوقة في منظومة التقاضي في منطقتنا، وهى بلا شك ساهمت في تصدر الدولة المرتبة الـ16 في مؤشر استقلالية القضاء، ومراتب متقدمة أخرى في كفاءة الإجراءات القانونية بحسب تقرير التنافسية العالمية 2017 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس.
يقيناً أن رحلة التحول ضمن الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي في مجال القضاء والمحاماة وإدارة وتسوية مختلف أنواع المنازعات لم تصل منتهاها بعد، وستأتي بتحولات عديدة وفريدة في المستقبل القريب وستحتاج استباقية في منظومة الفكر القضائي بمجمله.
عدد اليوم
