الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تناقضات الائتلاف العسكري في العراق

تناقضات الائتلاف العسكري في العراق
6 سبتمبر 2014 23:04
كارين دي يونج محللة سياسية وروائية أميركية لقد أدت الحرب العاجلة لوقف تمدد قوات «داعش» ومنعها من الاستحواذ على المزيد من الأرض العراقية، إلى قبول إدارة أوباما لما كانت ترفضه بشدة فيما مضى. وعندما تمكنت المليشيات الشيعية المدعومة من إيران والمصنفة في ملفات الإدارة الأميركية على أنها حركات محظورة، من استرجاع بلدة «أمرلي» من المقاتلين السُّنة الأسبوع الماضي، شعر المسؤولون الأميركيون بالارتياح. ولعل من عجائب الصدف أن يكون «قاسم سليماني» قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، الذي يوصف بأنه العدو الأكبر للولايات المتحدة، موجوداً خلال تلك المعركة. وقد شوهد قبل أيام قلائل من إطلاق الهجوم، وهو يصافح بعض مقاتلي المليشيات الشيعية على خط النار. وفي أقصى شمال العراق، استولى المقاتلون الأكراد على مدينة كركوك الغنية بالنفط. ويبدو وكأنهم قد حصلوا بذلك على «جائزتهم الدسمة» التي سبق أن تم الإعلان أنها تقع خارج حدودهم الإقليمية التي اعترفت بها كل من بغداد وواشنطن. وبدلاً من أن تطالبهم واشنطن بالانسحاب منها، ظهر أن الإدارة الأميركية تشعر بالسعادة؛ لأن «جهة ما» تسيطر على المدينة بدلاً من «داعش». وقد باتت مثل هذه السياسات الاسترضائية شيئاً مقبولاً ومثيراً للفرح طالما أنها تؤدي في نهاية المطاف إلى دحر «داعش» التي وصفها أوباما في خطاب الجمعة الماضي بأنها «منظمة وحشية تشكل تهديداً خطيراً على الولايات المتحدة وحلفائها». ولا شك في أن بعض ما يحدث لا يشكل موقفاً مثالياً ولا أخلاقياً وفقاً لما قاله أحد مسؤولي إدارة أوباما. وهناك تخوف واسع النطاق من أن تكون هذه المواقف الغربية التي تبرز على أرض المعركة سبباً في خلق مشاكل أدهى وأمرّ في المستقبل. وفيما يتعلق بالواقع القائم على الأرض الآن، فقد برزت في هذه الحرب قوى منفصلة عدة لا تنتمي إلى قائمة الحلفاء ولا الشركاء. وفيما اعترفت الولايات المتحدة بأنها قد تشاورت مع المسؤولين الإيرانيين حول الأزمة العراقية على هامش المحادثات المتعلقة ببرنامج إيران النووي، فقد قالت الناطقة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي «برناديت ميهان» في تصريح صحفي أدلت به يوم الجمعة الماضي: «نحن لا ننسق في عملنا العسكري، ولا نتشارك في المعلومات الاستخباراتية مع إيران، وليست لدينا نيّة ولا خطط لفعل ذلك». وأضافت قولها: «وفي الوقت نفسه، فقد قلنا بكل وضوح إن (داعش) تشكل تهديداً ليس فقط للولايات المتحدة، بل وأيضاً للمنطقة برمتها. ونحن نعتقد أن جميع الدول بغض النظر عن الاختلافات التي تقوم بينها، يتحتم عليها أن تعمل باتجاه الهدف الذي يقضي بتفكيك تنظيم (داعش) ودحره». وعندما سئل أيضاً مسؤول بارز في الإدارة الأميركية هذا الأسبوع عما إذا كانت إيران ستقوم بأي دور في الائتلاف الدولي الذي تسعى الإدارة الأميركية لتشكيله لمحاربة المليشيات الإرهابية في العراق ثم في سوريا، قال: «إنها تقوم بدورها بالفعل على الأرض». وقد اتسعت المساهمة الإيرانية في دعم المليشيات الشيعية العراقية حتى تجاوزت قضية تقديم الأسلحة والخبرات الاستشارية العسكرية. وعلى رغم قلق إيران من تصاعد الحركة الانفصالية في المجتمع الكردي الإيراني، إلا أن مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق قال في حديث صحفي خلال الشهر الماضي بمناسبة زيارة وزير الخارجية الإيراني لأربيل: «إن إيران هي الدولة الأولى التي قدمت لنا الأسلحة والذخائر لمواجهة المليشيات المتطرفة». ويسود أيضاً اعتقاد بأن إيران توجّه ضربات جوية لتنظيم «داعش» وفقاً لما يقوله مسؤولون أميركيون. وكانت الولايات المتحدة في حالة تنافس مع إيران على النفوذ في العراق منذ تشكيل حكومة الأغلبية الشيعية عقب الغزو الأميركي الذي أطاح بنظام صدام حسين عام 2003. واتهمت إيران بتزويد المليشيات الشيعية بقنابل محظورة من نوع (AED) استخدمت في قتل مئات الجنود الأميركيين خلال العقد الماضي. وخلال السنوات القليلة الماضية، تحولت المليشيات الشيعية إلى قوى مسلحة نظامية. وعندما تراجع الجيش العراقي من المدن الشمالية بسبب التقدم السريع لمقاتلي «داعش» هذا الصيف، سرعان ما أعلنت تلك المليشيات عن مشاركتها في القتال. وعندما تم عزل نوري المالكي تحت الضغط الأميركي الشهر الماضي، أعطت إيران أيضاً إشارة القبول بهذا الموقف وسارعت إلى إصدار بيان هنأت فيه خلفه بمنصبه الجديد. وتعتمد الإدارة الأميركية بشكل كبير على أعضاء المليشيات الشيعية وقوات العشائر السنّية في المنطقة الغربية من العراق لمؤازرة قوات الأمن العراقية ومحاربة «داعش» على رغم الحظر الذي تفرضه الإدارة الأميركية على تلك المليشيات. إلا أن بعض المسؤولين الأميركيين غير المخوّلين بمناقشة استراتيجية الإدارة الأميركية في القضايا العسكرية، قالوا إنهم سيقبلون بما هو واقع على الأرض حتى يتم دحر الإرهابيين. على أن الولايات المتحدة ليست هي الدولة الوحيدة التي ترى أن الموقف على الأرض ليس مريحاً. وفيما كانت القوات الجوية الأميركية تنفذ غاراتها على بلدة «أميرلي» لمساعدة قوات الأمن العراقية المدعومة بالمليشيات الشيعية على إخراج «داعش» منها، عبّر بعض مقاتلي تلك المليشيات عن عدائهم المستحكم للأميركيين وقالوا إن الغارات الجوية الأميركية لم يكن لها تأثير يذكر في تحقيق انتصاراتهم. وقالت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية الجمعة الماضي، إن العمل العسكري الأميركي في «أميرلي» لم يكن أكثر من مجرد وهم وبدعة في خيال الأميركيين. ونقلت الوكالة عن مصدر عسكري إيراني قوله: «لقد أطلق الغرب حملة إعلامية شعواء لإبراز دور الولايات المتحدة، باعتبارها الدولة المنقذة للعراق». وفي خطبة الجمعة، وصف آيت الله سيد أحمد خاتمي المليشيات المتطرفة بأنها من صنع الولايات المتحدة وبقية الدول الغربية، وفقاً لما نقلته وكالة «فارس». وفي المناطق الكردية حيث سبق للولايات المتحدة أن حذرت من أن مستقبل كركوك سيكون رهيناً بنتائج الاستفتاء الذي سينظم هناك، احتفل مقاتلو «البشمرجة» بانتصارهم فيها بغض النظر عن التبعية السياسية والإدارية للمكان الذي يقيمون احتفالاتهم فيه. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©