الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

واشنطن وحماية الأكراد

5 سبتمبر 2014 23:54
هاري شوت ضابط متقاعد في الجيش الأميركي الاحتياطي بكردستان في الرابع عشر من شهر أغسطس ذكر أوباما في مؤتمر صحفي «لقد كسرنا حصار جبل سنجار»، مشيراً إلى أهمية إرسال بعثات للمساعدات العسكرية والإنسانية للتخفيف من الأزمة التي تواجه «الإيزيديين» المحاصرين على هذا الجبل من قبل مقاتلي «داعش». وبالتأكيد، فإن جهود الطيارين الأميركيين في مهاجمة أهداف داعش وتقديم المساعدات، بالتزامن مع قيام قوات البشمركة الكردية بهجمات برية، كانت حاسمة في السماح لمعظم المحاصرين على الجبل لإيجاد ملجأ في مناطق أخرى تسيطر عليها كردستان. وعلى الرغم من فك الحصار، إلا أن المهمة لا تزال بعيدة عن إتمامها. ولا يزال العالم المتحضر يواجه مشكلة إنسانية رهيبة موجودة في جميع أنحاء كردستان العراقية، إلى جانب وجود «داعش»، وهي دولة إرهابية وحشية لا تُهزم فضلاً عن أنها مجهزة تجهيزاً جيداً وممولة جيداً. والآن ليس هذا هو الوقت لتنفس الصعداء، ولكنه وقت مضاعفة الجهود لإنجاز المهمة. ويتعين كذلك معالجة المشاكل الإنسانية والعسكرية في وقت واحد، حيث إن كلا منهما في انتظار حدوث كوارث إذا لم تؤخذ على محمل الجد. فمن الناحية الإنسانية، نجد أن كردستان العراقية تستضيف أكثر من 1.2 مليون لاجئ إلى جانب أعداد من الأشخاص النازحين داخلياً. والعديد من هؤلاء اللاجئين من الأقليات، ومن بينهم مسيحيون وإيزيديون وأقلية الشبك، الذين طردوا من منازلهم بوساطة مقاتلي داعش تحت تهديدات بالقتل أو التحول عن الديانة. ويقيم هؤلاء اللاجئون في مخيمات ومتنزهات ومبانٍ تحت الإنشاء وملاجئ تابعة للكنيسة ومنازل خاصة. وتبذل حكومة كردستان الإقليمية قصارى جهدها، بمساعدة الأمم المتحدة، لإمداد هؤلاء الناس باحتياجاتهم. لكن الحكومة تواجه أيضا أزمة في الميزانية. فهي لم تحصل من بغداد على أية مدفوعات للميزانية منذ مطلع هذا العام وتخوض حربا ضد داعش. ويتعين على حكومة إقليم كردستان توفير المأوى والغذاء والدعم للاجئين غير القادرين على العودة إلى ديارهم طالما تسيطر داعش على مدنهم وقراهم. أما الوضع العسكري فليس أفضل كثيرا. وبالرغم من أن البشمركة تحظى بسمعة كقوات شرسة ومخلصة – فقد رأيتهم أثناء المعركة وقد كانوا عاملا حاسما في ضمان عودة الجنود الأميركيين إلى وطنهم سالمين عام 2004 - إلا أنهم مهزومون بشدة من قبل مقاتلي «داعش». وتستخدم قوات البشمركة معدات ترجع إلى الحقبة السوفييتية والتي استولى عليها جيش «صدام حسين» قبل عام 2003. وعلى الجانب الآخر، فإن «داعش» لديها معدات أميركية حديثة استولت عليها من فرق تابعة للجيش العراقي عندما تلاشت من أمام قوات داعش في شهر يونيو. ويمكن للمرء فقط أن يكون بهذه الشجاعة عند القتال باستخدام معدات بالية وذخيرة محدودة. ولذلك، فإن الضربات الجوية الأميركية والتعهدات بتقديم المعدات تلقى تقديراً كبيراً، وهناك حاجة شديدة إليها، لكن يجب أن يكون هذا الدعم مستمرا، حيث إن قوات البشمركة تواجه خطرا في كفاح العالم المتحضر ضد «داعش». فلماذا يجب على الولايات المتحدة المساعدة في الدفاع عن كردستان العراقية؟ ببساطة شديدة، لأنها الجزء الوحيد من العراق الذي يمثل قصة نجاح طوال الثماني سنوات التي بذلت أثناءها الولايات المتحدة جهودا لإحلال السلام والاستقرار في العراق. لقد قبل أكراد العراق هذا التحدي وازدهروا في ظل الدعم الأميركي المحدود، بينما يحترق سائر أنحاء العراق. إنها أرض التسامح، ومليئة بالأقليات الدينية والمسلمين من غير العرب. ومن مصالحنا الاستراتيجية أن نضمن ألا يفشل الأكراد. ولنكن واضحين: إن حكومة إقليم كردستان لا تطالب بجندي أميركي واحد للانضمام إليها للقتال على أرض الواقع. فجنودها مستعدون للقيام بهذا العمل بأنفسهم. لكن القوات الكردية في حاجة إلى معدات حديثة، وتدريب ودعم جوي. إن المساعدة في الدفاع عن كردستان يجب أن تمثل أولوية بالنسبة للولايات المتحدة والعالم المتحضر. هذه الخطوة الأولى يجب أن تُتبع باستراتيجية كبيرة تشمل على الأقل قطع التمويل عن «داعش» ومنع تدفق المجندين إليها، خاصة من الغرب، وتسهيل تشكيل حكومة عراقية جديدة شاملة تضم السُنة العرب ومساعدة السُنة على تضييق الخناق على الدعم الذي تحصل عليه داعش، وكذلك مساعدة العراقيين والسوريين على الاضطلاع بقتال داعش. هذه هو القتال الذي يجب شنه على «داعش» – هنا والآن. وإذا لم يحدث هذا، فإن وحوش «داعش» سيصبحون أكثر سعادة لتصدير خليطهم من الإرهاب وعدم التسامح الذي يعود للقرون الوسطى إلى سائر أنحاء العالم، مما يجعل تنظيم «القاعدة» يشبه مجموعة من بلطجية المدارس في هذه العملية. ينشر بترتيب مع خدمة «إم.سي.تي. انترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©