الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التجارة الدولية... ضحية «الأزمة» الحقيقية

17 نوفمبر 2010 20:47
كان لـ"الركود الكبير" ضحايا كثيرون مثل سوق الأسهم وقطاع السكن وسوق العمل؛ غير أن هناك أيضاً ضحية أقل شهرة، ولكنها مهمة بالنسبة للانبعاث الاقتصادي الأميركي: إنها التجارة العالمية. في 2008 و2009 أصيبت التجارة العالمية بأسوأ أزمة منذ "الركود الكبير"؛ ولكن "منظمة التجارة العالمية" في جنيف تتوقع نموّاً للتجارة يقدر بـ 10 في المئة هذا العام. غير أن حجم التجارة لم يعد بعد بالكامل إلى مستوياته المرتفعة السابقة، مثلما يقول المستشار التجاري المخضرم "هرالد مالماجرن". وقد شكل هذا الانتعاش غير الكافي مشكلةً بالنسبة لوزراء مالية بلدان مجموعة العشرين عندما التقوا في كوريا الجنوبية الشهر الماضي وحاولوا ثني البلدان عن موجة من عمليات خفض قيمة العملات. في الماضي، كانت التجارة العالمية تنمو عادة بضعف وتيرة نمو الناتج الداخلي العالمي الخام. ولذلك وجهت أكثر من 100 دولة، وبخاصة بلدان مثل الصين وفيتنام، استراتيجياتها الاقتصادية نحو تشجيع الصادرات، حيث كانت تأمل في جلب الرخاء والازدهار على نحو أسرع مما لو أنها كانت تعتمد بشكل رئيسي على الأسواق الداخلية من أجل النمو. وبالتالي، فإذا لم تتحسن التجارة العالمية بشكل جوهري قريباً، فإن بعض الدول قد تميل إلى الدفاع عن تجارتها ونموهـا من خلال سلسلة من عمليات خفض قيمة العملات. غير أن مثل هذه الأعمال يمكن أن تضر بالقواعد التجارية العالمية، التي سُنت أول مرة ضمن "الاتفاقية العامة حول التعرفات الجمركية والتجارة" (المعروفة اختصاراً بالـ "جات") عام 1947، وعُززت وقُويت في عهد خليفتها "منظمة التجارة العالمية". وقد قامت الـ"جات" و"منظمة التجارة العالمية" بالكثير في سبيل تحرير وعولمة الاقتصاد العالمي؛ غير أن المنتقدين يقولون إن ذلك النظام يحتاج إلى التغيير. وفي هذا الإطار، يقول كلايد بريستوفيتش، رئيس "معهد الاستراتيجية الاقتصادية"، وهو مركز بحوث في واشنطن: "إن النظام الاقتصادي العالمي اليوم بدأ ينهار وهو ليس قابلاً للاستدامة على كل حال". هذا في حين تقول منتقدة أخرى هي لوري ولاش، مديرة "بابلِك سيتزنز جلوبال تريد ووتش"، وهي منظمة في واشنطن تدعو إلى العدالة الاقتصادية: "إن منظمة التجارة العالمية مختلة ولا تنسجم مع حقائق الأزمة العالمية". ولا تتفق "ولاش" مع شروط ومتطلبات "منظمة التجارة العالمية" للتحرير المالي، الذي تقول إنه أدى إلى الأزمة المالية، مثلما لا تتفق مع نظام براءات الاختراع "الاحتكاري"، الذي يدفع أسعار الأدوية إلى الارتفاع. والواقع أن حتى مراقبي "منظمة التجارة العالمية" المتعاطفين يستشرفون متاعب في الأفق؛ ذلك أن الأزمة التي نشأت عن "الركود الكبير" أنتجت فترة من "القومية الاقتصادية" ونزعة إقليمية وتشرذماً، كما يقول "مالماجرن" المذكور، الذي ساعد الولايات المتحدة على التفاوض حول جولة كنيدي لمفاوضات التجارة العالمية (1964 - 1967) وجولة طوكيو (1973 - 1979). وغني عن البيان أن البلدان تبحث عادة عن مصالحها الخاصة؛ حيث بدأت عمليات خفض قيمة العملات الوطنية تزداد منذ فترة. كما أن من غير المستبعد أن تقوم بعض الدول الآسيوية، تحت قيادة الصين، بتشكيل أندية تجارة حرة إقليمية، حيث لا يرى "مالماجرن" احتمالاً كبيراً للتوصل لاتفاق في جولة الدوحة من مفاوضات "منظمة التجارة العالمية" متعددة الأطراف، التي امتدت حتى الآن تسع سنوات. ويلفت إلى أن "منظمة التجارة العالمية" أصبحت إدارتُها أكثر صعوبة واستعصاء. فقبل عشرين أو ثلاثين عاماً، كان يمكن أن تتوصل الدول الصناعية المهيمنة المختلفة إلى اتفاق عبر الإجماع. أما اليوم، وفي ظل وجود الكثير من لاعبي التجارة العالمية -الصين، البرازيل، الهند، إلخ- فإن التوصل إلى إجماع بات أكثر صعوبة عندما بات الكثير من المصالح الاقتصادية الداخلية المختلفة في خطر. وحسب "لورانس سامرز"، مدير "المجلس الاقتصادي القومي" في إدارة الرئيس أوباما، فمن المفترض أن تصبح روسيا، خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة، العضوَ الرابع والخمسين بعد المئة لـ"منظمة التجارة العالمية". وإذا كان الأمر كذلك، فإن روسيا ستُمثل إضافةً مهمة لمنظمة دولية تهدف إلى تقليص التعرفات الجمركية، والحصص المحددة "الكوتا"، وعوائق أخرى أمام التجارة العالمية. ويقول بريستوفيتش إن عضوية "منظمة التجارة العالمية" ستضع حدوداً لحرية روسيا في تحقيق تطلعاتها والدفع بمصالحها؛ غير أن هدف "منظمة التجارة العالمية" هو إظهار أن تدجين السياسات التجارية الحمائية إنما يصب في مصلحة الدول بصفة عامة. ديفيد آر. فرانسيس محلل اقتصادي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©