أسعار النحاس ترتفع رغم التباطؤ الأميركي

عندما يشهد الاقتصاد الأميركي نوعاً من التباطؤ فإن أسعار النحاس عادة تتجه إلى التراجع والانخفاض، ولكن هذا الأمر لم يحدث حتى الآن مما يشكل أنباءً سارة لجموع المستثمرين المضاربين على أسعار المعادن· ويبدو أن المعدن الصناعي الذي يستخدم في كل شيء تقريباً ابتداءً من الإنشاءات والتشييد ونهاية بالالكترونيات بات يتحرك من ارتفاع إلى آخر برغم التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة· وفي هذا العام وحده ارتفع سعر النحاس بمعدل 7,6 في المئة إلى مستوى 3,26 دولار للرطل الواحد، والملفت للنظر أن الصين أصبحت تستحوذ على كميات متزايدة من المعدن الأحمر· وقفز إجمالي الاستهلاك العالمي للنحاس في فترة الأشهر العشرة الأولى من عام 2007 بنمو 7,2 في المئة مقارنة مع نفس الفترة من 2006 برغم انحسار الطلب في الأميركيتين الشمالية والجنوبية بمعدل 3 في المئة، وفقاً لإحصائيات المجموعة الدولية لدراسات النحاس· وحالياً فإن الولايات المتحدة تستهلك 12,4 في المئة فقط من الإنتاج العالمي مقارنة بنسبة 21,5 في المئة في عام ·2002 أما الصين فقد باتت على العكس من ذلك تستهلك 22,7 في المئة من الإنتاج العالمي من مستوى لا يزيد على 12,8 في المئة قبل ثمانية أعوام من الآن· وعلى الرغم من أن أسعار أسهم شركات تعدين النحاس قد تلقت لطمة مع تنامي نذر الركود الأميركي إلا أن العديد من المتعاملين استمروا يشيرون إلى أن ارتفاع أسعار المعدن الأحمر ليس في طريقه للتوقف بسبب أن المخزون أصبح يقترب من أدنى مستوياته التاريخية· فعلى الرغم من ارتفاع الاستهلاك نسبة 7,2 في المئة في الفترة ما بين يناير وأكتوبر من العام 2007 فإن إنتاج المناجم لم يشهد نمواً إلا بمعدل 4,2 في المئة كما تقول المجموعة· وكان ريتشارد ادكيرسون المدير التنفيذي لمؤسسة فري بورت ماكموران للنحاس والذهب قد أخطر المحللين في 23 يناير المنصرم بأن قدراً هائلاً من النمو المستقبلي لشركته لن يعتمد على السوق الأميركي، ومضى يقول: ''إن العالم في حاجة ماسة للنحاس في الوقت الذي تنمو فيه المناطق الناشئة في العالم مثل الصين والهند''· واستمرت شركة فري بورت والعديد من كبريات شركات التعدين الأخرى في المحافظة على هوامش عالية من الأرباح بالرغم من حقيقة أن سعر النحاس قد شهد انخفاضاً بنسبة 20 في المئة من ذروته التي كان قد بلغها في 23 مايو 2006 بسعر 4,075 دولار للرطل، ناهيك عن ارتفاع تكاليف الطاقة أيضاً· ويذكر أن هامش صافي أرباح شركة فري بورت قد ازداد بنسبة 17,6 في المئة في عام 2007 أي إلى ضعف مستواها في عام ،2004 ولكن أقل من المستوى الذي بلغته في عام 2006 عندما ارتفعت بنسبة 25,2 في المئة· أما عملاقة التعدين الإنجلو - استرالية شركة ريو تينتو فقد رفعت من هامش أرباحها لعام 2007 بنسبة 28,9 في المئة مقارنة بمعدل زيادة بلغ 33,1 في المئة في عام ·2006 وذكر جراهام بيرش رئيس مكتب بلاك روك للموارد الطبيعية والذي يشرف على موجودات بقيمة حوالي 45 مليار دولار، أن محفظة النحاس الخاص بالشركة تتضمن أسهم شركة فري بورت بالإضافة إلى شركة ايكوينوكس للمعادن الكندية التي تمتلك مناجم في تشيلي وكذلك شركة فيرست كوانتيوم مينيرالز الكندية الأخرى التي تعمل في زامبيا والكونغو· وعلى الرغم من أن أسهم شركتي فيرست كوانتوم وايكونيوكسي قد انخفضت بنسبة 7,1 في المئة و10,3 في المئة على التوالي في بورصة تورنتو إلا أنهما استطاعتا تحقيق تدفقات نقدية هائلة ودفع عائدات مقدرة للأسهم· إلا أن المستثمرين في النحاس لازال يتعين عليهم مواجهة بعض التقلبات حيث يرى بعض المحللين مؤشرات تدل على اختفاء بعض المعوقات أمام تدفق الإمدادات ومن بينها أن المستهلكين أصبح بإمكانهم التحول إلى بدائل أرخص ثمناً مثل أنابيب البلاستيك بسبب ارتفاع الأسعار· ولكن المعروض ما زال محدوداً إذ حذرت مجموعة جولدمان ساكس مؤخراً من أن الأجواء الشتوية العاصفة في الصين ربما تؤدي إلى إرباك وتعطيل إنتاج النحاس في المصاهر والمصافي هناك· وتنبأت مجموعة ليهمان بروزرز القابضة مؤخراً بأن الاقتصاد الصيني الذي تقوده الصادرات ربما يشهد تباطؤاً بسبب تناقص طلبيات الشراء من الولايات المتحدة الأميركية وهو الأمر الذي سيؤدي حال حدوثه إلى تراجع الاستهلاك الأميركي في كل شيء ابتداءً من محطات الطاقة وحتى المنازل الجديدة بصورة حادة· أما بنك ستاندارد تشارترد فقد تنبأ من جانبه بأن واردات الصين من النحاس سوف تتراجع في هذا العام بنسبة تبلغ 22 في المئة على عكس ما شهدته من قفزة في عام 2007 بمعدل 34,9 في المئة· عن ''الوول ستريت جورنال''