الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصحافـة

26 أكتوبر 2006 00:13
تسعى الصحافة جاهدة ومن خلال تواجدها المستمر والدائم بين جميع طبقات أفراد المجتمع إلى إبراز الحقائق التي تكاد تكون غير مرئية للآخرين أو مغيبة عن الرأي العام وذلك من خلال الطرح الجاد لمعاناة الناس ومشاكلهم المختلفة التي تتطلب الوقوف عليها وإيجاد العلاج والحلول المناسبة لإنهائها، فالصحافة على وجه الخصوص والإعلام على وجه العموم هما لسان الشعب ومتنفسه الوحيد والصادق الذي يحاول من خلاله الوصول بصوته المبحوح إلى المسؤولين أصحاب الشأن الذين بيدهم تصريف أمور الناس فكانت الصحافة هي السبيل الوحيد والجسر الواصل بين أفراد المجتمع وأصحاب المسؤولية في ذلك، فالصحافة ومنذ نشأتها الأولى أخذت على عاتقها تتبع مصاعب الناس ومتاعبهم والمشاكل التي يعانون منها في مجتمعاتهم وباتت الصحافة تشكل نوعاً من حرية الرأي لأفراد المجتمع والمنبر الحر الذي يقف من خلاله الناس في إسماع أصواتهم للمسؤولين، فهي المرآة الحقيقية العاكسة لكل معاناة الأفراد وبالتالي فقد أصبحت هناك علاقة وثيقة وقوية بين الناس ومعاناتهم وبين الصحافة فقد أزالت الغبار العالق على مطالبهم وهمومهم منذ زمن بعيد وقدمتها مشكورة لأصحاب الشأن· هناك رجال في مناصب مسؤولة على قدر كبير من التفهم والعقلانية وتقبل الآراء والانتقادات الصحفية والتي دائماً ما تصب في خانة المصلحة العامة معتبرين ذلك من أولوياتهم التي وجدوا من أجلها وإن هذا الشيء نابع من حرص وسائل الإعلام في توضيح الحقائق وإبرازها بالشكل الحقيقي حتى يمكن تلافي أي أخطاء موجودة فيما هناك، وعلى الجانب الآخر نجد المسؤولين الذين يمكن أن نطلق عليهم الفئة المتخاذلة في مجال عملهم لا يروق لهم سماع ما يطرح ويساق في الصحف ووسائل الإعلام فهم لا يطيقون سماع حتى اسم الصحافة أو أي مادة إعلامية أخرى تحاول نبش أغوار الحقائق الخافية عن الرأي العام ويسعون جاهدين بطريقة أو بأخرى لخلق فيما بينهم وبين الصحافة سداً وحاجزاً منيعاً لا يمكن النفاذ من خلاله وخطا أحمر لا يمكن تجاوزه أو تخطيه فهم لا يودون تقبل الانتقادات والاستماع لآراء الآخرين بالطريقة السلسة الصحيحة والمناسبة بل يسعون بكل طاقاتهم لوأد هذه الانتقادات والآراء في مهدها قبل نشرها خوفاً من افتضاح الأمر وكشف المستور ففي اعتقادهم السائد عن الصحافة إنها وجع رأس هم في غنى عنه، أمثال أصحاب هذه العقول المريضة المصابة بداء الخوف من الصحافة ورجال الإعلام والتي ما تزال حتى الآن تعيش في مكاتبها المسورة بالأسلاك الشائكة والتي يقف على حراستها المئات من المظليين والمنافقين والبعيدين عن تلمس مشاكل الناس وهمومهم ومعاناتهم فهؤلاء النفر من الناس وهذه الفئة المعينة من البشر هي دائماً في صراع مستمر مع رأي الصحافة كل ذلك خوفاً وخشية من المواجهة والمصارحة لكشف الحقائق المغيبة عن الآخرين فهي تتعامل مع الصحافة والآخرين من الناس بعقليات الماضي والزمان الغابر الذي عفا عليه الوقت· وعلى كل حال فأينما تواجدت مثل هذه العقول البشرية فهي قلة معزولة من الناس يحاولون مقاومة الأطروحات الصحافية التي تنبش الخبايا والأسرار القابعة تحت طاولات المكاتب· هذه الفئات من الناس وهذه النمطية من البشر هي موجودة بكل تأكيد في كل بلدان العالم وليست مقتصرة فقط على مجتمع أو بلد بعينه وإن كانت نسبة تواجدها في بلدان العالم الثالث بشكل أكبر مما هي عليه في البلاد الغربية حيث هناك لا مجال في التستر والاختباء عن الصحافة أو مراوغتها والمناورة عليها فهذا غير ممكن طبعاً في بلاد تؤمن بحرية الصحافة ودورها الكبير في تنوير أفراد المجتمع· إن الصحافة في حقيقة الأمر هي ليست عدوة لأحد أو سيفاً مسلطاً على الرقاب بقدر ماهي وسيلة حضارية راقية لكشف الحقائق وتقديمها للجمهور على ماهي عليه بكل واقعية وبدون زيف أو تضليل أو طمس وتزييف للحقائق وهي الوسيلة المثلى لسماع أصوات المقهورين والبسطاء من الناس، والطريقة القوية لوصول هذه الأصوات للمسؤولين عن هؤلاء الناس، فقط يبقى مدى تقبل الآخرين للانتقادات مهما كانت من الواقعية والجدية· حمدان محمد كلباء
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©