الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التنمية الأفريقية... والاستثمار في الطاقة

18 أغسطس 2013 22:31
يقول تقرير صادر في الآونة الأخيرة عن شركة «أرنست آند يونج»، إن 44 في المئة من رجال الأعمال في أفريقيا يرون أن البنية التحتية غير الملائمة من ضمن القيود الرئيسية للاستثمار في المنطقة. وإذا كان على أفريقيا أن تنمو في العقدين المقبلين فإنه يتعين أن تتصدر تنمية البنية التحتية بالذات قائمة أولويات الاستثمار. وتنمية البنية التحتية العامة ستكون حيوية بشكل خاص في الوقت الذي تمر فيه اقتصادات أفريقيا بتحول هيكلي من اقتصادات تحركها الموارد إلى اقتصادات فيها استثمار أكبر في قطاعي التصنيع والخدمات. وتقول «أرنست آند يونج» إنه في عام 2012، ذهبت 43,1 في المئة من أموال الاستثمار في أفريقيا إلى الصناعة في مقابل 12 في المئة ذهبت إلى قطاع استخراج الموارد. وقطاع الطاقة من المجالات المحورية التي ستتطلب استثماراً أذكى لتغذية النمو الاقتصادي في المنطقة. ويعلم الجميع بمشكلات الطاقة في كثير من الدول الأفريقية بدءاً من مولدات الطاقة سيئة السمعة في نيجيريا، إلى الافتقار الكامل لشبكة قومية فعالة للكهرباء في بعض الدول الأفريقية. وقد دشن عدد قليل من الدول خططاً لدعم قطاع الطاقة فيها عبر الاستثمار في توليد الطاقة (مثل سد النهضة الكبير على النيل الأزرق في إثيوبيا الذي سعته ستة آلاف ميجاوات) وتكرير النفط (محطة التكرير الأنجولية المزمعة في لوبيتو وسعتها 200 ألف برميل في اليوم) والتنقيب عن الوقود الأحفوري (في شرق وجنوب أفريقيا خاصة). وعلى رغم هذه الجهود القومية، يتعين على الدول الأفريقية لضمان أمن الطاقة لاقتصاداتها المتنامية أن تفكر أيضاً بشكل إقليمي -والى حد ما على مستوى القارة- عند تطوير قطاع الطاقة في كل منها. ومع نمو التجارة بين دول أفريقيا في العقدين التاليين سيكون هناك ضغط من أجل التكامل بين أسواق الطاقة أيضاً. وهناك سببان لتطوير قطاع الطاقة على مستوى الإقليم والقارة. أولًا، نفقات الاستثمار في تطوير البنية التحتية للطاقة باهظة التكاليف لأن جدواها يتوقف على فكرة اقتصادات الحجم الكبير وهذا يستلزم تجميع للموارد. وسيكلف أحدث سدود إثيوبيا 4,7 مليار دولار. ولا يستطيع كثير من الدول الأفريقية تحمل تكلفة هذه الاستثمارات الهائلة في مشروع واحد. ثم إن هنالك أيضاً قضية الأسواق. ففي أفريقيا 12 في المئة من سكان العالم، ولكنها تستهلك 3 في المئة فقط من كهرباء العالم. و75 في المئة من هذه النسبة تُستهلك في شمال أفريقيا (30 في المئة) وجنوب أفريقيا (45 في المئة)، والباقي تتقاسمه دول جنوب الصحراء الكبرى. وبالإضافة إلى هذا، تبقى إمكانية الحصول على الكهرباء منخفضة نسبياً ويبلغ متوسط النسبة 43 في المئة (تصل في شمال أفريقيا إلى 99 في المئة وفي المناطق الأخرى تتراوح بين 12و44 في المئة). وهذا يعني أن مشروعات مثل مشروع إثيوبيا، كي تثمر، يتعين قبلها توفير إمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية. ويتضمن المشروع الإثيوبي خط توصيل يربط محطة الطاقة بشبكة الكهرباء الكينية. وسيساعد الاستثمار المشترك والاستفادة من اقتصادات الحجم الكبير على خفض تكلفة الطاقة في أفريقيا. ويبلغ الرسم المتوسط الحالي للكيلوات على الساعة في المنطقة 14 سنتاً مقارنة مع أربعة سنتات فقط في جنوب شرق آسيا. ويُقدر أن الاستثمار في شبكات الطاقة الإقليمية والطاقة الكهرومائية سيوفر ما يصل إلى ملياري دولار سنوياً. ولهذا وقع سار على آذان منتجي السكر والإسمنت وكثيرين من أصحاب المصانع الصغيرة على امتداد القارة. ومع أخذ هذا في الاعتبار، بدأت دول أفريقية التكامل في البنية التحتية لقطاع الطاقة عبر مجمعات إقليمية للطاقة. ومجمع الطاقة لجنوب أفريقيا الذي تأسس عام 1995، ومجمع الطاقة لشمال أفريقيا الذي تأسس عام 1998، والثالث لغرب أفريقيا الذي تأسس عام 2000، والرابع لوسط أفريقيا الذي تأسس عام 2003، ومجمع الطاقة لشرق أفريقيا وقد تأسس عام 2005، كلها مبادرات لإقامة أسواق إقليمية للطاقة وللمساعدة في تحقيق الانسجام في سياساتها. ومجمع الطاقة لشمال أفريقيا هو الأفضل من حيث وصوله إلى المستهلكين ويتمتع بأفضل بنية تحتية. والمنطقة متصلة أيضاً بالشرق الأوسط عبر خط توصيل مصر -الأردن، ومتصلة كذلك بأوروبا عبر خط المغرب- إسبانيا (وهو جزء من حلقة كهرباء المتوسط في المستقبل التي تعرف باسم ميد رينج). ويأتي مجمع الطاقة لجنوب أفريقيا في المرتبة التالية فيما يتعلق بتنمية البنية التحتية. وهناك خطة لربط مجمع الطاقة لشرق أفريقيا بدول خارج شرق أفريقيا ضمن السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا. وقد أقام تكتل السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا المؤلف من 19 دولة مجمع طاقة ودشن منذ عام 2009 عملية لتحقيق الانسجام بين اللوائح وسياسة الطاقة. وفيما يتعلق بالتجارة الإقليمية للطاقة تصدر مجمع الطاقة لجنوب أفريقيا القائمة بنسبة 7,5 في المئة، يليه مجمع الطاقة لغرب أفريقيا بنسبة 6,9 في المئة، ثم مجمع الطاقة لشمال أفريقيا بنسبة 0,4 في المئة، ومجمع الطاقة لوسط أفريقيا بنسبة 0,2 في المئة. ومن الواضح أن هناك الكثير من المجال لتحسين مستويات التجارة بين مجمعات الطاقة هذه. وكل هذا التطوير مشجع. ولكن يتعين فعل المزيد. وعلى الدول الأفريقية أن تعمل بجد أكبر لتحقيق الانسجام في سياسة الطاقة. وهذا سيتطلب بالضرورة كثيراً من التحرير في قطاعات الطاقة خاصة فيما يتعلق بالتوليد والتوزيع. وهناك حاجة ملحة أيضاً للاستثمار في البنية التحتية للربط بين الشبكات لضمان إمكانية نقل الطاقة بكفاءة للأسواق. ‎كين أوبالو كاتب متخصص في شؤون الطاقة ينشر بترتيب مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©