الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تكتيكات لحظة الانسحاب

18 أغسطس 2013 22:32
قبل يومين من إنهاء المهمة العسكرية الأميركية رسمياً في العراق عام 2011، غادرت مع الرتل الأخير من الأميركيين من موقع العمليات في «كالسو» جنوب بغداد. وبعبورنا الحدود في أمان إلى الكويت، كنا قد أنجزنا أهم مهماتنا: الخروج من البلاد على قيد الحياة دون أي تخبط استراتيجي. وإذا استطاعت القوات الأميركية في أفغانستان أن تحقق هذا الهدف، وهو ما لن يكون سهلاً، فستحقق أفضل ما يمكننا تحقيقه في ذاك البلد. والآن، كما كان الحال في العراق في آخر الأيام، اختفت آمال الولايات المتحدة. فقد تقلصت التطلعات للحرية والديمقراطية، ومعظمنا سيكون سعيداً إذا انتزعت الولايات المتحدة نفسها بهدوء دون المزيد من الضرر أو الارتباك. وقد تمثل حجر الأساس للخروج من العراق في تدريب قوات من الشرطة والجيش العراقيين وتمكينها من خلق بيئة آمنة أثناء وبعد مغادرتنا. وهذا هو لب الأمر في أفغانستان أيضاً. ومع مرور الشهور واقتراب موعد نهاية التواجد العسكري الأميركي الرئيسي في أفغانستان، سيتزايد الضغط على الوحدات. وتصبح الحياة أكثر صعوبة في النهاية: تختفي وسائل الراحة وتتدهور نوعية الطعام ويتوقف البريد. وتتغير بؤرة التركيز استراتيجياً. وأبرز أولويات أمس التي تتمثل في إلحاق هزيمة بالعدو، وبناء قوات محلية وتصبح أقل أهمية من مغادرة كل جندي بأمان. ومع تقلص كثافة القوات، يتولى الجنود مهام جديدة تخرج عن نطاق المهام القتالية. وحساب ما تراكم من مخلفات عبر عقد من الحرب ليس أمراً سهلاً وكذلك جمع المتاع والاستعداد للرحيل. ونتيجة للرغبة في تخفيض القدرة القتالية تدريجياً وتفادي إثارة غضب المدنيين المحليين، ستقتصر دوريات الجنود على المناطق القريبة من قواعدهم والمرتبطة مباشرة بقوة الحماية. وستتزايد التحديات عندما تقترب النهاية، مع اختفاء معدات المراقبة والمترجمين والأسلحة. وسيتعين على الوحدات الأميركية أن تنقل المسؤوليات الأمنية إلى الأفغان كما فعلنا مع العراقيين، وعليها التوسل إلى هذه القوات كي تحل محلها. وإذا كان الوضع في أفغانستان يشبه ما حدث في العراق عام 2011، فستجد القوات الأميركية نفسها في علاقة تتغير بسرعة مع الدولة المضيفة. فعلى مدار سنوات، ظلت قوات الأمن العراقية تحظى بسخاء أميركي لتزويدها بالعتاد المطلوب والإمدادات ولإلزامها بدعم المهمة الأميركية. وقد تغير الموقف مع بطء تدفق العتاد. وفي مرحلة ما لن يكون للقوات الأميركية في أفغانستان المزيد مما يمكن أن تقدمه لنظرائها، وسيحين وقت تعتمد فيه قوات الأمن الوطنية الأفغانية على أنظمتها في الحصول على قطع الغيار ومواد البناء والدواء. وسيعمل الأفغان، مثل العراقيين، دون بعض الدعم الحيوي. ولن يكونوا مقيدين بالاعتماد علينا. وقد كانت النوايا الحسنة والثقة من العناصر الرئيسية لبقائنا في العراق، وستكون محورية أيضاً في الانسحاب من أفغانستان. لقد اجتمعنا بانتظام مع جنرالات عراقيين من الشرطة والجيش، وعمل مرؤوسوهم مع دورياتنا بشكل يومي. وفي الوقت نفسه، بدأ شركاؤنا العراقيون في الانفصال عنا. وكانت لبعضهم صلات راسخة عائلية أو أيديولوجية مع أعدائنا. حتى أصدقاؤنا رأوا، دون شك، أن هذا القرب منا -الذي كان من قبل وسيلة للحصول على فوائد كبيرة- قد يصبح موضع مساءلة بعد رحلينا. ولذا لم نثق تماماً بقوات الأمن العراقية. وفهمنا جيداً أن اللحظات الأخيرة في «كالسو» ستكون الأخطر، ولذا ماطلنا عندما استفسر شركاؤنا العراقيون عن خطط رحيلنا. وقد أخفت مراوغاتنا البسيطة المعلومات عن أصدقائنا. فعلى سبيل المثال، تحدينا القوات العراقية في دوري لكرة القدم في «كالسو»، بل واشترينا زي كرة القدم وكأساً من بائع عراقي. وبحلول موعد الدوري كنا في الكويت، بالطبع. ومثل هذا النوع من الترتيب المبهم سيكون هو الطابع الذي يصبغ الشهور الأخيرة في أفغانستان. وسيتزايد اعتماد الوحدات الأميركية في أمنها على نظيرتها الأفغانية، ولكن لن تثق فيها تماماً. فقد أثبت الاعتماد الحذر نجاحه في العراق بالطبع. وعندما غادرنا العراق عام 2011، كنا قلقين من قدرة العراقيين على الاعتماد على أنفسهم. هل هم أكفاء لمنع وقوع هجمات؟ هل التزامهم يدفعهم إلى الرغبة في ذلك؟ وتزيد أعمال العنف ضد القوات الأميركية في الآونة الأخيرة في أفغانستان العلاقات المعقدة بالفعل بين قوات الأمن الوطنية الأفغانية والأميركيين. ويتمثل التحدي أمام القوات الأميركية في المراوحة بين الثقة وعدم الثقة في الأفغان حتى تكون عملية الانتقال سلسة هناك كما حدث في العراق. إن أفضل نتيجة لمغادرة القوات الأميركية من أفغانستان، خروج آمن وعدم وقوع حوادث كبيرة تلفت أنظار الصحافة. ‎مايكل برو خبير استراتيجي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©