الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زينة المزاينة.. فضة وحرير وصوف وقصب

زينة المزاينة.. فضة وحرير وصوف وقصب
9 فبراير 2010 19:57
تعمل ظاهرة “مزاينة الإبل” التراثية على إحياء تراث المنطقة والمحافظة عليه ونشره بين أبناء الدولة، كما تخدم الكثير من فئات المجتمع عبر التشجيع على اقتناء الإبل وتربيتها، وتعريف المقيمين والسياح بفعالية تراثية أصيلة، فضلاً عن الوفاء لسفينة الصحراء. وفي الأعوام الأخيرة انبثقت ظاهرة عن هذه الظاهرة الأم، تتمثل في إقبال ملاّك الإبل المشاركة في منافسات المزاينة أو السباق؛ على تزيين إبلهم بأجمل وأفخر أنواع الزينة والإكسسوارات المعدنية والقطنية والصوفية، ولم تعد تقتصر المنافسة على شكل أو سرعة الإبل فقط، بل على زيها وزينتها التي بات يتخصص في إنجازها وبيعها تجار ومحال عدة. انطلاقاً من حرص الجهات المنظمة للمزاينة على إحياء التقاليد الأصيلة لمجتمع البادية، والرياضات التراثية العريقة يقام كل عام في أبوظبي وعموم إمارات الدولة أكثر من مهرجان يختص بالمزاينة، فضلاً عن السباقات. وتختلف بطبيعة الحال منافسات “السباق” عن “المزاينة” فهذه الأخيرة هي حصراً المسابقة التي تعني “ملكة جمال الإبل- الأصايل” فيما دخل عليها مؤخرا تقليد جديد يتصل بزينة الإبل (النوق والجمال) من قبيل تزيينها وتجهيزها بإكسسوارات جميلة قبل أن يستعرضها رئيس وأعضاء لجنة التحكيم. معايير ثابتة قبيل الوقوف على هذه المنتجات التزيينية “إكسسوارات المزاينة” وكل ما يتصل بصناعتها وتجارتها، نتعرف بداية على المزاينة وشروط الاشتراك بها، إذ يعرف أن ملاك الإبل يلتزمون بشروط معينة ليسمح لهم بالاشتراك في مسابقة “المزاينة” وأهم هذه الشروط: أن تكون الإبل المتنافسة محلية وغير مهجنة، والالتزام بالأعمار المحددة لكل فئة، وأحيانا اقتصار المشاركة عبر جمل أو ناقة لكل فئة”. وثمة معايير ثابتة لجمال الإبل تحددها لجنة التحكيم وتختار بموجبها الأجمل. يشير إلى هذه المعايير محمد بن مطر- كبير المحكّمين في “نادي تراث الإمارات”، ويقول: “يتم اختيار الفائز من الإبل وفق عدة معايير، أولها: جمال الوجه، ووضوح المعالم، كاتساع العينين وكبر حجم الفكين وطول الرقبة وعلو القامة وارتفاع الفقار من الخلف وعرض الفخذين وطول السيقان، وجمال اللون ونوعية الوبر وندرته، فضلا عن انسجام الملامح مع الهيئة الكلية، وبالتالي مع المشية والحركة والصحة والمعافاة للإبل”. الشبك العازل حول مجريات مسابقة المزاينة يقول بن مطر: “تخصص للإبل المشاركة مساحة كبيرة تعزل داخلها تسمى “الشبك” ويدخل إليها مع بدء المسابقة أعضاء اللجنة المكونة من رئيس اللجنة وأربعة محكمين، جميعهم من ذوي الخبرة المشهود لهم بالثقة والعدل ورجاحة الحكم (يشترط في عضوية اللجنة أن لا يكون لدى عضو اللجنة إبل مشاركة في المسابقة)، بعد أن يكونوا قد أقسموا على القرآن الكريم أن يحكموا بنزاهة، يتقدمهم كبير المحكمين”. ويضيف: “تبدأ مرحلة التصفيات الأولى بمرور أربعة من الإبل أمام الحكام، إلى أن يتم اختيار 30 فقط من مجمل الإبل المشاركة، وتعزل في شبك آخر. بعدها تدخل مرحلة التصفيات الثانية فيتم بعد مشاورات وتصويت لجنة التحكيم اختيار عشرة فائزة، وبعدها تتسلسل المراكز من المركز الثاني وحتى العاشر”. فيما تتكرر عملية التحكيم على مدى ثلاثة أيام، بحيث يكون لكل فئة من الفئات الثلاث المشاركة يوم خاص بها - بحسب بن مطر ـ إذ يقول: “ينال عادة صاحب الجمل الفائز بالمركز الأول هدية عينية (سيارة) بينما ينال أصحاب الإبل الفائزة بالمراكز الباقية مبالغ نقدية”. تزيين الإبل قبيل بدء مراحل المسابقة ودخول الإبل إلى الشبك، ينشغل أصحاب الإبل أو المضمرون بتزيينها فتوضع لها أجمل أنواع الزينة والإكسسوارات، تقول في ذلك خديجة محمد (حائكة وبائعة زينة): “يحرص ملاّك الإبل على تزيين إبلهم بأجمل وأفخر أنواع الإكسسوارات المعدنية كالفضة، أوالحرير وخيوط القصب والصوف.. حيث نحيك جدائل بلون القصب أو صوفية بألوان متعددة: أحمر وأصفر وأخضر وأزرق وأسود، ونوفر العديد من الألوان لتنسجم مع ألوان الإبل ذاتها، وهناك إكسسوارات من الفضة أو مطلية بها. وجميع قطع الزينة مشغولة يدوياً، ونضم في أطرافها رقائق من البرّيق اللماع أو الكريستالات أو طرابيش، تتوافر منها أطوال وأحجام متعددة يتراوح سعر المتر منها بين 20 و2000 درهم، في حال كانت من خيوط الصوف أو الحرير، أما أطقم الفضة فيصل سعر بعضها إلى 10 آلاف درهم، حيث تضم حزام السنام وتاجا بأحجار ملونة ورباط العنق وسيوراً (حبل اللجام) وخلخالاً، وهذا الأخير غير مرغوب به كثيرا، لكننا نوفره إذا رغب به أحد”. تضيف خديجة: “أنجز نسج وحياكة هذه الجدائل في ذات الوقت الذي أبيع فيه منتجاتي داخل السوق الشعبي في أي مهرجان للمزاينة، وأبيع يومياً نحو 100 متر، حيث يعمد كثير من ملاّك الإبل أو المضمرين خلال جولات ومراحل دخول الإبل إلى الشبك أو بعد فوزها إلى تبديل زينتها بأخرى جديدة مع مراعاة تمشيطها ومسح وبرها”. طقوس الفوز لا يقتصر تزيين الإبل وإضافة الإكسسوارات إليها على الفترة التي تسبق عرضها على لجنة التحكيم فقط، يشير إلى ذلك زايد المنصوري- استشاري بيئة برية في “نادي تراث الإمارات” ويقول: “فور إعلان نتائج فوز إحدى الإبل بالمركز الأول في المزاينة تعم البهجة ويطلق صاحبها فرحته بالفوز فتتوج الناقة الفائزة بإكليل من الزعفران والزهور، وأحياناً يمسح رأسها بالحناء تعبيرا عن الفرح بفوزها وتوضع زينة من الفضة أو القصب على محيط سنامها وعنقها، وذلك خلال حفل تتويجها وتكريم الفائزين (أصحاب الإبل) بالمسابقة التي يتقدم حضورها الشيوخ الكرام وشخصيات دبلوماسية وإعلامية وجماهير غفيرة من مواطني الدولة والمقيمين فيها والسياح الزائرين لها”. اجتذاب التجار والزوار بعد أن اختار ما يناسب إبله من شرائط الزينة بنوعيها الصوفي والحريري المقصب، يقول سلطان القمزي- مالك إبل: “نشارك في منافسات المزاينة أو السباق من قبيل تشجيع بعضنا البعض كمواطنين معنيين بتراثنا وتقاليدنا على اقتناء السلالات المحلية الأصيلة بوصفها ثروة وطنية مستدامة.. وتندرج زينتنا لإبلنا في ذات الإطار، فهي تساهم بشكل أو بآخر في خلق سوق تجارية لبيع وشراء الإبل الجميلة فتشكل مع الأسواق القائمة هدفا لاجتذاب السياح والزائرين والمهتمين سواء بتجارة الإبل أو أناقتها ورونقها وجمالها”. ومن واقع تجربته ومتابعته لظاهرة تزيين الإبل يقول القمزي: “تختلف زينة الإبل فيما بينها بحسب جنسها ولونها ونوعها، فزينة الزمول تختلف عن الأبكار والنوق عن الثنايا.. وهكذا. إذ يحبذ أن يوضع على فقار الناقة “الملحاء”- السوداء” أو النوق “المجاهيم”- غامقة اللون، شرائط زينة ذهبية أو فضية اللون، فيما يفضل وضع الزينة الملونة على الناقة الصفراء أو الشقراء، لأن لجنة التحكيم تلاحظ التنافر في لون الناقة وزينتها، أو عدم تجانس شرائط الزينة مع الرقبة أو السنام أو أو...، لكننا في المقابل -أنا وربعي- نحرص على تزيين إبلنا فإحداها ثمنها مليون درهم وليس كثيراً عليها شرائط زينة بألف درهم”. لمشاهدة المزاينة وزينتها يقيم “نادي تراث الإمارات” ضمن فعاليات مهرجان سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان لسباق الإبل التراثية ومزاينة الإبل الأصايل، في مدينة سويحان بأبوظبي، الساعة 8-11 قبل ظهر أيام الخميس والجمعة والسبت 11 و12 و13 فبراير الحالي “مزاينة جمال الإبل”. ويتاح للجمهور الذي يرغب بحضور فعاليات المسابقة، التعرف إلى عالم الإبل عن قرب، والتقاط الصور لقوافلها وصور تذكارية معها، خاصة أنها ليست إبلاً عادية متاحة دائماً، بل إنتاج محلي 100% وأسعارها تبدأ من 100 ألف درهم وصولا إلى 5 ملايين درهم. فضلا عن فرصة مشاهدة مختلف أنواع الزينة والإكسسوارات الفضية والحريرية التي تتزين بها الإبل قبل وأثناء دخولها منافسة المزاينة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©