الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المواريث الإسلامية نظام بديع يقبله الجميع بطيب نفس

المواريث الإسلامية نظام بديع يقبله الجميع بطيب نفس
21 أغسطس 2011 23:01
أحمد شعبان (القاهرة) - إذا مات الإنسان وترك مالاً فإنه يؤول إلى أعز الناس إليه وهم فروعه وأصوله وأقرباؤه، ولذلك فإن نظام الميراث في الشريعة الإسلامية يفتت الثروة العامة ولا يجعلها مكدسة بين أيدي الناس دون الآخرين، واشتمل علم المواريث في الإسلام على حكم كثيرة وفوائد عظيمة مما جعل التشريع الإسلامي رائداً في هذا المجال ولم يسبقه أي تشريع أو قانون في هذه الدقة والتقدير الذي يبهر العقول ويجعل النفوس تتقبل هذه القسمة الإسلامية في الميراث براحة نفس وطيب خاطر وكان الصحابة - رضوان الله عليهم - حريصين على سؤال الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الكلالة. وفي المواريث قال الله تعالى: (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم)، «النساء 176». الكلالة ويقول الشيخ عبد العزيز النجار مدير إدارة الدعوة بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: هذه آخر آية نزلت في سورة النساء لتبين حالة الكلالة، وهي من نظام المواريث وقيل: إنها آخر آية نزلت في القرآن وقيل: نزلت والنبي - صلى الله عليه وسلم - يستعد لحجة الوداع ونزلت بسبب جابر بن عبد الله قال: مرضت فأتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر يعودانني ماشيين فأغمي علي فتوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم صب علي من وضوئه فأفقت، فقلت: يا رسول الله كيف أقضي في مالي؟ فلم يرد عليَّ شيئاً حتى نزلت آية الميراث. وفي هذه الآية أخبر الله تعالى أن الصحابة استفتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكلالة وهي ميراث الرجل عندما يموت وليس له ولد من صلبه ولا أب ولا جد، ولذلك يورث فيه الإخوة وهم لا يرثون مع الولد، فإذا مات الإنسان وليس له ولد ولا والد وله أخت شقيقة أو من الأب، فإن الأخت الواحدة الشقيقة أو من الأب لها النصف والاثنتان لهما الثلثان والشقيقة الواحدة مع الأخت من الأب أو الأخوات تأخذ النصف والباقي من الثلثين للأخت أو الأخوات للأب، وهو السدس تكملة الثلثين وإذا استغرقت الشقيقات الثلثين سقط الأخوات للأب وإن كان الإخوة رجالاً ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين، والجمهور من الصحابة والتابعين والعلماء يجعلون الأخوات عصبة البنات وإن لم يكن معهن أخ. آية الصيف وفي ختام الآية بين الله عز وجل لهم أحكامه التي يحتاجون إليها ووضحها وشرحها لهم فضلاً منه وإحساناً، لكي يهتدوا ببيانه ويعملوا بأحكامه ولئلا يضلوا عن الصراط المستقيم بسبب جهلهم وعدم علمهم، والله سبحانه وتعالى عالم بالغيب والشهادة والأمور الماضية والمستقبلة ويعلم حاجتهم، فيعلمهم من علمه الذي ينفعهم على الدوام في جميع الأزمنة والأمكنة. وتسمى هذه الآية آية الصيف لأنها نزلت في وقت الصيف، قال عمر بن الخطاب: إني والله لا أدع شيئاً أهم إليَّ من أمر الكلالة وقد سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها، فما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيها حتى طعن بإصبعه في جنبي أو في صدري، ثم قال: «يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي أنزلت في آخر سورة النساء». واختلف العلماء في المراد بالكلالة في الآية على أقوال‏:‏ أحدها أن المراد الموارثة صفة للورثة إذا لم يكن للميت ولد ولا والد‏. وتكون الكلالة منصوبة على تقدير يورث وراثة كلالة‏. والثاني أنه اسم للميت الذي ليس له ولد ولا والد ذكراً كان الميت أو أنثى‏، والثالث أنه اسم للورثة الذين ليس فيهم ولد ولا والد‏ والرابع أنه اسم للمال المورث‏‏. الموروث والكلالة مشتقة من الإكليل، وهو التاج المحيط بالرأس من جميع جوانبه والمراد به شرعا من مات وليس له ولد ولا والد، وبهذا قال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - وهو قول جمهور العلماء. ومنه سمي ورثة من لا والد له، ولا ولد كلالة لإحاطتهم بالميت من جوانبه، وليسوا منه ولا هو منهم، وإنما ينتسبون معه في النسب نفسه. والكلالة اسم يقع على الوارث والموروث‏. وورد ذكر الكلالة في آثار كثيرة منها عن ابن عباس قال: كنت آخر الناس عهدا بعمر فسمعته يقول: الكلالة من لا ولد له. وقال أبو بكر: رأيت في الكلالة رأياً فإن يك صواباً فمن عند الله وإن يك خطأ فمن قبلي والشيطان الكلالة ما عدا الولد والوالد. تشريعات والتشريعات المتعلقة بالميراث تعالج قضية مهمة، وهي المال الذي تشتد المنافسة في طلبه والحرص عليه وكثيراً ما تقع فيه الخصومة والورثة أقرب الناس لبعضهم، والشريعة تحرص في مجمل أحكامها على دعم العلاقة الاجتماعية في حياة المجتمع المسلم لا سيما بين الأقارب. وتحرص على عدم الخصومة والعداوة والشحناء بينهم، ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى تولى بيان المواريث بنفسه فجاء معظم أحكامها الأساسية في سورة النساء مفصلة. أحكام الميراث والفطرة البشرية من الإعجاز التشريعي في علم المواريث موافقة أحكام الميراث ومسايرتها للفطرة البشرية التي جبلت على حب المال والولد والشريعة الإسلامية شرعت من الأحكام ما فيه حفظ لحقوق الناس المالية ولأملاكهم وحرمت الغش والاحتيال وأكل أموال الناس بالباطل، كما يمنع الميراث من تكديس المال في أيد قليلة وراعت الشريعة القرابة بالنسبة للميت فهم أولى الناس به وبميراثه وراعت أيضاً حق من سيؤول إليهم المال في المستقبل من الورثة، فجعلت الشريعة الميراث حقاً لهؤلاء إلا أن هذا الحق لا يعطل تصرف صاحب المال في ماله، ولكنه يقيده بالرشد وعدم الإتلاف والإضاعة له فيما لا يعود بالنفع، ولذلك جاء تشريع الحجر على السفيه ومراعاة العدالة بين جميع الورثة، فشاء الله تعالى أن تكون قسمة الميراث إلهية لا دخل للعباد فيها وتولاها سبحانه بكل رحمة وعدالة وحكمة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©