الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استئناف عمل «كايسونج»: رغبة كورية

17 أغسطس 2013 22:31
تمكنت الكوريتان الشمالية والجنوبية الأربعاء من إحراز تقدم هام في اتجاه إعادة فتح منطقتهما الصناعية الحدودية التي تدار بشكل مشترك، في ما يمثل نقطة تحول -عقب أسابيع من المفاوضات العقيمة- وصفتها الرئيسة الكورية الجديدة بارك جون هاي بأنها يمكن أن تشكل «بداية جديدة» بالنسبة للعلاقات بين الجارتين. ففي ختام آخر جولة من المفاوضات، أصدرت الكوريتان بياناً يتعهد ببذل جهود «حثيثة» لإعادة فتح مجمع كايسونج الصناعي، الذي تعرض للحصار ثم الإغلاق من قبل الشمال قبل أربعة أشهر خلال فترة تميزت باحتدام التوتر بين الجانبين. والواقع أن الاتفاق ليس شاملاً ولا نهائياً، إذ مازال يتطلب مزيداً من جلسات الحوار، بل يترك المجال مفتوحاً للوقوع في بعض المزالق، مثلما يقول بعض المحللين، غير أنه يمثل أوضح مؤشر حتى الآن على أن الشمال والجنوب، ورغم تبادلهما لتهديدات قوية خلال الربيع الماضي، يرغبان في التعاون مجدداً وإن بطرق محدودة. كما أنه في حال استأنف مجمع كايسونج نشاطه، فإن ذلك سيوفر أساساً لاستراتيجية «سياسة الثقة» التي تتبناها بارك، والتي تدعو إلى بناء علاقات كورية كورية وتعميق التعاون، ولكن فقط في حال أثبتت بيونج يانج أنها جديرة بالثقة. وفي محادثات الأربعاء، بدا أن الشمال قدّم تنازلاً مهماً، حيث تعهد بأن يظل المجمع مشتغلاً في المستقبل بغض النظر عن «الوضع السياسي». وجاء ذلك بعد أن أمضى المفاوضون الكوريون الجنوبيون، الذين دخلوا ما وصفوه بالجولة الأخيرة من المفاوضات، أكثر من 50 ساعة، موزعة على ستة اجتماعات، في الضغط باتجاه الحصول على هذه الضمانة، حيث شدد الجنوب على أنه لن يوافق على استئناف مجمع كايسونج لنشاطه إلا إذا تعهدت بيونج يانج بعدم إغلاق المجمع بشكل أحادي مرة أخرى. والطريقة التي صيغ بها البيان المشترك كانت فضفاضة ولم تحمِّل الشمالَ مسؤولية إغلاق المجمع في أبريل الماضي بشكل مباشر. لكن نص البيان أشار إلى أن الجنوب والشمال يضمنان «الاشتغال الطبيعي» للمنطقة الصناعية. واللافت أن الكوريتين وافقتا أيضاً على استضافة المجمع لمستثمرين أجانب -وهي خطوة يعتقد المسؤولون الكوريون الجنوبيون أنها ستجعل من الصعب أكثر على «الشمال» إغلاق المنطقة الصناعية وفق أهواء ونزوات قيادته. ووصف كيم كي وونج، أحد أعضاء الوفد الكوري الجنوبي المفاوض، البيان بأنه «البداية وليس النهاية». مجمع كايسونج الصناعي، الذي يجمع بين شركات كورية جنوبية صغيرة ومتوسطة وعمالة كورية شمالية رخيصة، فتح قبل تسع سنوات باعتباره مقدمة لزمن أكثر تفاؤلاً. وكان الزعماء الكوريون الجنوبيون يأملون في نجاح تجربة مجمع كايسونج، الذي يمثل فقاعة من الرأسمالية تقع على بعد ستة أميال إلى الشمال من الحدود منزوعة السلاح، وفي أن يفضي نجاحها إلى عملية تحرير أوسع في «الشمال». والواقع أن ذلك لم يحدث، غير أن الحكومة الكورية الشمالية تعتمد على مجمع كايسونج للحصول على ما يقدر بـ80 مليون دولار، تؤخذ في معظمها من رواتب العمال. وبالمقابل، أضحى مجمع كايسونج رمزاً للتفاعل الغريب والمحدود بين الشمال والجنوب. ففي المنطقة التي تمتد على مساحة 800 فدان، تنبعث موسيقى البروباجندا الشمالية من مكبرات الصوت، وتوفر كوريا الجنوبية الخبرة التقنية، والكهرباء، وحتى الطعام للعمال بواقع وجبتين رئيسيتين يومياً إضافة إلى عدد من الوجبات الخفيفة. وخلال الأشهر الأربعة التي توقف فيها العمل بمجمع كايسونج، تعرضت المعدات والأجهزة للتلف بسبب رطوبة فصل الصيف. وخلال هذه الفترة توقف نحو 53 ألف كوري شمالي عن العمل، وخسرت الشركات الكورية الجنوبية الـ123 العاملة في المنطقة قرابة مليار دولار. ويرى بعض المحللين أن استئناف العمل في كايسونج مهم لسبب مختلف: لأنه يثبت أن الكوريتين ترغبان في التعامل إحداهما مع الأخرى. وهو أمر لم يحدث خلال معظم السنوات الخمس الماضية عندما كان المحافظون موجودين في السلطة في سيئول. فتحت حكم لي ميانج باك، رئيس كوريا الجنوبية من عام 2008 إلى أوائل هذا العام، قام الجنوب بقطع المساعدات عن جاره الفقير، قائلاً إن استئنافها يتوقف على الخطوات التي يقوم بها الشمال في اتجاه التجرد من الأسلحة النووية. فرد الشمال بغضب، حيث وجهت وسائل الإعلام التابعة للدولة تهديدات بالاغتيال إلى «لي»، ونفذ الشمال هجمات قاتلة على الجنوب مرتين. وبحلول نهاية فترة «لي» الرئاسية، كان الشمال والجنوب قد قطعا كل الاجتماعات الثنائية والجولات السياحية والمبادلات التجارية، باستثناء كايسونج. «بارك»، التي بدأت ولاية من خمس سنوات، نُصبت في فبراير الماضي وتسعى إلى منزلة بين المنزلتين أو أرضية وسطى بين «الصداقة من جانب واحد» التي اتبعها الرؤساء الليبراليون السابقون، والموقف المتشدد الذي تبناه «لي». وخلال زيارتها لواشنطن في مايو الماضي، قالت بارك للكونجرس إنها ترغب في بناء الثقة مع الشمال من خلال الحوار والتعاون، الأمر الذي سيفضي إلى إعادة توحيد الكوريتين بشكل سلمي. وقالت في هذا السياق: «مثلما نقول في كوريا، إن اليد الواحدة لا تصفق»، مضيفة أن «الثقة شيء لا يمكن فرضه على الآخر». ‎تشيكو هارلان سيئول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©