إعداد - أيمن جمعة:
تزامنت الارتفاعات السعرية الاخيرة في سوق النفط مع حوافز أميركية حكومية ضخمة، وتوافق مصالح المستهلكين والسياسيين للتخلص من ''ادمان النفط''·· وهو ما مهد الساحة لانطلاق حملة وصفها المراقبون بانها ''مجنونة'' بين المستثمرين لانتاج الايثانول بداية من رجل التكنولوجيا بيل جيتس ووصولا الى ريتشارد بارنسون· وتنتشر الان مصانع انتاج الايثانول في أنحاء وسط غرب اميركا بينما يشجع المستثمرون والسياسيون على حد سواء انتاج ''الوقود الحيوي'' بوصفه الحل السحري لمواجهة مشكلة التغيرات المناخية وتخليص اميركا من الاعتماد على النفط· وتظهر احصائيات شركة ''تمويل الطاقة الجديدة'' للابحاث أن استثمارات الشركات العائلية في الوقود الحيوي وصلت الى مليار دولار العام الماضي مقارنة مع مبالغ لا تذكر تقريبا قبل عامين فقط· لكن انتاج الايثانول لم يصل بعد الى الدرجة التي تجعله مجديا اقتصاديا من الناحية التسويقية وذلك رغم ان المشاريع الاولى في هذا القطاع تحقق عوائد تتجاوز 50 %· ويرى الخبراء أن آفاق الاستثمار في الوقود الحيوي تصل أوجها عندما ترتفع أسعار النفط، ويحذرون من ان تراجع الاسعار عن مستوياتها القياسية الاخيرة يهدد بتقويض العوامل التي شجعت المستثمرين على دخول موجة مشاريع الميثانول·
فمنذ ارتفاعها الى 77 دولارا في يوليو الماضي، تراجعت أسعار النفط بنسبة 25 % قبل ان تستقر حول 60 دولارا قبل أيام وسط تكهنات بان منظمة أوبك قد تخفض انتاجها· وفي الوقت نفسه فان الدعم الحكومي الاميركي الحيوي لصناعة الميثانول لا يبدو متماسكا· وهو ما يجعل البعض يتساءل عما اذا كانت صناعة الايثانول ستواجه المصير نفسه الذي تعرضت له كثير من مبادرات الطاقة التى دعمتها الحكومة ثم اختفت·
وحاليا فان الايثانول يستخدم بشكل أساسي بوصفه من ''مضافات الوقود''، ويباع البنزين المحتوى على الايثانول والمعروف باسم 58 بكميات صغيرة جدا في أنحاء الولايات المتحدة، وهو ما يخيب آمال أنصار الايثانول الذين يأملون في جعل هذا النوع من الوقود ذائع الاستخدام، خاصة وان استخدام الايثانول المستخرج من حبوب الذرة من غير المرجح ان يكون الخيار الاول لقائدي السيارات الاميركيين قريبا لاسباب منها أنه لا توجد الكثير من المزارع المستعدة لانتاج الذرة لاغراض استخراج الايثانول دون تهديد الانتاج الزراعي الخاص بغذاء الانسان· ويقول جاسون جروميت المدير التنفيذي ''للجنة القومية لسياسة الطاقة'' وهي مؤسسة لا تستهدف الربح ''سيكون من المبالغة القول إن الايثانول سوف يحل محل 10 % من 150 مليار جالون من البنزين الذي يتم استخدامه سنويا في الولايات المتحدة·''
وخلال الاسابيع الاخيرة، تسببت الانخفاضات السعرية في سوق النفط في تراجع أسعار أسهم الشركات المعنية بصناعة الايثانول· فقد هوى سعر سهم ''باسيفيك ايثانول'' والتي يستثمر فيها بيل جيتس 84 مليون دولار بنسبة 70 % تقريبا عن أعلى مستوياتها· وانخفض سهم شركة ''ارشير دانييلز ميدلاند'' بنسبة 16 % في حين تترنح أسهم شركتي ''افينتين القابضة للطاقة المتجددة'' و''فيرسون للطاقة'' منذ طرحها للاكتتاب العام في يونيو الماضي· واضطرت شركة اخرى متخصصة في وقود الايثانول وهي ''هوكي القابضة'' لتأجيل طرح أسهمها للاكتتاب العام والذي كان مقررا الشهر الماضي بسب تراجع أسهم هذه الصناعة·
ويؤكد أنصار الايثانول أن مستثمري الصناعة ينظرون ببعد نظر ولن يتأثروا بتقلب أسعار النفط لاسباب منها انهم يتوقعون تحولا في الرأي العام نحو تفضيل المنتجات والسياسات الصديقة للبيئة· ويقول جون كافالير رئيس مجموعة الطاقة العالمية في كريديت سوسيه ''الامر لا يتعلق فقط بأسعار الطاقة·· فالمسألة البيئية محرك قوي لما يحدث الان·'' ويشدد مارتن لاجود من مؤسسة فايرليك لادارة رؤوس الاموال والتي استثمرت في نطاق واسع من مشاريع الطاقة البديلة أن الانفراجة المتوقعة في الايثانول السولولوزي ''ستحدث في وقت اقرب مما تظنون''·
وهناك الكثير من الاسباب التي تدعو للتفاؤل فهناك قانون الطاقة الاميركي لعام 2005 الذي يطالب مصافي التكرير برفع استخدام الايثانول من 2,5 مليار جالون العام الماضي الى 7,5 مليار جالون بحلول ·2012 وهناك رسوم تقدر بـ 54 سنتا على الايثانول المستورد لابعاد المنتجين الاجانب عن السوق· وهناك أيضا دعوات لفرض ضريبة على أسعار الغاز لاستخدامها في دعم صناعة الايثانول·
غير ان هذه التوقعات الوردية للايثانول عادة ما تتجاهل تقلب أسعار محصول الذرة نفسه وأسعار الغاز الطبيعي المطلوب لتشغيل غالبية مصانع تحويل الذرة الى وقود حيوي· وليس من الصعب تخيل جفاف يضرب منطقة وسط الغرب الاميركي للزراعة بالتزامن مع تراجع أسعار النفط وارتفاع أسعار الغاز الطبيعي ليتم القضاء على مستقبل محصول الذرة في صناعة الوقود الحيوي·
عدد اليوم
