السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بين الصحافة والترويج

18 أغسطس 2013 21:47
بين الإعلام والإعلان خيط رفيع وقد جاهدت أجيال من الصحفيين والإعلاميين من أجل استقلالية العمل الصحفي منذ عُرف الإعلام بوظيفته الاجتماعية العامة، وأصبح الإعلان ضرورة كمورد مالي يساعد الصحافة على الاستمرار والعيش مع اتقاء تأثيراته السلبية بأكبر قدر ممكن. لقد قُدّر لكثير من تلك الجهود النجاح النسبي في ذلك ونجحت الصحافة في مواقع كثيرة في عدم الوقوع أسيرة لسوبر ماركت الإعلانات حتى تحولت في مواضع كثيرة إلى مهنة عالمية تحظى بالاحترام والتأثير (الخارق أحيانا). ورغم ذلك تستمر كل مؤسسة بالخضوع لامتحان الصدقية. فرؤية شاملة (بانورامية) للصحافة بقديمها وجديدها، يثبت أن استقلاليتها التامة عن الإعلان والمصالح الخاصة كان ويبقى نسبياّ، فالبطولات بهذا المجال كانت نادرة غالبا ويمكن تسجيلها فقط في حالة الاعتماد المالي القراء مبيعا أو اشتراكاً. بغير ذلك بقيت الشبهات تحوم حول نزاهة الكثير من المؤسسات الإخبارية والصحفية ولاسيما في عصر المشاهير والماركات والشركات الكبرى. عندما انهارت الكثير من الصحف الكبرى منذ خمس سنوات كان مفهوماً لماذا ربط كثيرون ذلك بفقدان الثقة بالصحافة نظراً لدفاعها «الخفي» عن أصحاب النفوذ والمصالح بدلا من الدفاع عن المصلحة العامة. صحيح أن تلك التهمة التي جرى توضيحها وتوثيقها في العديد من الكتب والدراسات والمقالات، طالت بشكل رئيسي ملاك الصحف ثم الصحافة الاقتصادية التي نوّمت القارئ على حرير الواقع المالي السائد حينها ليفيق العالم فجأة على أزمات مالية متتالية، لكن ذلك لا يقلّل بالطبع من مسؤولية باقي أنواع الصحافة، السياسية وغيرها، فحتى في الصحافة الفنية أو الرياضية لا يخلو الأمر من فضائح كثيرة. ربما أصبح موضوع العلاقة بين الإعلام والإعلان الصريح شائعاً، و«تحت السيطرة» من قبل طرفي العلاقة، الناشر والزبون، إلا أن ما يستدعي العناية الشديدة هو ظاهرة الإعلان أو الترويج المستتر والمُضمر المتمثل بشكل رئيسي في نشر معلومات عن الشركات أو أصحاب المصلحة ضمن سياق صحفي بحت. عندما تنشر أخبار شركات البورصات العالمية أو حتى المحلية على سبيل المثال لا بد من الانتباه لكل مفردة لدى الحديث عن توقعات الأسهم، أو مؤشرات الهبوط والارتفاع. ولا بد من التيقن من أن نشر البيانات والمواد الإعلامية أو التصريحات (والاستصراحات) الصادرة عن مصادر صاحبة مصلحة خاصة، فيها من الفائدة المعرفية والإعلامية والصحفية ما يبرّر النشر، وحتى يتم ذلك لا بد من الاطمئنان مثلا إلى أن هذه المواد جديدة من نوعها والتأكد من دقتها والتوضيح الحاسم الذي يحمّل هذه المصادر مسؤولية أي خطأ في هذه المعلومات، ومن هنا أهمية موثوقية المصدر، فرداً كان أم شركة. إن غاية الصحافة ليست النشر بذاته، بل الإسهام في الوعي وفي معرفة المستجدات بناء على وقائع أو حقائق، وكل ذلك يقتضي الدقة بالدرجة الأولى. الإثارة أو الشهرة يجب أن تكون نتيجة لإنجاز إعلامي أو صحفي وليست هدفاً بذاته. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©