ميزانية أوباما الأولى تضع الاقتصاد والطاقة على رأس أولوياتها

تنبأ الرئيس الأميركي باراك أوباما بأكبر عجز مالي للولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية في ميزانية تضع قضايا الاقتصاد والطاقة والصحة على رأس أولوياتها، وتنفق مليارات من أجل علاج الكساد· ويبلغ العجز الهائل 1,75 تريليون دولار للسنة المالية ،2009 وهذا هو أكبر عجز مقوم بالدولار ولكن الأمر الأكثر أهمية لخبراء الاقتصاد أنه يعادل 12,3 في المئة من الناتج المحلي للولايات المتحدة وهو الأكبر منذ عام ·1945 وتنبأ أوباما أنه في عام 2010 سيهبط العجز الى 1,17 تريليون دولار· ووعد اوباما وهو ديمقراطي بالسيطرة على العجز، وسارعت المعارضة الجمهورية في الكونجرس الى انتقاد خطة الميزانية التي أكدت على عزم أوباما الوفاء بتعهدات حملته الانتخابية بتوسيع التغطية الصحية لغير المؤمن عليهم وإلغاء تخفيضات ضريبية للأثرياء والتحول بسياسة الطاقة الاميركية عن انواع الوقود الأحفوري· وقال اوباما الذي تولى منصبه في 20 من يناير الماضي والبلاد تعاني تحت وطأة أسوأ كساد اقتصادي منذ عقود ''لا أظن أنه يمكننا الاستمرار في مسارنا الحالي·· إنني أعمل من أجل الشعب الأميركي، وأنا عازم على إحداث التغيير الذي صوت من أجله الناس لي في نوفمبر (الماضي)''· وانتقد الجمهوريون خطة الميزانية بوصفها دليلا على التزام بسياسات ''الضرائب والانفاق''، الأمر الذي يؤذن بمعارك سياسية حتى يمكن اقرار الميزانية· وقال النائب مايك بنس عضو القيادة الجمهورية في مجلس النواب ''الشعب الاميركي يعلم اننا ينبغي الا نعتمد على جباية الضرائب والانفاق والاقتراض سبيلا إلى إصلاح الاقتصاد''· حدد باراك أوباما أمس الأول أولويات ميزانيته لعام 2010 وتصوراته للعشر سنوات المقبلة مستعرضا السبل التي يأمل من خلالها تغطية تكاليف الكثير من الاولويات الطموحة التي أعلن عنها خلال حملته الانتخابية وخلال الشهر الأول من توليه المنصب· وتشمل الميزانية تقديم حوافز اقتصادية عديدة قد تلقى معارضة من نواب الكونجرس مثل حوافز تشجيع الحد من الانبعاثات الضارة بالمناخ وأيضا الإصلاحات المتعلقة بالصحة والتعليم· كما ستشمل الميزانية إجراءات دائمة لخفض الضرائب المفروضة علي عمال الطبقة المتوسطة والتي تم سن قانون بشأنها الأسبوع الماضي، ولكنها تسمح بسلسلة من خفض الضرائب عن الأثرياء سنها الرئيس السابق جورج دبليو بوش عامي 2001 و،2003 على أن تنتهي بحلول عام ·2010 وقال أوباما ''بينما يتوجب علينا زيادة هامش العجز لدينا على المدى القصير لإغاثة أسرنا بشكل عاجل والدفع بعجلة الاقتصاد ··· فإن السبيل الوحيد لتحقيق نمو دائم ورفاهية عامة هو استعادة الانضباط في نظامنا المالي على المدى البعيد بما يحقق الرفاهية والنمو القوى''· وأعلنت إدارة أوباما أنه يمكن تقليص حجم العجز بنسبة تريليوني دولار - نصفها من خفض النفقات والنصف الآخر من زيادة الدخل - خلال العقد المقبل· وهاجم اوباما سلفه بوش بشدة لما أسماه ''محاسبة غير نزيهة''، وأشار إلى أن ادارته ورثت عجزا في ميزانية عام 2008 بلغ حجمه 1,3 تريليون دولار· ويشمل موجز الميزانية فصلا من 12 صفحة يفصل ''تراث اولويات في غير موضعها''· وقال أوباما ''هذه الميزانية هي حساب نزيه لوضعنا الحالي ولوجهتنا المستقبلية، وحذر أوباما من أن التعامل مع حالة الركود التي يمر بها الاقتصاد الأميركي سوف يكون لها الأولوية على مواجهة العجز المتزايد في الفترة القريبة المقبلة''· وقدم أوباما أمس الأول موجزا للميزانية يتكون من 140 صفحة للكونجرس، وسوف يتم تقديم الميزانية الكاملة لعام 2010 في إبريل المقبل للحصول على الموافقة عليها· وسخر الحزب الجمهوري المعارض من ميزانية أوباما المقترحة، واصفا اياها بمحاولة متكررة لفرض الضرائب من أجل توفير الانفاق على الخدمات التى يقدمها رئيس ديموقراطي له ميول يسارية· وقال جون بوينر زعيم الجمهوريين في مجلس النواب للصحفيين ''لقد عدنا إلى عهد الحكومات الكبيرة'' ووصف الميزانية بأنها ''قبيحة وتافهة وقاتلة للوظائف''· وتشمل الميزانية تقديم 250 مليار دولار إضافية لدعم مصارف ''وول ستريت'' التي تقف على شفا الانهيار، مما سيسمح للإدارة بضخ 750 مليار دولار في صورة رأسمال إضافي في القطاع المالي· ووعد أوباما بمجموعة من الإصلاحات الطموحة في قطاعات الصحة والتعليم والطاقة خلال السنوات المقبلة· واعتمدت الادارة في موازنتها ايضا على خفض الدعم الممنوح للقطاع الزراعي، ويخوض اوباما تحدي الشفافية والتغيير الذي رفع شعاره وانتخب على أساسه· واذا كان الرئيس الاميركي الجديد ورث عن سلفه الازمة المالية والاقتصادية، فإن هذه الموازنة تؤمن له فرصة تغيير دفة السفينة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد وقيادتها نحو الوجهة التي يريدها أن تتجه إليها في ولايته· واذا كانت الموازنة تنص على زيادة الضرائب على الاسر التي يزيد مدخول الزوجين فيها عن 250 ألف دولار سنويا وعلى رفع الضريبة على الارباح ايضا، فإن أوباما جدد التأكيد على أن 95% من أسر الطبقة المتوسطة سيستفيدون من إعفاءات ضريبية· وتطمح الموازنة الى تأمين الرعاية الطبية لنحو 46 مليون اميركي محرومين من أي ضمان صحي عبر تأسيس صندوق مالي لهذه الغاية قيمته 634 مليار دولار خلال عشر سنوات