الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خسائر الروس في أوكرانيا.. حقيقة غائبة

خسائر الروس في أوكرانيا.. حقيقة غائبة
5 سبتمبر 2014 23:52
ريد ستاندش واشنطن مع وجود جنود روس يشاركون في القتال في شرق أوكرانيا، فمن شبه المؤكد أن يلقى بعض هؤلاء الجنود حتفهم. وحالياً يخوض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حملة يستهدف بها فيما يبدو ألا يعرف الناخبون الحقيقة المرة والمدمرة سياسياً. وفي نهاية الشهر الماضي، ظهرت تقارير في وسائل إعلام روسية عن تزايد مفاجئ في عدد من قتلوا أو جرحوا من أفراد الجيش الروسي من دون تقديم تفاصيل أو أسباب. ونشرت قناة «تي. في. دوزد» التلفزيونية الروسية قائمة بأسماء الجنود الروس الذين قتلوا أو جرحوا أو احتجزوا في أوكرانيا. وأشارت القناة التلفزيونية إلى أن جثتي جنديين من قوات المشاة الروسية أعيدتا إلى مدينتهما الأم «نيزني نوفجورود» الواقعة شرقي موسكو بعد مقتلهما في انفجار لغم أرضي في مدينة لوهانسك الأوكرانية التي شهدت قتالاً مكثفاً خلال الآونة الأخيرة. وعلاوة على هذا، ذكرت القناة التلفزيونية نفسها في تقرير أن تحقيقاً أجرته «لجنة أمهات الجنود» توصل إلى أن 200 جندي روسي يُعتقد أنهم أجبروا على التوقيع على تعهدات تتعلق بوجودهم في أوكرانيا. وأخذت لجنة أمهات الجنود بزمام المبادرة في محاولة العثور على إجابات تتعلق بالضحايا الروس في أوكرانيا، لكن وزارة العدل الروسية فرضت قيوداً إدارية على فرع اللجنة في سان بطرسبورج كما أدرجتها الحكومة في قائمة «عميل أجنبي». واكتسبت اللجنة شهرة كبيرة منذ نشاطها الواسع في الاهتمام بمصير الجنود الروس الذين كانوا يقاتلون في الشيشان أثناء تسعينيات القرن الماضي عندما قوض الكشف عن العدد الكبير من الضحايا في هذه الحرب، جزءاً كبيراً من شعبية حكومة بوريس يلتسين. وأعلن مجلس حقوق الإنسان، التابع للرئاسة في روسيا، أن 100 مصاب من القوات المسلحة نقلوا جوً إلى مستشفى عسكري في سان بطرسبيرج لتلقي العلاج، وأن تسعة جنود لقوا حتفهم في عمليات تدريب في منطقة روستوف. لكن المجلس لم يسهب في تقديم أسباب مفصلة لمقتل الجنود. وعلى الرغم من الضبابية التي تحيط بقضية الجنود القتلى والمصابين، بدأت تقارير تطفو على السطح، ويتداولها الناس، تتحدث عن توابيت عائدة من أوكرانيا. ومطلع هذا الشهر، تم العثور على مقبرتين بالقرب من مدينة بسكوف التي يوجد بها فرقة شهيرة من القوات المظلية. وكانت صحيفة «بسكوفسكايا جوبرنايا» المحلية هي التي رصدت وجود المقبرتين اللتين قالت إن حفرهما حديث العهد. والمقبرتان لا وجود لأسماء المدفونين فيها. وذكرت تقارير أن أقارب الجنود تم تحذيرهم من الإدلاء بتصريحات وإفادات لوسائل الإعلام. وذكر الصحفيون الذين اكتشفوا المقابر أنهم تعرضوا لهجوم عند المقابر من قبل من وصفوهم بأنهم «بلطجية». وفي مؤشر آخر على احتمال مشاركة القوات المظلية التي مقرها «بسكوف» في القتال في أوكرانيا، منح الرئيس بوتين «وسام سوفوروف» للفرقة 76 يوم 18 أغسطس تقديراً «لشجاعتها وبطولتها» في أداء مهام لم يتم تحديدها. ووفقاً لقائمة الوفيات التي نشرتها قناة «تي. فيه. دوزد» التلفزيونية الروسية، فإن أربعة أفراد من الفرقة لقوا حتفهم في القتال في أوكرانيا. وعلى الرغم من أن موسكو تصر بشدة على نفي وجود جنود لها يقاتلون في أوكرانيا، فقد اعتقل جنود روس في شرق أوكرانيا في الآونة الأخيرة، وزعم هؤلاء الجنود أنهم ضلوا سبيلهم من دون قصد في الأراضي الأوكرانية. والجنود، وهم من أفراد الفرقة 98 الروسية المحمولة جواً، محتجزون حالياً في كييف. وعندما انتشرت أنباء اعتقالهم، ظهرت أمهاتهم أمام الكاميرات، وناشدن الرئيس بوتين بأن يكفل لأولادهن عودة آمنة للديار. وشهد بوتين ارتفاعاً كبيراً في معدلات التأييد التي يحظى بها في غمرة القتال الدائر في شرق أوكرانيا لكن تصاعد عدد الضحايا من المحتمل أن يقلص المكاسب السياسية التي راكمها بوتين نتيجة وقوفه في وجه الغرب. وفي مقابلة مع مجلة فورين بوليسي الأميركية صرح «ستيف بيفر»، سفير الولايات المتحدة السابق في أوكرانيا ومدير مبادرة التحكم في الأسلحة وعدم انتشارها في معهد بروكينجز «الحروب القصيرة الأمد التي بلا دماء، والتي يتم الانتصار فيها، تحظى بشعبية في كل مكان... لكن الناس لا يبدأون في طرح السؤال الخاص بإذا ما كان الأمر يستحق هذا بالفعل إلا بعد تصاعد عدد الضحايا». وعدم رغبة روسيا في التحدث بصراحة عن مقتل جنودها في أوكرانيا يعيد إلى الأذهان ذكريات الاتحاد السوفييتي حينما كان يتم التكتم على الجنود القتلى العائدين من أفغانستان. وتشير إحصاءات إلى أن نحو 13 ألف جندي سوفييتي لقوا حتفهم في حملة أفغانستان لكن النطاق الكامل لعدد الضحايا لم يتضح تماماً إلا بعد الانسحاب السوفييتي عام 1989. واستمر اتباع هذه السياسة في عهد الاتحاد الروسي أثناء الحربين اللتين خاضهما في الشيشان، وتكبدت فيهما القوات الروسية خسائر ثقيلة، لم يعرف حتى الآن حجمها بشكل كامل. ومع تزايد عدد التوابيت العائدة من أوكرانيا واحتدام الصراع، لا عجب إذن أن يتخذ الكرملين إجراءات ضد لجنة أمهات الجنود التي بدأت أنشطتها تكشف عن حقائق تناقض الرواية الحكومية للأحداث. لكن مع تراكم الأدلة، وتوافرها للجمهور الروسي، لن يستطيع الكرملين إبقاء الحقيقة دفينة لوقت أطول. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©