الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«لوبو»... هل ينهي أزمات هندوراس؟

9 فبراير 2010 20:38
شكل تنصيب رئيس هندوراس "بورفيريو لوبو" حدثاً دولياً منعزلاً إلى حد كبير، حيث تحاشى معظم رؤساء أميركا اللاتينية مراسم التنصيب بسبب انقلاب 2009 الذي شهدته البلاد. ولكن وانطلاقاً مما سمعتُه من مسؤولين كبار من الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية، فإن عزلة لوبو لن تدوم طويلا. ففي حديث هاتفي في وقت سابق من هذا الأسبوع، قال لي أمين عام منظمة الدول الأميركية "خوسي ميجيل إينسولسا" إن ثمة "مناخاً جيداً" لرفع قرار تعليق عضوية هندوراس في المنظمة "قريباً جداً"، مضيفاً "آمل أن لا يستغرق اتخاذ قرار في هذا الشأن أكثر من بضعة أشهر". ويذكر هنا أن رئيسين من أميركا اللاتينية فقط -رئيس باناما ريكاردو مارتينيلي ورئيس جمهورية الدومينيكان ليونيل فرنانديز- حضرا مراسم تنصيب لوبو، هذا في حين قامت إدارة أوباما بإرسال رئيس شؤون أميركا اللاتينية في وزارة الخارجية آرتورو فالنزويلا. أما إسبانيا، والتي تعد لاعبا كبيرا في المنطقة، فقد اختارت أن يمثلها المسؤول الثاني في سفارتها في هندوراس. كما قامت معظم بلدان أميركا اللاتينية بإرسال وفود منخفضة المستوى، في حين تحاشت فنزويلا وحلفاؤها المراسم، عقب قرار الكونجرس الهندوراسي في وقت سابق سحب عضوية البلد من كتلة "ألبا" (التحالف البوليفاري من أجل الأميركيتين) المدعومة من قبل فنزويلا. ومعلـوم أن بلـدان أميركـا اللاتينية والولايات المتحدة كانت قد علقت عضوية هندوراس في منظمة الدول الأميركية في يوليو 2009، عقب الانقلاب الذي وضع الرئيس الفعلي روبيرتو ميتشيليتي في السلطة، حيث جادل ميتشيليتي بأن المحكمة العليا أصدرت أمراً باعتقال الرئيس المخلوع مانويل زيلايا، لأن هذا الأخير خرق القوانين الدستورية التي تمنعه من الترشح لولاية رئاسية جديدة. غير أن المناخ الدولي تجاه هندوراس تغير خلال الأشهر الأخيرة، بعد أن أجرى نظام ميتشيليتي انتخابات حرة كان مخططاً لها منذ قبل حدوث الانقلاب. ومنذ ذلك الوقت، انتقلت الولايات المتحدة وعدد من الحكومات نحو الاعتراف بـ"لوبو"، مشيرة إلى حقيقة أن معظم الديمقراطيات الحالية لأميركا اللاتينية، إنما نشأت عن انتخابات أجرتها أنظمة تحكم بلدانها بحكم الواقع. وفي حديث هاتفي، قال لي رئيس كوستاريكا "أوسكار أرياس"، الذي كان أول وسيط في الأزمة الهندوراسية: "في غضون الأشهر القليلة المقبلة، ستشرع البلدان التي وافقت على إعادة إقامة علاقات دبلوماسية مع هندوراس في ذلك تدريجيا. صحيح أنه ستكون ثمة دول ستمتنع عن ذلك ربما، ولكن الأغلبية الساحقة من البلدان في العالم ستفعل". ويقول "أرياس" إن تعليق عضوية هندوراس في منظمة الدول الأميركية يضر بالبلاد كثيرا لأنه يمنعها من الحصول على دعم مالي هي في أمس الحاجة إليه من بنك التنمية للدول الأميركية ومؤسسات مالية أخرى، حيث تكلف العقوبات الدولية هندوراس أكثر من 400 مليون دولار، حسب تقديرات قطاع المال والأعمال الهندوراسي. وأضاف أرياس أنه يعترف بحكومة لوبو، ولكنه لم يذهب إلى التنصيب لأن الرئيس الفعلي المنصرف كان مايزال في السلطة من الناحية القانونية قبل نقل السلطات إذ يقول: "لو أن ميتشيليتي اختار التنحي عن السلطة، لكان عدد أكبر من الرؤساء قد حضروا مراسم التنصيب". ورداً على سؤال حول متى ستقوم الولايات المتحدة برفع عقوباتها الاقتصادية على هندوراس، قال "لي كريج كيلي"، وهو مسؤول رفيع المستوى بقسم شؤون أميركا اللاتينية بوزارة الخارجية، إنه لم يتم تحديد أي تاريخ، وأن الأمر يتوقف على إنجاز "لوبو" لما وعد به من تشكيل حكومة مصالحة وطنية وإنشاء لجنة حقيقة للنظر في الظروف والملابسات المحيطة بانقلاب الثامن والعشرين من يونيو. ولكن "كيلي" أضاف أن "التزام لوبو باتخاذ هذه الخطوات أمر مشجع، ونحن نتطلع إلى علاقة إيجابية جداً مع هندوراس تحت حكم الرئيس لوبو". وشخصياً، لا اتفق مع المحافظين الذين يقدمون الرئيس الفعلي السابق ميتشيليتي على أنه بطل لأنه حال دون سقوط بلاده في يدي شافيز. فالحقيقة هي أن ميتشيليتي خرق القانون عندما أمر بترحيل الرئيس إلى خارج البلاد بدلا من السماح بمحاكمته محاكمة عادلة في الوطن، مثلما ينص على ذلك القانون. كما أنه وضع مصلحته فوق مصلحة البلاد من خلال تمسكه بالسلطة حتى آخر لحظة، بدلا من الاستقالة للسماح لرئيس محايد بالإشراف على انتقال السلطة. أما "لوبو"، فيمثل قصة مختلفة على الأرجح؛ وما سمعته من "إينسولسا" وأرياس وكيلي وآخرين -وحقيقة أن حتى الرئيس السلفادوري اليساري موريسيو فيونيس يقول إنه سيعترف بالحكومة الهندوراسية الجديدة- يشير إلى أن عودة هندوراس إلى حظيرة البلدان الديمقراطية سيتم قبولها قريبا بشكل كامل. وفي انتظار ذلك، لا يسع المرء إلا أن يأمل أن تكون الكلفة الاقتصادية الباهظة التي دفعتها هندوراس بسبب انقلابها 2009 درسا وعبرة لكل من الديماغوجيين المتعطشين للسلطة والأشخاص الذين قد يفكرون في القيام بانقلابات في المنطقة. كاتب أميركي متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©