العازف فتحي محسن: العود ·· أوتار تلامس

فتحي محسن، عازف عود من طراز جميل، يقدم وصلات رائعة مستخدما أجمل آلات الشرق الموسيقية العود، وهو ملحن أيضا، بقي حظه مع الشهرة قليل كونه في مجتمع لا يعترف كثيرا سوى بالمطرب، متناسين كاتب الكلمة الذي أبدع نقش المشاعر بالحروف، والملحن الذي أتقن رسم الكلمات بالنوته·· وفتحي محسن جسد عشقه بآلة العود من خلال الوظيفة، فهو مدير جمعية هواة العود التي أنشئت بموجب أمر من جلالة السلطان قابوس بن سعيد، في حديث عن حكايته مع العزف كان هذا الحوار·· ؟ ماهي خطواتك كفنان لتحقيق طموحات الفنانين وهواة العود عبر هذه الجمعية؟ جمعية هواة العود والفنانين والموسيقيين العمانيين تهتم بكل ماهو جديد في عالم الموسيقى العربية عامة والخليجية بشكل خاص·· أعتقد أولا وأخيرا أن مسؤوليتي تحتم عليّ توظيف كل ما أملك من طاقات سواء كانت مبنية على الموهبة الفنية أو الدراسة أو الخبرة من أجل المؤسسة التي أقوم بإدارتها بالإضافة على حرصنا على الإطلاع والتعرف على كل ماهو جديد في عالم الموسيقى وآلة العود وأعمال المؤسسات ذات العلاقة، ومن هذا الباب أجد أن طموحات الشباب هي كطموحاتي منذ بداياتي وطموحاتي اليوم وغدا، لذلك يهمني تفعيل الحركة الموسيقية من ناحية الجمعية بالشكل السليم والصحيح وتشجيع المواهب الفنية الحقيقية لأن أصحاب ملكة الإبداع والموهبين بشكل عام هم باعتقادي أحد أهم ثروات كل بلد، ومن خلال جمعية هواة العود هناك بداية جميلة للآلة الموسيقية الأعرق والأهم بالنسبة للشرقيين وهي آلة العود، وبأنامل الموهوبين والعازفين الممارسين لهذه الآلة والمهتمين والجادين فيها نستطيع أن نقدم موسيقى حضارية تمثل حضارة شرقية وعربية وحسا وإبداعا فنيا حرا ومصقولا ومبنيا بفكر واعي وحماس متوقد من شبابنا وشاباتنا من الفنانين لنقدمه لجمهور المستمعين والمهتمين· ؟ كيف تفاعل الهواة مع الجمعية؟ هناك خطوات كثيرة نسعى للمضي فيها للوصول إلى الأهداف المرجوة لكل مرحلة من أهمها التواصل مع العازفين الموهوبين بشتى أعمارهم وأجناسهم، وتشجيعهم على روح التواصل مع الجمعية أو مع بعضهم البعض من خلال الجمعية، تشجيعهم على التعلم واستيعاب كل ماهو جديد وخلق حالة من الوعي الموسيقي من خلال الجلسات المستمرة مع العازفين، ومن ثم ورش العمل والحلقات المشتركة والعروض الفنية والمحاضرات والدورات التي سوف نركز عليها كثيرا في المراحل الأولى، وذلك بالتواصل مع أهم الأساتذة والموسيقيين في المجال وغيرها من الأفكار والخطوات التي بدأنا بعضها ونستعد لبعضها وندرس إمكانية إدراج بعضها في المستقبل· والجمعية تفتح أبوابها لجميع المقيمين على أرض السلطنة من عازفي آلة العود ليصبحوا أعضاءً بها ويتمتعوا بالخدمات التي تقدمها الجمعية· ؟ رحلتك كفنان·· كيف هي علاقتك مع آلة العود؟ العود آلة موسيقية وترية تمتاز نغماتها بحس شرقي من الصعب مقاومته وذات طابع شجني مميز سرعان ما يصل إلى القلب، ودائما الآلة الوترية وبالذات آلات العزف على الأوتار - من وجهة نظري - يجد فيها الفنان ضالته للتعبير عن مكنوناته كعازف أو كمؤلف موسيقي أو ملحن أومغن، وتمتاز آلة العود بعراقتها الشرقية وبأصالتها العربية فما أن يصدح وتر هذه الآلة بريشة فنان حقيقي حتى يتعاطى معها المستمع العربي والشرقي بشكل عام بروح المستمتع والمنصت بصوتها وشجنها، وقد بدأت علاقتي مع آلة العود منذ فترة ليست بقصيرة وكنت خلالها أمارس العزف على عدة آلات موسيقية ولكن سرعان ما أستحوذ العود على مجمل اهتمامي وأبعد الآلات الأخرى عني فأصبح هو الرفيق الأجدر من بين الآلات الموسيقية الأخرى ليصاحبني في رحلتي الموسيقية إلى اليوم، فقد رافقني كموسيقي وملحن ومطرب وكمدرس وأرى فيه الصديق الوفي، غير أني لم أوفيه حقه كما يجب مؤخرا بسبب انشغالي بالأعمال الإدارية وتلك مسؤلية تسعدني لأنها لأجل آلة العود أي الرفيق ذاته· ؟ هل لمست من العازفين العمانيين الذي تجده مشروع فنان حقيقي وأصيل؟ نعم، وهناك من نعتقد بأنهم يمشون في الطريق السليم والمناسب للوصول إلى مراحل فنية مشرفة، بعضهم قد بدأ مشواره مع العود قبل إلتحاقه بالجمعية بفترة غير قصيرة والبعض الآخر كانت بدايته الفعلية مع الجمعية وهم أصحاب مواهب فذة حقا، وبدأت تتغير خططهم وتتبلور لديهم خطوات نعتقد أنها سوف تسارع من صقل مواهبهم وتكسبهم الآفاق الموسيقية والمهارات الفنية التي كانوا يبحثون عنها، وإذا ما انسجم عطاء وجهد ومثابرة العازف مع المعطيات التي يجدها متاحة حوله، سيؤدي ذلك حتما إلى خلق كوادر مشرفة كمشروع لفنان حقيقي· ؟ هل بقي العود سلطان آلات الطرب؟ آلة موسيقية بعراقة العود وعمقها الفلسفي والموسيقي وببعدها الحضاري الكبير لا يمكن أن تأخذ مكانها أي آلة جديدة أو قديمة، أو أن تؤدي دورها بشكل حقيقي، فللعود تاريخ عريق جدا ضارب من عصور ماقبل الميلاد بآلاف السنين، وعلاقة الإنسان الشرقي بهذه الآلة علاقة وثيقة جدا ارتبطت بعاداته وتقاليده وعقيدته وأفراحه وأتراحه وحياته الاجتماعية· هناك العديد من الشخصيات المعروفة في مجال العلوم الإنسانية كالفلسفة والطب والفلك والهندسة والتي كانت لها بصمات وإضافات واضحة في تاريخ آلة العود منذ القرون السابقة إلى يومنا هذا، ولسنا هنا بمكان ذكر ذلك التاريخ وإنما الجدير بالذكر أن الآلة مرت بفترات زمنية وبتاريخ كبير أضاف لها تلك العراقة والشعبية الكبيرين عند الشرقيين ومنهم إلى شتى بلدان العالم وبتأثير واضح تاريخيا، أما في العصر الحديث وصل العود إلى أوج مستواه وأخذ ينحى بشكل واضح منحى الآلة التي يقدم من خلالها العزف المنفرد غير مصاحب للغناء والمطربين وجموع المنشدين والمغنيين والمغنيات، أو جزء من التخت الشرقي أوالفرق الموسيقية المعروفة، إنما تقدم الآلة نفسها- بالإضافة إلى ماسبق ذكره - كآلة بذاتها الخاصة تحمل أسلوب فرسانها المتخصصين والذين برعوا بتقديم موسيقاهم ومدارسهم الفنية التي ينتمون إليها، أو التي أسست على يدهم وأصبحت ملاذا لكثير من هواة العزف على العود، وهم يتوقون للوصول إلى مستوى الاحتراف ليقدموا أنفسهم كعازفي عود على مستوى المشاركات الفردية أو مع الفرق الموسيقية أو التسجيلات الموسيقية أو كمؤلفين وعازفين لهم طابع خاص بهم·· التجديد في الموسيقي لا يكون عن طريق تغيير الآلة المستخدمة وتغييب آلة مقابل آلة أخرى وإنما هو التجديد في الموسيقى المؤلفة والمؤداة نفسها ··· سيبقى العود سلطان الآلات الشرقية بلا منافس