الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تواطؤ الإعلام مع صور العنف

7 سبتمبر 2014 20:35
بالتأكيد توجد علاقة وطيدة بين الأطراف الدافعة أو الناظمة أو المناصرة للتحولات العنيفة الحادة الجارية في المنطقة، وخاصة في بلاد العراق والشام، وبين الإعلام الذي أصبح بطلًا في المسار اليومي لهذه الأحداث. هنا: ?يستخدم الإعلام للترهيب وزرع الرعب (الترعيب!) عبر دفق صور القتل والذبح التي تتلقفها كل القنوات والشبكات والشاشات العاملة عبر المحطات الأرضية وعبر الفضاء أو النت. ?يستخدم الإعلام لتبادل الرسائل كالتحذير من مغبة الإقدام -أو عدم الإقدام- على فعل، أو الدفع نحو النزوح الجماعي للسكان تمهيداً لعمليات قتالية مفترضة. كذلك يستخدم للتفاوض غير المباشر (في عمليات الخطف)، وفي تكتيكات لحشد حلفاء بحجة مواجهة إرهاب يهدد مجموعة خصوم متنافرين بمصير مشترك أسود. ?يسهم الإعلام في إثارة الغوغاء وتخلف دور العقل، حيث ينكمش دوره في كشف حقائق جوهرية، من شأنها لو عُرفت أن تضع حدا للعنف والنزاعات الدموية. هنا تكمن مفارقة كبرى: فالإعلام يجب أن يُعلِم/ ينشر الوعي/ ويستقصي عن الحقيقة/ لكنه أصبح، بقدرة أنباء وصور الذبح والقتل، عدوا لدودا لكل هذه الفضائل المفترضة. مع استبعاد سوء النية لدى القوى المحرّكة لهذا الدور الإعلامي، يستهلك كم الصور والمحتويات المتعلقة بالحدث نفسه، وتدفقها السريع عبر شتى الوسائل، كل وقتنا «المخصص لمتابعة الأخبار» ولا يدع مجالا لتفكير المتلقين والمستخدمين بكثير من الأمور والحقائق الجوهرية. حتى على مستوى الدول والجهات المسؤولة، المحلية أوالإقليمية، أو حتى منظمات غير الحكومية، لم يقدم أحد منها بعد على محاولة معرفة أو نشر مثل هذه الحقائق رغم تفاقم الأوضاع والمخاوف والقلق يوميا، ومنها على سبيل المثال: ? كيف تحولت الأحداث في سوريا من المطالبة بالحرية والمساواة وحقوق الإنسان إلى زوبعة لا متناهية من العنف الذي يسحق أبسط حقوق الإنسان والحريات ويعيدنا إلى العصور الحجرية والجاهلية! وكيف لم يعد المجتمع الدولي قادرا على أي تمييز بين الظالم والمظلوم! وما هو أصل وفصل الجهات التي برزت فجأة على مسرح الأحداث وتحولت فجأة إلى خطر إقليمي عالمي مجهول المصدر! ?لماذا شُنت حروب دولية في السنوات القليلة الماضية ضد كيانات وأنظمة وممارسات أقل خطرا؟ في حين يتلكأ المسؤولون في هذا المجتمع الدولي- والإقليمي- عن أي ممارسات جادة ضد عمليات نزوح وإبادة جماعية وعرقية ودينية - مثلما يحصل في العراق مثلا، ما هو التفسير المقنع مثلا لعرض استضافة مسيحيي الموصل في فرنسا في حين كانت الدنيا تقوم ولا تقعد إذا ما سقط بضعة ضحايا في حالات ونزاعات أخرى أقل عنفا وطائفية وخطرا. وبانتظار إجابات مقنعة عن هذه الأسئلة البسيطة، سيبقى مرتكب مثل هذه الأفعال والجرائم ومحركو الإعلام، الدولي والإقليمي، موضع اتهام . . مهما افترضنا حسن النوايا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©