الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليمن... خطوات أساسية لهزيمة «القاعدة»

17 أغسطس 2013 22:28
يوجد في مكان ما باليمن العشرات من الأشخاص الذين تسعى الولايات المتحدة إلى القبض عليهم، أو قتلهم باعتبارهم عناصر قيادية في تنظيم «القاعدة»، ويعتقد المسؤولون في الإدارة الأميركية أنهم يخططون لشن هجمات على أميركا ومصالحها في الخارج. ولتحقيق هذا الهدف والنيل من تلك العناصر، نفذت الولايات المتحدة العشرات من الهجمات الجوية عبر الطائرات من دون طيار وصل عددها حسب التقديرات الأكثر تحفظاً إلى 91 هجوماً امتدت على مدار الثلاث سنوات ونصف السنة الماضية. لكن المشكلة تكمن في نسبة النجاح المحدودة لتلك الطلعات الجوية الفتاكة، إذا رغم قتلها لعدد كبير من الأفراد تبقى نسبة الشخصيات المهمة بينهم ضعيفة، فمن بين 632 و1231 شخصاً قتلهم الولايات المتحدة باليمن في ديسمبر عام 2009 لم يكن من بينهم سوى نسبة ضئيلة جداً من القيادات العليا في تنظيم «القاعدة»، الذي تحاربه أميركا، بحيث لم يتجاوز العدد أربعة قياديين حسب أفضل المصادر المطلعة سواء في الغرب، أو اليمن، وهم أفراد ينتمون تحديداً إلى تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، الذي يتخذ من اليمن مقراً له، فيما تستهدف أغلب الهجمات التي تقوم بها الطائرات الأميركية أشخاصاً في الصفوف المتوسطة، أو السفلى من «القاعدة»، بالإضافة إلى سقوط عدد من الضحايا المدنيين سواء من الرجال، أو النساء، أو الأطفال. وتأتي النتيجة على هذا النحو المتواضع عندما يبالغ المسؤولون في الاعتماد على الطائرات من دون طيار على أمل أن تستأصل «القاعدة»، والحال أن تهديدات هذه الأخيرة آخذة في التصاعد بدل التراجع، ناهيك عن أن استراتيجية تكثيف الطلعات الجوية فوق اليمن غير قابلة للاستدامة بالنظر إلى كلفتها الباهظة وعدم التزامها بالحذر المطلوب توخيه. لكن في ظل التهديدات الأمنية الحقيقية وغياب البدائل الكثيرة، يبدو أن أوباما مصمم على المضي قدماً في نفس الدرب، إذ ترى الإدارة أنه بتكثيف ضرباتها الجوية ضد «القاعدة» في اليمن يمكن تركيعها إلى الدرجة التي لن تعود معها قادرة على التخطيط لضرب أميركا، أو استهداف مصالحها. ومع أن استخدام الطائرات من دون طيار قد يكون سلاحاً فعالًا، لا سيما في ظل التحفظ المفهوم لإدارة أوباما عن إرسال جنود إلى اليمن، إلا أن أوباما حتى وهو يبدي تردداً في مراجعة الاستراتيجية الأميركية برمتها يستطيع تقليص الأضرار الجانبية لمقاربته وتعظيم المكاسب سواء بالحفاظ على حياة الناس، أو بلوغ الأهداف المسطرة، ومن تلك الخطوات التي يمكن لأوباما اتباعها الاستخدام الحصيف والعقلاني للطائرات من دون طيار. الولايات المتحدة تعتمد حالياً على نوعين من الهجمات في اليمن، تستهدف إحداها «الأهداف ذات القيمة العالية»، التي تحدث عندما تتعرف الجهات المختصة على هوية الهدف سواء كان في سيارة، أو في بيت حتى لو لم تكن هوية الأشخاص المصاحبين له معروفة، فيما تسمى الثانية بالضربات العشوائية التي لا تعرف من خلالها وكالة الاستخبارات المركزية هوية الأشخاص المستهدفين، معتمدة فقط على «أنماط حياة» معينة مثل زيارة أشخاص لمنزل معروف أنه تابع لأحد عناصر «القاعدة»، أو إجرائهم في سيارة واحدة لمكالمة مع أحد قيادات «القاعدة»، هذا النوع الأخير من الهجمات يثير عدداً من الإشكالات في اليمن، حيث أغلب أعضاء «القاعدة في جزيرة العرب» هم من اليمنيين المرتبطين بمحيطهم الاجتماعي في القبيلة، لذا من الصعب تحديد ما إذا كان رجل ما بلحية طويلة وسلاح على كتفه هو من القاعدة، أو فقط أحد رجال القبائل، وهو ما يستدعي في النهاية وقف الهجمات العشوائية. ولا ننس أيضاً أن اليمنيين لا ينزلون إلى الشارع احتجاجاً على الهجمات الأميركية عندما يتعلق الأمر بأحد قياديي «القاعدة»، إنما يحتجون عندما يتعلق الأمر بسقوط المدنيين الأبرياء، وهو بالضبط ما حدث عندما قتل أنور العولقي، حيث لم يخرج أحد إلى الشارع، فيما تصاعدت الأصوات المستنكرة عندما قُتل نجله اليافع بعد أسبوعين، يضاف إلى ذلك أنه على أميركا تحسين قدراتها الاستخباراتية في المجال البشري. فرغم ما تنطوي عليه الطائرات دون طيار من تكنولوجيا متقدمة، فإنها تبقى قاصرة لوحدها عن رصد الأهداف، فلا جدوى من رصد سيارة في أحد طرقات اليمن إذا كانت عاجزة عن تحديد ركابها والتعرف على هويتهم، لذا يظل نقص المعلومات الاستخباراتية التي يجمعها البشر على الأرض نقطة الضغط الأساسية للولايات المتحدة في اليمن. أما الخطوة الأخرى التي يتعين على واشنطن مراعاتها في حربها على «القاعدة» باليمن، فتتمثل في إفساح المجال أكثر أمام رجال القبائل وعلماء الدين للمشاركة في المعركة، فالأشخاص الأكثر قدرة على تعطيل «القاعدة» ومواجهتها هم اليمنيون أنفسهم مثل رجل الدين سليم الجابر الذي لم يكف عن انتقاد «القاعدة» وطريقتها في العمل. لكن عندما اجتمع به أفراد من عناصرها في محاولة منهم لثنيه عن انتقاده ودعوته لتخفيف حدة لهجته ضدهم باغتتهم طائرة من دون طيار ليقضي الرجل ومن معه في الهجوم، وهو ما يعيدنا إلى ضرورة توخي الحذر والتحلي بالحصافة في شن الهجمات، فمن خلال الحد من الضربات الجوية العشوائية، وتقليص قائمة الأهداف المهمة ستفتح الولايات المتحدة المجال واسعاً أمام رجال الدين في اليمن ومعهم أعيان القبائل للمشاركة في المعركة ضد الإرهاب. ‎جريجوري جونسون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©