السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العنوسة الاختيارية··· ظل حيطة ولا ظل زوج

العنوسة الاختيارية··· ظل حيطة ولا ظل زوج
28 أكتوبر 2006 23:31
تحقيق- خولة علي: وعلى الرغم من اختلاف أسباب وظواهر ''العنوسة'' كمشكلة موجودة في كافة البلاد العربية باختلاف ظروفها ومجتمعاتها، فإن غلاء المهور لم يعد الهم الوحيد! فالأمر أصبح أولاً وأخيراً بين أيدي الشباب والفتيات، وبتنا بحاجة إلى رؤية مستقبلية تشخص الواقع وترسم الخطط للحد من تراجع الإقبال على الزواج الذي لم يعد لدى الكثيرين والكثيرات هدفاً رئيساً يرونه في هذه الحياة· رسمتُ مستقبلي ''لا للزواج'' بهذه الكلمة بدأت مريم حديثها معربة عن رفضها التام لفكرة الزواج ومسؤلياته ومشاكله التي لاتنتهي قائلة: أصبحت أعتمد على نفسي في تسير أمور حياتي فأنا لست بحاجة إلى من يعيلني، فمن خلال الطريق الذي رسمته لنفسي حددت ملامح مستقبلي الذي أراه يتجلى أمامي، فلا أتصور أنه بالزواج سأكون على مستوى هذا النجاح، ربما أكون مخطئة نوعاً ما ولكن هذا ما وضعته في أجندة حياتي، ولا وجود لهذا المشروع فيه· الأمهات والجدات أما عايدة محمد فتقول: أنا لست تلك الفتاة التي ترسم ملامح فارس أحلامها المنتظر! أنا واقعية جداً أعيش يومي لحظة بلحظة، ولا يمكن أن التفت إلى الوراء، وأسلك طريقي بكل ثقة وثبات، فنحن لا نعيش زمن الجدات والأمهات اللاتي ما إن وصلت عندهن الفتاة ''سن البلوغ'' يقمن بتزويجها· الأوضاع تغيرت الآن عما كانت عليه سابقاً، فالفتاة لا تصل إلى مرحلة الرغبة في الزواج، إلا بعد أن تؤمن مستقبلها الذي يضمن لها الحق في اتخاذ قراراتها واستقلاليتها بعيداً عن تسلط الأزواج· عبء ثقيل يبدي علي كلندر رأيه مستهلاً إياه بالمثل الشعبي ''الباب الذي يجيك منه ريح سده واستريح'' مؤكداً أنه بات مقولة دارجة بين أوساط الشباب الذين ينظرون إلى مشروع الزواج على أنه عبء ثقيل ومسؤولية كبيرة، أكثر من كونه السكن النفسي والمودة! هذا الخوف الذي ينتابهم من الزواج إنما يعود أولاً وأخيراً إلى القصور في احتواء الشباب وتغيير نظرتهم لمفهوم الزواج ومساعدتهم على تخطي العقبات التي ترمى أمامهم، فلا يمكن أن نحد من ظاهرة العنوسة الاختيارية بالجلوس مكتوفي الأيدي دون حراك فالمسؤولية تقع على الجميع في علاج المشكلة واقتلاعها من جذورها· أسرة وقيود يتدخل عبد الرحمن جمعة قائلاً: إن ما نراه الآن من تردد وامتناع عن إنشاء أسرة في نظر بعضهم، له ما يبرره، فلكل فرد الحق في اختيار الطريق الذي يناسب شخصيته ودورة في تنمية وخدمة المجتمع، وكثيرون هم الذين يرون في الزواج جملة قيود تشل حركتهم وتحول دون تحقيق بعض طموحاتهم وأهدافهم، فيرفضون فكرة الارتباط جملة وتفصيلا· أولويات مختلفة من جهتها تشير جمانه أحمد إلى ان متطلبات المرأة العصرية أصبحت معقدة جداً فيما يخص مؤسسة الزواج، فالنظرة للموضوع تغيرت ككل حيث لم يعد البيت و الزوج والأولاد هم الحلم المنتظر، فالتحصيل العلمي والوظيفة المرموقة منحا المرأة غير المتزوجة الشعور بلذة النجاح التي يصعب -أحياناً- التخلي عنها في سبيل الزواج والأولاد· تضيف: في رأيي الشخصي أرى أن كل شيء في هذه الحياة له طعم مميز، النجاح في العمل، والنجاح في الحياة الزوجية، والنجاح كأم، كله مكمل لبعضه البعض، قد تضطرنا الظروف لتأجيل خطوة لحساب خطوة أخرى، فقد يشكّل الزواج أو الأولاد في البداية حائلاً دون التقدم العلمي أو المهني، الا أن هذا لا ينقص أبداً من شأن السعادة التي تتحقق مع الاستقرار العائلي، فلكل شيء وقت، والتخلي عن حلم لحساب حلم آخر هو خطأ كبير قد لا تقدر خسائره إلا بعد فوات الآوان، أضف الى ذلك أن انتظار فارس الأحلام الخالي من العيوب هو كانتظار النحلة لوردة خالية من الأشواك، فلا يوجد إنسان كامل، المهم هو وجود المودة والتفاهم بين الطرفين مما سيخلق نجاحاً عائلياً وما يتبعه من نجاحات مهنية وعلمية، فالارتباط بالرجل الواعي المتفهم المناسب يعطي المرأة دفعة وقدرة لتحقيق كل ما تريده· أسباب متعددة للعنوسة الاختيارية بلقائنا خليفة المحرزي الاستشاري الأسري في مركز الأسرة السعيدة، قال: إن المشكلة الكبرى أن ينظر لتأخر سن الزواج من منظور واحد، أو أن يفسر على أساس سبب واحد، وإنما تعدد الأسباب وترابطها وتشابكها هو ما يزيد المشكلة تعقيداً ويمكن إجمالها في أسباب اجتماعية ونفسية واقتصادية وتربوية وفكرية دينية· أولا- الأسباب الاجتماعية: ؟ غياب المفهوم الصحيح للزواج كسكن ومودة ورحمة· ؟ غياب دور الأسرة في توعية أبنائها، وإعدادهم لتحمل المسؤوليات بما فيها الزواج· ؟ غياب دور المؤسسات الاجتماعية والهيئات غير الحكومية في محاولة إيجاد حلول عملية· ؟ الاستسلام لما يبثه الإعلام من مفاهيم مغلوطة عن الزواج ومتطلباته· ؟ بعض العادات والتقاليد -الجامدة وغير المرنة- غير المستلهمة من الدين، ساهمت في تأخر سن الزواج ولو بشكل جزئي· ثانياً- الأسباب الاقتصادية: منها الواقع الحقيقي المتمثل في الارتفاع الفعلي في تكاليف الزواج خاصة مع ازدياد معدلات البطالة، وعدم وجود فرص عمل حقيقية أمام الشباب، وانخفاض مستوى الدخل خاصة في الدول غير النفطية· ومنها ماصنعناه نحن بأنفسنا، ثم فرضناه كأمر واقع، وهو المغالاة في المهور ومتطلبات الزواج، حيث غابت فكرة الأسرة التي تبدأ بحياة بسيطة، ثم تنمو تدريجياً· ثالثاً- الأسباب التربوية: تسعى المدارس أن تجعل الفتى والفتاة حتى دخول الجامعة ليس لهم همّ إلا النجاح والحصول على أعلى الدرجات، ثم فجأة يجدون أنفسهم في مواجهة الحياة، وقد خلت كل المناهج الدراســـية مما يساعد الفتاة على أن تكون زوجة وربة أسرة، لم يحدثها أحد عن معنى الزواج وتبعاته، وكذلك الفتى لم يتعلم معنى المسؤولية، ومعنى أن يكون رب أسرة· ؟ (من خلال الاستطلاع الذي قمنا به في إحدى المدارس الثانوية حول رغبة الطالبات في الزواج تبين أن 52 بالمائة منهن يرين في مؤسسة الزواج سبباً للسعادة مؤكدات أنهن يفضلن البقاء عازبات حتى الانتهاء من الدراسة الجامعية والحصول على الوظيفة)! ؟ (في تناقض غريب ووفقا لأحدث دراسات المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية فإن هناك 13 % من الشباب يرفض فكرة الزواج رغم توافر القدرة المالية والاجتماعية التي تمكنهم من الزواج)! رابعاً- الأسباب الفكرية والدينية: نجد بعض المساهمين في بناء وصياغة فكر المجتمع إما تجاهل المشكلة تماماً، أو على العكس كان سبباً في تفاقمها، سواء كانت وسائل الإعلام خاصة التلفزيون والصحف والمجلات أو الكتاب ، كما أعجب من تجاهل علماء الدين والفقهاء للمشكلة! فكيف تخلو الخطب والدروس الدينية من تناول الظاهرة وأسبابها وطرق علاجها؟ إن غياب البعد الديني ساهم كثيراً في تفاقم المشكلة، وأعني هنا النظرة الدينية الواعية التي تهتم بدراسة الأرقام والإحصاءات وكل ما يعتري المجتمع الآن من تغيرات واتجاهات، وليست مجرد مجموعة من الفتاوى المتفرقة الجامدة التي لا تتفاعل مع المجتمع·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©