الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية... ثغرة في العلاقات الصينية- الأميركية

كوريا الشمالية... ثغرة في العلاقات الصينية- الأميركية
21 يناير 2011 22:31
استهل الرئيس الصيني، هو جنتاو، زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة في 18 يناير الجاري، وذلك قبل تنحيه عام 2012. ومن بين المواضيع الأساسية المدرجة على قائمة جدول أعمال المباحثات مع أوباما قضية كوريا الشمالية والأمن في شرق آسيا، إذ من المتوقع أن يحث الرئيس الأميركي نظيره الصيني على ممارسة المزيد من الضغط على الزعيم الكوري الشمالي، كيم يونج إيل، الذي لم يكف عن خلق أزمة تلو الأخرى على مدار السنة الماضية. لكن قبل إقناع الصين بإبداء المزيد من التعاون حول قضية كوريا الشمالية وباقي الموضوعات الأخرى، يتعين أولاً على الولايات المتحدة التعامل بجدية أكبر مع الانشغالات الصينية المرتبطة بتداعيات الانهيار المتوقع للنظام الكوري الشمالي وتأثير ذلك على الأمن القومي الصيني. وضمن هذا الإطار، فإن الاكتفاء بالضغط على الصين لبذل المزيد من الجهد دون الاهتمام بمخاوفها الخاصة لن يؤتي بالنتائج المطلوبة، بل فقط سيظهر أميركا في موقع المتعالي وغير المكترث لمشاغل الصين المشروعة. وقد كان لافتاً خلال مطلع السنة الجارية اللهجة المتصالحة التي حلت بين الكوريتين بعد سلسلة من الأزمات، تلك اللهجة التي خففت من حدة التوتر ونجحت في تجنيب المنطقة لحرب كانت وشيكة بين البلدين، ولم يغب عن وسائل الإعلام الغربية الدور الذي لعبته الصين من خلال دبلوماسيتها الهادئة في نزع فتيل التوتر بين الكوريتين وتشجيعهما على ضبط النفس وعدم الانزلاق إلى مواجهات قد تقود إلى الحرب. لكن مع ذلك تبقى الانتظارات الأميركية أكبر من الجهود الصينية، فما تريده الولايات المتحدة هو انخراط كلي ومسؤول لبكين، ولعب دورها لدى بيونج يانح لإنهاء برنامج الأخيرة النووي وكبح جماح زعيمها المتهور. والحقيقة أن إحدى العقبات المهمة التي تحول دون تعاون كلي للصين مع الولايات المتحدة فيما تطلبه هذه الأخيرة، هو غياب الثقة المتبادلة بين القوتين، فالصين ورغم المطالب الأميركية لا تملك الحوافز التي تدفعها للتعاون. والسبب أنها لا تعتقد بأن الولايات المتحدة تتفهم انشغالاتها في المنطقة ولا تهتم لها أصلاً، فالصين ليس بطبيعة الحال فخورة بتحالفها مع كوريا الشمالية، ولا تريد أن يُنظر إليها في العالم على أنها الطرف الذي يقف وراء زعيم مثل كيم يونج إيل، لا سيما وأن النقاش لا يتوقف في الأوساط الأكاديمية الصينية عن الحليف الكوري غير المنضبط والمتمرد على القواعد الدولية الذي في الكثير من الأحيان يحرج بكين ويضعها في مواقف صعبة ليس من السهل تبريرها أمام المجتمع الدولي، بل إن هناك أصواتاً متزايدة في الصين تدعو صراحة إلى التخلي تماماً عن كوريا الشمالية وتركها تتدبر أمورها بعيداً عن بكين طالما أن بيونج يانج تضر بصورة الصين على الساحة الدولية، ولا تخدم مصالحها على المدى البعيد. ومع أن وقوف الصين إلى جانب كوريا الشمالية يذهل العديد من المراقبين الذين لا يفهمون سر هذا التمسك بحليف كثير المشاكل، إلا أنه على المراقب أن يدرك الاعتبارات التي تحرك الصين وترتب أولوياتها، فالصين تشهد حالياً مرحلة تسهيل عملية انتقال السلطة من الرئيس "هو جنتاو" إلى نائبه، "كزاي جينبيج" خلال العام المقبل، وهو ما يفسر إلى حد كبير تركيز الحكومة الصينية في هذه المرحلة على استقرار سياساتها واستمرارها بنفس الوتيرة، لذا وقبل الاقتناع بضرورة التعاون مع الولايات المتحدة في الملف الكوري الشمالي يتعين السعي إلى تطمين بكين بشأن أمرين تتخوف منهما ومرتبطان كل الارتباط بانهيار نظام بيونج يانج تحت الضغوط الدولية، الأول يتعلق باحتمال عبور أمواج من اللاجئين الكوريين إلى الصين والثاني تحديد وضع القوات الأميركية بعد توحد شبه الجزيرة الكورية. وبالإضافة إلى معالجة هذه الانشغالات الحقيقية للصين، يتعين على الولايات المتحدة التواصل مع الجيل الجديد من القادة الذين يتهيأون لاستلام المشعل في بكين والتنسيق معهم. ففي حالة سقوط النظام في كوريا الشمالية سيحاول العديد من الكوريين الشماليين عبور المنطقة منزوعة السلام إلى الجارة الجنوبية، وهو السيناريو الذي تعد له سيئول منذ مدة بمساعدة الولايات المتحدة. ومن المرجح أيضاً في سيناريو موازٍ أن يتوجه عدد أكبر من اللاجئين الكوريين صوب الصين، وهو ما سيخلق تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية جمة للمناطق الشمالية الشرقية للصين، فهل فكرت واشنطن وباقي الحكومات الغربية في تقديم مساعدات لبكين للتعامل مع الكابوس الإنساني الذي سيترتب على سقوط النظام في بيونج يانج؟ وكيف يمكن للولايات المتحدة والآخرين تحمل جزء من هذه الأعباء الثقيلة؟ كما يتعين على أميركا توضيح وضع قواتها البالغ قوامها 28500 جندي في كوريا الجنوبية بعد توحد الكوريتين، فهل ستبقى تلك القوات خارج المنطقة منزوعة السلاح، أم أنها ستنسحب نهائياً من شبه الجزيرة الكورية؟ ثم ماذا عن القوات الأميركية المنتشرة في اليابان؟ والخلاصة أن العقبات واضحة لأميركا فالصين غير مطمئنة لمستقبل كوريا الشمالية ولا إلى النوايا الأميركية في آسيا، هذا بالإضافة إلى حالة انعدام الثقة السائدة بين البلدين واعتبار كل منهما خصماً للآخر، لذا يمثل اللقاء بين الرئيس الصيني ونظيره الأميركي في واشنطن فرصة لتبديد المخاوف الصينية وبناء الثقة المتبادلة، ثم التوصل إلى إجماع حول كوريا الشمالية وبقية القضايا المطروحة، والأهم من ذلك التأسيس لأرضية مشتركة لمواجهة التحديات في منطقة آسيا خلال السنوات المقبلة. زيكون زو - بنسلفانيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©