الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإيمان والعمل الصالح في الدنيا سر الرضا وبوابة السعادة

الإيمان والعمل الصالح في الدنيا سر الرضا وبوابة السعادة
20 أغسطس 2011 22:26
بعيدا عن حسابات الدرهم والدينار، ابدأ رصيدك في بنك الحسنات .. خفف الجسد من وطأة السعرات.. أطلق الروح في عبير العبادات. وجدد حياتك في رمضان وحاول أن تبدأ في هذا الشهر الكريم طريقا للسعادة، أول معالمه الإيمان والعمل الصالح والتردد على المساجد وكثرة الدعاء والاستغفار والرضا والتبسم وتجنب الحزن!. نستكمل اليوم ما عرضنا بالأمس حول سبل تجديد حياتنا في رمضان لتكون أكثر سعادة وأقل قلقا، من خلال تأصيل إسلامي لأسباب السعادة، ومع تسلمينا بأن السعادة مسألة نسبية تختلف مفاهيمها ومعاييرها من شخص إلى آخر فإنا نحاول عبر هذه السطور وضع معالم على طريق السعادة، ونجتهد في التعريف بأبرز المعوقات التي قد تعترض هذا الطريق، لأن الحياة لا تمضي على وتيرة واحدة فيجب أن تواجه كل الأحوال بصبر وثبات، فإذا نزلت بك شدة فما تصنع؟ يقول كارنيجي: سل نفسك: ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث لي؟ ثم هيئ نفسك لقبول أسوأ الاحتمالات؟ ثم اشرع في إنقاذ ما يمكن إنقاذه. ويعلق على ذلك الداعية الكبير الشيخ محمد الغزالي، رحمه الله، في كتابه «جدد حياتك» قائلا:إن هذه الخطة يوصي بها العقل والدين معا باتباعها فيقول صلى الله عليه وسلم: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى»، وعلى هذا فعلينا أن نعد أنفسنا لتقبل الحقيقة، وأن نعلم أن التسليم بما حدث هو الخطوة الأولى في التغلب على المصائب، فالمؤمن يعلم أن الصبر باب كبير لرضا خالقه، وهذا يحفزه لعدم الاغتمام بالمصائب. ويقول الغزالي تحت عنوان «هموم وسموم»: الناس في سباق رهيب لجمع حطام الدنيا، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة. ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له». ويتفق خبير التنمية الذاتية كارنيجي مع ما جاء في الحديث الشريف مؤكدا أن القلق هو القاتل الأول في أمريكا، مشير إلى أن ورجال الأعمال الذين لا يعرفون كيف يكافحون القلق يموتون مبكرا. والقلق هو أيضا أصل معظم الأمراض، فالطب يقول لنا بأن الأزمات النفسية تحول العصارات الهاضمة إلي سموم. وقد علمنا الرسول الكريم أن ندعو كل صباح ومساء:»اللهم أني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال». وينبه إلى أنه لا تعارض بين الرضا بالواقع والرغبة في تكميل النفس وإمدادها بما تحتاج إليه من الأغذية الدنيوية والعقلية والروحية. فإذا قال رسول الله :» ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس». فلا تجعل الرضا ذريعة القصور والقعود. الحقائق طريق الحل وإذا واجهتك مشكلة، يرشدك الغزالي إلى اتباع الخطوات التالية: استخلص الحقائق، وحللها ثم اتخذ قرارا حاسما واعمل بمقتضاه. ثم يأتي بعد ذلك جمع المعلومات مع استشعار السكينة التامة في تلقيها وضبط النفس أمام ما يظهر منها محيرا أو مروعا. ويشير الى أن حياة عدد كبير من القادة والأبطال تحفل بالمآزق التي لم ينج منها إلا تقييد الرهبة وإطلاق العقل ، ففي صلح الحديبية التفت عوامل الاستفزاز بالنبي وأصحابه لكن كظم النبي- صلى الله عليه وسلم - ما يحس به من حزن وأمر أصحابه أن يطرحوا الريبة والهم وأن يقبلوا معاهدة تصون الدماء وتنشر الأمان رغم ما فيها من تعنت. وقد يجد المرء نفسه أمام سلسلة من الفروض المقترحة للخروج من أزمة طارئة وقد يجد أن أحلاها مر، هنا تتكاثر حوله الأفكار القاتمة. أما المؤمن فيتذكر قوله تعالى : «قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ» التوبة 51 . وأخيرا عليك أن تنفذ القرار الذي توصلت له، بدون تردد، ولنذكر أن الله لا يحب الجبناء ويكفل المتوكلين عليه. اختلال المعايير ويلفت النظر إلي مفارقة عجيبة قد يقع فيه الكثيرون وهي أننا قد نواجه كوارث الحياة في شجاعة وصبر ثم ندع توافه الأمور تغلبنا على أمرنا لذلك يقول رسول الله «إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه»، وكما أن تجمع الصغائر يهدد حياة الإنسان، فإن تجسيم الصغائر أمر فيه الظلم الشديد. ومن المؤسف أن بعض الناس يقع على السيئة في سلوك شخص ما فيقيم الدنيا ويقعدها من أجلها ثم يعمي أو يتعامى عما تمتلئ به حياة هذا الشخص من أفعال حسان وشمائل كرام ، والله عز وجل يتجاوز عن التوافه «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً»سورة النساء : 31. ويوضح أن إحساس المؤمن بأن زمام العالم لن يفلت من يد الله يقذف بمقادير كبيرة من الطمأنينة في فؤاده، ذلك أنه مهما اضطربت الأحداث فكلها بمشيئة الرحمن «وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» سورة: يوسف الآية:21 .، فالمؤمن الحق هو من يتوكل على الله ويستريح إلي ما يأتي به المستقبل، فلا معني للتوتر والقلق بازاء أمور تخرج عن نطاق إرادتنا، أما الندم الصحي فهو فقط على ما فرطنا وليس في الأمور القدرية. والركون إلى القدر يورث الرجل جرأة على مواجهة اليوم والغد ويجعله أكثر تحملا لأي خسارة مهما عظمت. ويدعونا الغزالي إلى التعلم من دروس الماضي وليس تجديد الحزن عليها، مؤكدا أن سعادة الإنسان أو شقاوته أو قلقه أو سكينته تنبع من نفسه وحدها. إنه هو الذي يعطي الحياة لونها البهيج أو المقبض، فالسائل يتلون بلون الإناء الذي يحويه: «فمن رضى فله الرضا، ومن سخط فله السخط» كما جاء في الحديث النبوي. «لا تحزن» في تقديمه للنسخة التالية بعد المليونين من كتابه الشهير «لا تحزن» يقول المؤلف عائض القرني: كنت قبل أن أكتب هذا الكتاب أبحث عن مشكلة الإنسان الأولى فوجدت أنها الحزن ولهذا قال رسولنا لصاحبه في الغار «لا تحزن إن الله معنا» سورة التوبة: 40، وأشار أهل الجنة إلى ذلك بعد تمام النعيم «وقالوا الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن» سورة فاطر: 34. فمن يخلصك من الحزن والقلق لتبدأ الطريق نحو شيء من السعادة على الأقل؟ لا أحد يفعل ذلك سواك، فأنت مؤلف كتاب عمرك وكاتب قصة حياتك، انت القلم والقرطاس، وليس أحد مسؤولا عما تملي وتكتب، فاختر مصيرك وحدد هدفك «بل الإنسان على نفسه بصيرا» سورة القيامة:14، سرورك، ابتهاجك، نجاحك من صنع نفسك، ومن فيض خواطرك، على حد قول عائض القرني. حزنك، فشلك من كسب يدك ومن نتاج تصرفك « لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت»سورة البقرة : 286.. يضيف المؤلف: إن الإنسان الذي وجه فكره إلى الأحزان والفشل سوف يحزن ويفشل وتتعود نفسه على ذلك. لا تشكو النكد وتكرار التزمر من المصائب فتبقى في النكود دائما وتعيش المصائب أبدا. اخرج من السجن الذي دخلت فيه بطوع نفسك ولا تتشاءم فيحل بك ما تكره «فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم» سورة الصف:5. طريقتان عندما أصيب المؤلف بمرض في ركبتيه، جلس مع صديقين في مجلسين منفصلين، أحدهما صاحب إيمان عميق وفال حسن، فبشره أن هذا المرض في صالحه، فهو كفارة وطهارة ودورة للتأمل في النعم وغسل الخطايا وربما حماه من أمراض أشد، موضحا أن هذا المرض لن يعطل حياته ولا يوقف نجاحه، فشعر المؤلف بالفرحة والاستبشار ورضا بما قدره الله وواصل علاجه بنفس سوية. أما الصديق الثاني فطبعه التشاؤم واستحضار الهموم، فقال إن المرض جاءه مبكرا ولا يدري هل ستنجح العملية الجراحية أم لا ؟ وربما تعيق حركته وذكر أخبار الذين أصيبوا بهذا المرض ومضوا يعانون منهم فترات طويلة، فما أن انتهى المجلس حتى امتلأ حزن وهما. فانظر إلى الطريقتين في التعامل مع نفس المرض علما بأنه لم يتغير في الوضع شيء وإنما اتجه الفكر عندهما إلى اتجاهين مختلفين.ويُشبه حالنا مع أن الهموم والأحزان بالنار إذا اشتعلت نجد الفراشات تتجه إليها وتحترق، بينما تهرب منها بقية الطيور وكذلك الناس فضعاف الأنفس يجلبون الهم والحزن لأنفسهم، أم الأقوياء فمتفائلون مبتهجون. لا تحزنوا يؤكد القرني أن الحزن منهي عنه شرعا مستشهدا بقوله تعالى»ولا تهنوا ولا تحزنوا» سورة آل عمران. {139} وفي موضع آخر» ولا تحزن عليهم» سورة النحل: 127و قوله تعالى» لا خوف عليهم ولا هم يحزنون» سورة يونس : 62، فالحزن ليس مطلوبا ولا فائدة منه وقد استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم:«اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن» ويقول أهل الجنة إذا دخلوها«الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن» سورة فاطر : 34 أضحك باعتدال على عكس صورة العبوس النمطية التي تلتصق ببعض المتشددين في تدينهم، نجد الإسلام أن يدعو الي التبسم والضحك المعتدل، فهو بلسم للهموم وينطوي على قوة عجيبة لفرح الروح ، حتى قال أبو الدرداء – رضي الله عنه- : إني لأضحك حتى يكون إجماما لقلبي، وكان أكرم الناس، صلى الله عليه وسلم، يضحك أحيانا حتى تبدو نواجزه، لكنه ضحك بلا إسراف لأن « كثرة الضحك تميت القلب» ودنينا الحنيف يحثنا على التبسم فيقول صلى الله عليه وسلم «وتبسمك في وجه أخيك صدقة» وجاء في القرآن الكريم «فتبسم ضاحكا من قولها» سورة النمل آية 19 وذلك لا يعني ضحك الاستهزاء والسخرية «فلما جاءهم بأياتنا إذا هم منها يضحكون» سورة الزخرف: 47.بل أن الضحك من نعيم أهل الجنة «فاليوم الذين أمنوا من الكفار يضحكون» سورة المطففين: 34. مفاتيح السعادة يقدم عائض القرني في كتابه « لا تحزن» مفاتيح لتحقيق السعادة مستمدة من الرؤية الإسلامية، من أبرزها: ? أن الإيمان والعمل الصالح هما سر حياتك الطيبة ، فاحرص عليهما. ? اطلب العلم والمعرفة، وعليك بالقراءة فإنها تذهب الهم. ? جدد التوبة واهجر المعاصي؛ لأنها تنغص عليك الحياة . ? عليك بقراءة القرآن متدبراً، وأكثر من ذكر الله دائماً . ? أحسن إلى الناس بأنواع الإحسان ينشرح صدرك . ? كن شجاعاً لا وجلاً خائفاً ، فالشجاع منشرح الصدر . ? طهر قلبك من الحسد والحقد والدغل والغش وكل مرض . ? انهمك في عمل مثمر تنسَ همومك وأحزانك. ? عش في حدود يومك وانس الماضي والمستقبل . ? انظر إلى من هو دونك في الصورة والرزق والعافية ونحوها. ? قدِّر أسوأ الاحتمال ثم تعامل معه لو وقع . ? لا تطاوع ذهنك في الذهاب وراء الخيالات المخيفة والأفكار السيئة. ? لا تغضب، واصبر واكظم واحلم وسامح ؛ فالعمر قصير. ? لا تتوقع زوال النعم وحلول النقم، بل على الله توكل. ? أعطِ المشكلة حجمها الطبيعي ولا تضخم الحوادث . ? تخلص من عقدة المؤامرة وانتظار المكاره.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©