الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غرب أفريقيا.. عنصر مفقود في معركة «إيبولا»

5 سبتمبر 2014 23:53
جيم يونج كيم - رئيس البنك الدولي بول فارمر - أستاذ بجامعة هارفارد إذا كان وباء «إيبولا» الذي يدمر غينيا وليبيريا وسيراليون قد ضرب بدلاً من ذلك واشنطن أو نيويورك أو بوسطن، لكانت أنظمة الصحة المنوطة بلا شك قد استطاعت أن تحتوي المرض ومن ثم القضاء عليه. ولكانت المستشفيات ستسارع إلى عزل الحالات المشتبه فيها، ويتم تجهيز عمال الصحة بالملابس والمعدات الواقية. كما كان الأطباء والممرضون سيبادرون بإدارة رعاية داعمة وفعالة، تشمل المعالجة الشاملة للجفاف وضعف الكلى ووظائف الكبد، والاضطرابات الناتجة عن النزيف، كما كانت المختبرات ستسارع إلى التخلص من المواد التي تمثل خطورة بشكل صحيح. وكان سيتم كذلك إعداد مركز قيادة للصحة العامة ليكون مسؤولاً عن الاستجابة المباشرة والتواصل بشكل واضح مع الجمهور لتعريفهم بتفشي المرض. ينتشر فيروس الإيبولا عن طريق الاتصال المادي المباشر مع سوائل الجسم المصاب، مما يجعله أقل قدرة على الانتقال من الأمراض التي تنتقل عبر الهواء مثل السل. ونحن نعتقد أن نظاما صحيا فعالا يمكنه إيقاف انتقال فيروس «إيبولا»، وإنقاذ حياة معظم الناس الذين أصابهم المرض. فلماذا لا يحدث ذلك في غرب أفريقيا، حيث لقي أكثر من 1500 شخص حتفهم بالفعل بسبب تفشي هذا الوباء؟ وبينما تسحب الجماعات الدولية موظفيها من هذه الدول الثلاث، وتعلق شركات الخطوط الجوية رحلاتها وتغلق الدول المجاورة حدودها، فقد أشار البعض إلى أنه سيكون من المستحيل احتواء انتشار هذا المرض – هذا لأن نظم الصحة العامة ضعيفة جداً وعمال الصحة في غاية الندرة. ولكن من ناحية أخرى، فقد تم وقف كل تفشٍ لوباء إيبولا حتى وقتنا هذا، وبالإمكان أيضاً وقفه في غرب أفريقيا. الأزمة التي نراها تتكشف لا تُستمد من الفيروس نفسه بقدر ما تأتي من الآراء القاتلة وذات المعلومات المغلوطة التي أدت إلى استجابة غير كافية بشكل كارثي لهذه الموجة من تفشي المرض. وهذه الآراء تستمر بشكل مأساوي على الرغم من الأدلة التي دحضتها مراراً وتكراراً. فمنذ خمسة عشر عاماً، قال خبراء غربيون بثقة إنه لا يوجد سوى القليل الذي يمكن للدول الغنية أن تفعله لوقف أزمة الايدز العالمية، والتي كانت تقتل ملايين الأشخاص في أفريقيا وأماكن أخرى. واليوم، بفضل قيادة ومناصرة الرئيس الأميركي السابق «جورج دبليو بوش»، وائتلاف من أعضاء الكونجرس من الحزبين والمنظمات الشجاعة القائمة على الإيمان والباحثين في الحكومة الأميركية مثل «توني فاوتشي» و«مارك ديبول»، فإن أكثر من عشرة ملايين مواطن أميركي يتلقون علاجاً لإنقاذ حياتهم. وقد تم استخدام حجة عدم اتخاذ أي إجراء على مدى سنوات كعذر لعدم القيام بأي جهد للسيطرة على أمراض السل والملاريا وغيرها من الأمراض المقاومة للعقاقير، والتي تصيب الفقراء في المقام الأول. ولكن الواقع هو أن أزمة تفشي مرض «إيبولا»، التي نشهدها اليوم هي انعكاس لاتجاه طويل الأمد ومتزايد من عدم المساواة في الحصول على الرعاية الصحية الأساسية. إن دول غينيا وليبيريا وسيراليون لا يوجد بها الموظفون أو الأدوات أو النظم المطلوبة لوقف تفشي المرض. ووفقاً لما ذكرته وزارة الصحة، فإن ليبيريا قبل تفشي المرض كان بها خمسون طبيباً فقط يعملون في مرافق الصحة العامة ويخدمون شعباً يتكون من 4.3 مليون نسمة. ولوقف هذا الوباء، فنحن في حاجة إلى استجابة طارئة تعادل هذا التحدي. نحن في حاجة إلى مساعدة المنظمات الدولية والدول الغنية التي تملك الموارد والمعرفة المطلوبة لكي تخطو إلى الأمام وتشارك حكومات غرب أفريقيا للقيام باستجابة خطيرة ومنسقة، كتلك المنصوص عليها في خريطة الطريق التي وضعتها منظمة الصحة العالمية للاستجابة لمرض إيبولا. إن العديد من الأشخاص يموتون بلا داعٍ، والمعروف تاريخياً أنه في غياب الرعاية الفعالة، فإن الإصابات الحادة الشائعة كانت تتسم بمعدلات وفيات مرتفعة. وما يحدث مع وباء «إيبولا» في أفريقيا ليس مختلفا، في عام 1967، عندما تفشى مرض حمى «ماربورج» النزفية في ألمانيا ويوغوسلافيا - وهو مرض يشبه فيروس إيبولا – كان معدل الوفيات 23 بالمائة. قارن هذا المعدل بنسبة ال 86 بالمائة بالنسبة للحالات في جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا في السنوات التي تلت ذلك. والفرق هو أن ألمانيا ويوغسلافيا كان لديهما نظم صحية فعالة وموارد لتقديم العلاج الفعال للمرضى. أما دول غرب أفريقيا التي تتعامل مع الإيبولا حالياً فلا تملك أي شيء من هذا. ومع استجابة قوية للصحة العامة بقيادة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الغنية، فإن الفيروس سيتم احتواؤه وستنخفض معدلات الوفيات-التي تزيد على 50 بالمائة في موجة تفشي الوباء الحالية، وفقا لأكثر التقديرات تحفظاً- بدرجة كبيرة، ربما لما دون 20 بالمائة. إننا في لحظة خطيرة في تلك البلدان الثلاثة بغرب أفريقيا، وكلها من الدول الهشة التي شهدت نموا اقتصاديا قويا في السنوات الأخيرة بعد عقود من الحروب وسوء الإدارة. وسيكون من المخزي أن ندع هذه الأزمة تتفاقم بصورة أكبر بينما نحن نملك المعرفة والأدوات والموارد لوضع حد لها. إن عشرات الآلاف من الأرواح ومستقبل المنطقة والمكاسب الاقتصادية والصحية التي تم الوصول إليها بشق الأنفس بالنسبة للملايين هي الآن في خطر. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©