الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر تطلق أول «بورصة سلعية» للحبوب مطلع العام المقبل

مصر تطلق أول «بورصة سلعية» للحبوب مطلع العام المقبل
6 سبتمبر 2014 21:40
? تبدأ وزارة التموين والتجارة الداخلية في مصر في غضون الأيام القليلة المقبلة في اتخاذ الترتيبات اللازمة لإطلاق أول بورصة سلعية في الشرق الأوسط والتي تحمل اسم «بورصة الحبوب المصرية»، وذلك بعد توقيع اتفاقية تعاون فني مع بورصة شيكاغو الأميركية للاستفادة من الخبرة التاريخية المتراكمة لدى البورصة الأميركية في هذا المجال. وقد تم اختيار مجال الحبوب لإطلاق أول بورصة سلعية في مصر، نظراً للأهمية الاستراتيجية التي تمثلها الحبوب في سلة الغذاء المصرية والتي تضم القمح والذرة الصفراء والأرز، كمرحلة أولى على أن تُدخل في مرحلة لاحقة عدداً آخر من الحبوب والبقوليات. وتسعى الحكومة المصرية من وراء إطلاق هذه البورصة إلى أن تصبح مصر بمثابة المركز الإقليمي واللوجستي لتجارة الحبوب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا استناداً للموقع الجغرافي المتميز، إلى جانب بدء تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة الذي سيتيح مراكز تخزين وتداول لوجستية بمواصفات عالمية في الأراضي الواقعة على جانبيه. ويعد المشروع المصري هو الثالث من نوعه عالمياً، حيث يجري تداول وتسعير الحبوب عالمياً عبر سوقين رئيسيين، الأول هو بورصة شيكاغو الأميركية، وهذه تتولى خدمة مناطق أوروبا والأميركتين، وبورصة «سنغافورة» والتي تتولى خدمة مناطق شرق آسيا، فيما ستتولى «البورصة المصرية» خدمة المناطق العربية الواقعة في الخليج وأفريقيا، إلى جانب بلدان شرق المتوسط مثل سوريا والعراق ولبنان والأردن. وحسب معلومات حصلت عليها «الاتحاد»، فإن وفداً فنياً رفيع المستوى من بورصة شيكاغو سوف يصل إلى القاهرة خلال الأسابيع القليلة القادمة لبحث آليات تقديم الدعم الفني والإداري واللوجستي لمشروع البورصة المقترحة، إلى جانب دراسة الآليات التي سيتم بواسطتها تحديد أسعار السلع المتداولة وشروط عقد الصفقات الآجلة والبيع بالهامش وغيرها من الآليات المتعارف عليها في بورصات السلع. ومن المقرر السماح بإنشاء صناديق استثمار متخصصة في الاتجار في السلع المتداولة في هذه البورصة، وطرح وثائقها في عمليات اكتتاب خاص أو مغلق على كبار المستثمرين من البنوك والمؤسسات، نظراً لأن الاتجار في البورصات السلعية ينطوي على مستوى مرتفع من المخاطر قد لا يحتملها صغار المستثمرين، الأمر الذي يعني ضرورة استبعاد طرح وثائق هذه الصناديق في عمليات اكتتاب عام للجمهور أو أصحاب المدخرات المحدودة. ثلاثة شهور ومن المنتظر أن يتم الانتهاء من ترتيبات إطلاق هذه البورصة خلال مدة زمنية أقصاها ثلاثة شهور، على أن يبدأ عملها رسمياً مع بداية العام الجديد الذي يمثل موسم حصاد محصول الأرز، لاسيما وأن مصر تعد من الدول المصدرة للأرز للعديد من أسواق العالم، ومن ثم سوف يمثل وجود بورصة حبوب في القاهرة نوعا من المزايا الإضافية لمحصول الأرز الذي يتراوح سعر تصديره بين 1000 و1200 دولار للطن في المتوسط خلال السنوات الخمس الأخيرة. ويأتي مشروع البورصة السلعية المصرية كأحد المحاور الرئيسة في خطة تطوير التجارة الدخلية، وهي الخطة التي أقرتها الحكومة منذ فترة، وتشمل، إلى جانب البورصة السلعية، إنشاء مناطق تخزين نوعية على مستوى الجمهورية وأسواقاً متطورة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة في النقل والتداول، وخفض معدلات الفاقد في السلع وتوفير خيارات أوسع أمام المستهلكين سواء على صعد الجودة أو الأسعار. كما تشمل الخطة تفعيل نظام المطور التجاري - على منوال المطور العقاري والمطور الصناعي - والذي يعتمد على آلية تخصيص مساحات واسعة من الأراضي خارج زمام المدن الرئيسة لهؤلاء المطورين الذي يتولون مهمة تخطط هذه الأراضي ومدها بالمرافق وتجهيزها لوجستياً وتكنولوجياً، وإعادة بيعها لتجار الجملة في أنواع محددة من السلع، لتكون بمثابة أسواق سلعية متخصصة على نطاق أصغر جغرافياً. وتتضمن الخطة إنشاء سلسلة من الصوامع المعدنية العملاقة - بتمويل إماراتي- لتخزين القمح، وعدداً آخر من أنواع الحبوب تتسع لتخزين أكثر من عشرة ملايين طن قمح سنوياً، منها أربعة ملايين يتم إنتاجها محلياً، والباقي عبر الاستيراد الخارجي، وبهدف تقليل الفاقد من القمح عند نقله من الموانئ إلى المطاحن، وكذلك تمكين الحكومة المصرية من شراء القمح في توقيتات معينة من العام تنخفض خلالها الأسعار، ومن ثم الاستفادة من فارق الأسعار الذي يصل في بعض الأحيان إلى 50 دولارا للطن الواحد، علماً بأن مصر تعد أكبر مستورد للقمح في العالم. نقطة الارتكاز ويرى خبراء اقتصاديون أن مشروع البورصة السلعية - لاسيما بورصة الحبوب - سوف يفتح الطريق لانطلاق خطة تطوير التجارة الداخلية في مصر، على اعتبار أن مثل هذه البورصات هي نقطة الارتكاز في مشروع التطوير، نظراً لأن البورصات السلعية تعني تحديد آليات تسعير واقعية تعتمد على نظرية العرض والطلب، وإتاحة المعلومات الكافية حول حجم المخزون من كل سلعة ومعدلات الاستهلاك. الأمر الذي من شأنه أن يضرب شبكات الاحتكار والتوزيع المهيمنة على أسواق التجارة في مصر، وتقف بشكل مباشر وراء الارتفاع الكبير في أسعار السلع الرئيسية، رغم انخفاض تكلفة الإنتاج حيث يذهب نحو 70? من قيمة السعر الذي يدفعه المستهلك - وفقاً لدراسة لوزارة التموين - في أي سلعة إلى حلقات التجارة والتوزيع والتداول، ومن ثم يعد إطلاق البورصة السلعية المدخل الطبيعي لتطوير منظومة التجارة في مصر والقضاء على شبكات الاحتكار. ويشير الخبراء إلى أن البورصة السلعية سوف تضع مصر في قلب خريطة تجارة السلع العالمية، ومن ثم تؤدي إلى اجتذاب الشركات الدولية المهمة التي تعمل في هذا المجال إلى جانب خلق منتجات مالية تخدم أنشطة هذه البورصة، مما يفيد على المدى البعيد الاقتصاد الكلي في مصر، ويمثل قيمة مضافة لمشروع قناة السويس الجديدة التي يجري العمل فيها حاليا، لأن البورصة السلعية سوف تخلق طلباً إضافياً على قناة السويس سواء كمعبر مائي مهم أو كمنطقة لوجستية عالمية وفقاً لما هو مخطط لها. دور محوري وفي هذا الإطار، يؤكد أحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، أن الاتحاد يطالب منذ سنوات بعيدة بأهمية تطوير منظومة التجارة الداخلية لتواكب التطورات في بقية الأنشطة الاقتصادية، لأن هذا التطوير من شأنه أن يقضي على العشوائيات الحالية، ويضمن للمستهلك النهائي في مصر سلعة جيدة بسعر تنافسي، مثلما يحدث في أسواق العالم المنظمة كافة. وقال إن إنشاء البورصة السلعية سوف يلعب دوراً محورياً في عملية تطوير التجارة الداخلية لأن هذه البورصة لن تكون بورصة محلية، بل إقليمية أو شبه عالمية لخدمة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن ثم سوف يجري تصميم نظم العمل بها والقوانين الحاكمة لنشاطها وفقاً لما هو متعارف عليه في البورصات العالمية، وسوف يكون الدعم الفني الذي ستتلقاه بورصة السلع المصرية من بورصة شيكاغو عامل ثقة ونجاح للبورصة المصرية، نظراً لعراقة بورصة شيكاغو في هذا المجال. وأوضح الوكيل أن مصر مقدمة على مرحلة مختلفة اقتصادياً، وعليها اللحاق بالركب العالمي وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من موقعها الجغرافي المميز، ومن القيمة المضافة التي سيوفرها لهذا الموقع مشروع قناة السويس الجديدة، وبالتالي يأتي مشروع البورصة السلعية بمثابة فكرة ذكية وفي توقيت مناسب تماماً، لأن إنشاءها سوف يحدث نوعا من الانقلاب الإيجابي في حركة التجارة الداخلية في مصر. المستهلك البسيط ويؤكد هذه الرؤية محمد المصري، نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية ورئيس غرفة تجارة بورسعيد، الذي يشير إلى أن فكرة البورصة السلعية تتواكب مع مشروع قناة السويس رغم أن فكرتها قديمة، وكنا كغرف تجارية نطالب بها منذ سنوات بعيدة، لأنها المدخل الطبيعي لتطوير منظومة التجارة الداخلية في مصر، التي تعاني من العديد من السلبيات مثل الاحتكار، ورفع الأسعار، وتعطيش السوق من السلع في بعض الأوقات، وكلها سلبيات يدفع ثمنها في النهاية المستهلك البسيط. وقال المصري إن هذه البورصة سوف تساهم في دخول شركات عالمية مهمة تعمل في مجالات التجارة والتجزئة إلى السوق المصري وفقاً للقوانين المصرية، ومن ثم يحدث نوع من التنافس والانفتاح على حركة التجارة العالمية وهو ما يصب في نهاية الأمر لصالح المستهلك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©