الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

كل عام وأنتم على أمل...

15 نوفمبر 2010 21:26
كلما هلّ عيد أبحث عن الطفل بي، ذاك الذي ينتظر العيد ويجسده كائنا قادما من مسافات بعيدة، يحمل في قلبه الأراجيح وبيديه الحلوى وبعينه رقص الفراشات على ورود تستيقظ بكل أريجها وسحرها، وعلى شفتيه ابتسامة لا تذوب، يرتدي ملابس جديدة، يدعونا للخروج مع الصباح كالصباح، نتذوق كل شيء بطعم جديد، نتنفس هواء جديدا، نترقب رؤية أصدقائنا بهيئات جديدة، بل تأخذنا الخيالات أبعد بكثير، نستيقظ وفي رؤوسنا عالم جديد، نتوقع أن نرى بيوتا غير بيوتنا، وآباء غير آبائنا، وجيرانا غير جيراننا، وطرقا غير طرقنا، ولا نتوقع أبدا رؤية شخص حزين، أو طفلا يبكي، لا نتوقع أخبارا سيئة يحملها قادم من بعيد، أو مذيع يطل من شاشته الفضية ليدب الفوضى في ملابسنا، وينثر الارتباك على وجوهنا، والتساؤلات المحيرة في أرواح أهلنا، لكننا كأطفال، كنا نتجاوز أو ندعي تجاوز المشهد، ونصر على الخروج إلى فضاء جديد، نعود منه آخر النهار لنعلن نهاية العيد. أيها الطفل الهارب مني وأعلم وجهته، عد إلى وجهي واسكن، لا بد أن تجد ولو خطا واحدا في الوجه تسكن فيه، وانتقل إلى عيني، لا بد أن تجد ولو نظرة واحدة تلبسها قميصا جديدا، وعد إلى لساني، لا بد أن تجد ولو خلية واحدة لقطعة حلوى صغيرة، وعد إلى لغتي المثقلة بالوعي، لا بد أن تجد ولو حرفا يتشاقى بعيدا عن وقار الكبار، وعد إلى قلبي، لا بد أن تجد ولو خفقة طربة تردد العشق والجمال والمحبة، سأجمع الخط والنظرة والخلية والحرف والخفقة، وأنفخ فيها علها تجد مكانا على أرجوحة العمر، فأخرج بها أمام الأطفال حاملا ابتسامة نظيفة بريئة بيضاء، وأعلن وصول العيد بأبهته وفخامته وطيبته ومعناه وملامحه وقصصه وابتهالاته. ? ? ? لطالما حلمت، أن يكون صباحيَ مثلَ الصباح، تكسل فيه الأنوثة، تُستَفزُّ فيه الرجولة، يضحك الأطفال فيه كالأغنيات، تمر في ثناياه “فيروز” كالملاك، تزورنا جارتنا الصغيرة بحجة السؤال عن ربطة شعرها، تحضّر أمي الشاي بالزعتر الأخضر، دون أن تعدّ أفراد أسرتنا قبل الفطور، دون أن نتابع الأخبار في نفور، دون أن يكون حديثنا حول الحواجز، دون أن نكون مثل فارس ناشز، حين يمتطي خيله يستباح، وحين يبتل ظهره بالحراب لا يستباح .. ثم يأتي خبر عاجل: كلاب مسعورة لاحقت فارسا نهشته حتى استراح. لطالما حلمت، أن يكون مسائي مثل المساء، قمرٌ يغزلُ شالا لنجمته البعيدة، عاشقةٌ خجولةٌ تسللت في الخفاء، جوقة أصدقاء يغنون “لمارسيل..”، قصيدة تراود الجن في أعصاب شاعر، أمٌ تلقم ابنها حنانها دون أن يعتريه البكاء، دون أن يودع الأصحاب أصحابهم، ولا يسألون عن وجهة الرحيل .. دون إعلان المساجد موت غريب، هدّه الشوق فاستعان بالسماء.. وكل عام وأنتم على أمل ومحبة.. akhattib@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©