الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

هل شنت إسرائيل حرب 1967 لتدمير القنبلة المصرية؟

27 أكتوبر 2006 23:12
القاهرة ـ الاتحاد (خاص): من الطبيعي، وبل من الضروري، أن تفكر دولة مثل مصر بحيازة التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية، وإن كان ''محمد حسنين هيكل'' قد أشار إلى أن بلاده كانت على وشك إنتاج قنبلة نووية، في مواجهة القنبلة الإسرائيلية، لكن حرب الأيام الستة في عام 1967 أدت إلى وأد المشروع، فهل كانت تلك الحرب لتدمير القنبلة المصرية قبل أن ترى النور؟ في ختام أعمال المؤتمر السنوي الرابع للحزب الوطني الحاكم والذي عُقد خلال شهر سبتمبر الفائت، أعلن الرئيس المصري ''محمد حسني مبارك'' عن الاتجاه نحو الصناعة النووية السلمية، ودون أن يكون معروفاً إلا للقليلين أن مصر دخلت في هذا المجال في وقت مبكر، وتحديداً في عام 1955 مع إطلاق برنامج نووي أخذ شكله العملي في عام 1961 حين بدأ مفاعل انشاص في العمل·· هنا تحقيق موسّع حول الموضوع : كانت مصر من أولى الدول التي دخلت، في وقت مبكر، وربما قبل جميع بلدان العالم الثالث، مجال استخدام الطاقة النووية، إذ أصدر الرئيس الراحل ''جمال عبد الناصر'' في عام 1955 قراراً بتشكيل لجنة الطاقة الذرية وجعل رئاستها تابعة له مباشرةً، وحدَّد مهمّتها بتأسيس برنامج نووي مصري للأغراض السلمية على المديين القصير والطويل، وأرسلت البعثات إلى الخارج للتدريب، كما قامت مصر بتصنيع بعض الأجهزة العلمية اللازمة للبرنامج· وفي عام 1956 وقّعت اتفاقية للتعاون في المجال النووي مع الاتحاد السوفييتي السابق، حصلت بموجبها مصر على أول مفاعل ذري للأبحاث يعمل بقوة 2 ميجاوات أقيم في أنشاص وبدأ العمل فيه عام 1961 وما زال يعمل حتى الآن·· وفي العام نفسه شاركت مصر في إنشاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا· اتفاقية مع الهند ومن المفارقات أن الهند، التي تمتلك الآن ترسانة نووية، وقّعت مع مصر، في تلك الفترة، اتفاقية لتنفيذ برنامج نووي مشترك، لكن الإتفاقية لم تنفذ·· وفي عام 1957 أصدر الرئيس ''عبد الناصر'' قراراً بتحويل ''لجنة الطاقة الذرية'' إلى ''مؤسسة الطاقة الذرية''·· ثم توسعت المؤسسة بعد ذلك لتضم 4 مراكز بحثية كبيرة، هى: مركز البحوث النووية، مركز المعامل الحارة وإدارة النفايات، المركز القومي للبحوث وتكنولوجيا الإشعاع، والمركز القومي للأمان النووي والرقابة الإشعاعية· كما استحدث قسم لدراسة الهندسة النووية في كلية الهندسة في جامعة الإسكندرية، وجرى الاتفاق مع شركة ''سيمنس'' الألمانية لبناء محطة أبحاث نووية في منطقة ''سيدى كرير''، كذلك اتفقت مع الاتحاد السوفييتى لإنشاء معمل حار يضاف إلى مفاعل انشاص، ويخصص لبحوث إدارة النفايات النووية، فيما بوشر البحث عن أماكن محتملة لتواجد اليورانيوم في مصر، وتحديد أفضل المواقع لبناء محطات نووية جديدة·· إلا أن هذه الانطلاقة لم تستمر بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي واجهت مصر في عقد الستينات من القرن الفائت، إذ كانت معظم الموارد المالية موجّهة لبناء مشروع السدّ العالي ولتغطية نفقات حرب اليمن، دون إغفال الكلفة الباهظة للتسليح الذي يتوجبه الوضع الذي كان قائماً، آنذاك، مع إسرائيل· ولا بد من التوقف هنا مع مسألة قيام جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) بإرسال طرود بريدية ناسفة إلى العلماء الألمان الذين حضروا إلى مصر لدراسة موقع المحطة النووية وهو ما أدى إلى مصرع العديد منهم، كما استهدف أعضاء البعثات العلمية الذين أرسلتهم مصر إلى الخارج لدراسة استخدامات الطاقة النووية، فلقي بعضهم حتفه في حوادث مفتعلة، كما اختفي بعضهم في ظروف غامضة ودون أن تتضح هذه الظروف إلى يومنا هذا· ثم جاءت بعد هزيمة عام 1967 فاضطرت مصر إلى وقف مشروعاتها النووية لمعالجة الأوضاع الناجمة عن الهزيمة· إذا لم توقع إسرائيل· وبعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر ،1973 بدأ الرئيس الراحل ''أنور السادات'' العمل على إحياء البرنامج النووي المصري من جديد، وتلقى وعداً من الرئيس الأميركي ''ريتشارد نيكسون''، وخلال زيارته لمصر عام ،1974 بالحصول من الولايات المتحدة على مفاعلين نوويين قدرة كل منهما 600 ميجاوات، الا أن مصر لم تحصل على هذين المفاعلين بحجّة أنها لم تصادق على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية·· وقد ظل الرئيس ''السادات'' حتى عام 1981 على موقفه الرافض للتوقيع على المعاهدة ما لم تفعل ذلك إسرائيل· وفي عام 1976 اتخذت مصر قراراً باستخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء، ووضعت لهذا الغرض برنامجاً طموحاً يلحظ إنشاء ثماني محطات نووية حتى عام ،2000 قدرة كل منها ألف ميجاوات، تغطي هذه المحطات 35 في المئة من احتياجات مصر من الكهرباء· وبالفعل، أبرمت اتفاقية مع فرنسا لإنشاء محطتين من المحطات الثماني، بالإضافة إلى إنشاء معمل حار لدراسة إدارة النفايات النووية، ومفاعل تجريبي قدرته 11 ميجاوات، إلا أن كل ذلك ظل معلقاً من جانب فرنسا والدول الأخرى التي كانت مصر تجري معها اتصالات لشراء بقية المفاعلات، ودائماً بالذريعة نفسها التصديق··! وفي عام 1981 تقدمت كل من وزارة الكهرباء ووزارة البترول بمذكرة مشتركة إلى الرئيس أنور السادات تطلبان منه اعادة النظر في امتناع مصر عن التصديق على المعاهدة، لأن من شأن الإصرار على الموقف السابق يعوق تنفيذ البرنامج النووي، إلا أن الرئيس ''السادات'' ظل متمسكا طوال حياته بموقفه، ليصدر في العام نفسه القرار الجمهورى رقم 309 بتخصيص منطقة سهل الضبعة الواقعة بالقرب من الساحل الشمالي في صحراء مصر الغربية، لانشاء أول محطتين نوويتين لتوليد الكهرباء كمرحلة أولى·· وبدأت مصر في اعداد الموقع لاقامة المشروع، كما شرعت في إعداد الكوادر الفنية، وإعداد الدراسات· لكن المشروع ما لبث ان توقف في عام 1986 غداة حادث انفجار مفاعل تشرنوبيل في الاتحاد السوفييتي الذي أدى إلى تسرب كميات كبيرة من الاشعاع النووي وصلت إلى بعض العواصم الأوروبية، فكانت مصر من بين الدول التي أوقفت مشروعاتها النووية خوفاً من تكرار المآساة·· خاصة أن عوامل الأمان النووي لم تكن في هذه الفترة بالدرجة التي أصبحت عليها الآن حيث الدقة والفاعلية··وفي عام 1998 اشترت مصر مفاعلاً نووياً للأبحاث قوته 22 ميجاوات من الأرجنتين، وتم تركيبه في أنشاص، ليبدأ العمل في عام ··2004 خريطة الطريق ثم جاءت الخطوة الأخيرة التي اتخذتها مصر يوم 24 سبتمبر الماضي، عندما اجتمع لأول مرة، ومنذ عقدين كاملين، المجلس الأعلى للطاقة بعد إعادة تشكيله وتعيين ''د· أحمد نظيف'' رئيس الوزراء رئيساً له، وذلك بعد ساعات قليلة فقط من اختتام أعمال المؤتمر السنوي الرابع للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في مصر، والذي تبنّى ما وصفه البعض بـ''خريطة طريق'' لدخول مصر العصر النووي· في هذا الاجتماع عرض ''د· حسن يونس''، وزير الكهرباء، تقريراً أوضح فيه أن الكهرباء تغطي نحو 99 في المئة من مساحة الجمهورية، وأنه في ظل الارتفاع العالمي لأسعار المصادر التقليدية للطاقة مثل النفط والغاز، أصبحت مصر في حاجة للجوء إلى مصادر أخرى غير تقليدية مثل الطاقة النووية، خصوصاً بعد توافر عناصر الأمان فيها، وارتفاع العمر الافتراضي للمحطات النووية إلى 60 عاماً بعد أن كان يتراوح بين 30 و40 عاماً فقط· كما قدم المهندس ''سامح فهمي''، وزير البترول، تقريراً آخر عن احتياطي مصر من النفط والغاز، ذكر فيه أن مصر استهلكت خلال 21 شهراً من عامي (2005 - 2006) ما قيمته 20 مليار دولار بالأسعار العالمية· ااجتماع المجلس الأعلى للطاقة في مصر حضره وزراء الخارجية والدفاع، والكهرباء، والبترول، والمالية، والتخطيط، والاقتصاد، وتقرر فيه المباشرة فوراً في دراسة استخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء· بعد ذلك نشرت جريدة ''الأهرام'' أن الرئيس ''حسني مبارك'' سوف يرأس بنفسه اجتماعا آخر للمجلس الأعلى للطاقة يعقد خلال الفترة المقبلة، وتحضره مجموعة من العلماء المصريين في المجال النووي للاطلاع على أفكارهم ودراسة المقترحات الخاصة بالمواقع التي يمكن بناء المحطات النووية فيها، فضلاً عن أساليب تمويل البرنامج النووي المصري·· وذلك تمهيداً لاتخاذ القرار الرسمي ببدء هذا البرنامج· الصعيد السياسي بموازاة التحرك نحو استخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء، كان لا بد من التحرك السياسي لطمأنة العالم إلى سلامة موقفها والتزامها التام بالضمانات والشروط التي حددتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما جاء على لسان وزير الخارجية ''أحمد أبو الغيط'' في أكثر من مناسبة، فضلاً عن أن المجلس المصري للشؤون الخارجية الذي يرأسه السفير ''عبد الرؤف الريدي'' قرر تشكيل لجنة من خبراء المجلس في مجال الطاقة، والاستخدام السلمي للطاقة النووية، لإعداد تقرير مفصل يدعم توجُّه الدولة في هذا المجال· من ناحية أخرى قوبلت الخطوة المصرية بترحيب دولي كان واضحاً· فمثلا فرنسا كانت أول المرحبين، وأعلنت يوم 26 سبتمبر الماضي على لسان ''جان ـ باتيست ماتيي''، المتحدث باسم الخارجية، أن من حق مصر استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية، والاستفادة من التعاون الدولي في هذا المجال لأن معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية تكفل هذا الحق للدول الأعضاء فيها، ومصر عضو في المعاهدة· بعد ذلك جاء الترحيب الروسى على لسان سفير روسيا في القاهرة ''ميخائيل بجدانوف'' الذي صرح يوم 28 سبتمبر بأن من حق مصر امتلاك الطاقة النووية السلمية طالما لا تخالف المعاهدات الدولية، بل وأعلن عن استعداد بلاده للتعاون مع مصر في هذا المجال، مشيراً إلى أن روسيا لديها خبرة طويلة في بناء محطات الطاقة النووية وتشغيلها، وأن هذا الموضوع ضمن البنود المدرجة على جدول أعمال زيارة الرئيس ''حسني مبارك'' لموسكو في شهرنوفمبر المقبل· أما موقف الولايات المتحدة والذي نقلته وزيرة الخارجية الأميركية ''كوندوليزا رايس'' أثناء زيارتها الأخيرة إلى القاهرة، فقد اتسم بالغموض، وهو خلط بين الترحيب والتحفظ، إذ أكدت على حق الدول الملتزمة في الحصول على الطاقة النووية السلمية، باعتبار ان ذلك يمنع الانتشار النووي، كون الدول ستحصل على الوقود النووي دون تخصيب اليورانيم على أراضيها· لكنها أشارت، في الوقت نفسه، إلى ''ان البرنامج النووي المصري لا يزال في مرحلة المناقشة ولم يصل إلى مرحلة القرار النهائي بعد، ونحن لن نسبق الأمور وسوف ننتظر قرار الحكومة المصرية''· أورينت برس
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©