الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الأقاليم ليست مطلبا شعبيا·· و الإنقاذ الوطني هو الحل

30 أكتوبر 2006 00:33
فارس الخطاب : وجهت مجموعة من السياسيين والأكاديميين العراقيين رسالة إلى جيمس بيكر رئيس مجموعة دراسة العراق- وزير الخارجية الأميركية الأسبق، طالبوه من خلالها التريث قبل الكتابة النهائية لتقرير لجنته وتقديمه إلى الكونجرس الأميركي · واستعرض السّاسة العراقيون أهم المظاهر التي تؤطر المشهد السياسي العراقي اليوم ورؤيتهم لواقع الحكومات العراقية المتعاقبة وكذلك جوانب القصور في السياسات الاميركية في العراق، وانتقدت الرسالة التميز السلبي الذي ميّزت به الإدارة الأميركية الحزبين الكرديين في شمال العراق على حساب مصالح العراق ووحدته الوطنية وكذلك مصالح دول الجوار والمنطقة عموما · كما رأى كاتبو الرسالة أن لا مخرج من الوضع المتأزم في العراق والولايات المتحدة إلا من خلال وقفة شجاعة من قبل الجانب الأميركي تلغي كل الاعتبارات التي ميزت أداءه خلال الفترة الماضية وتغيير الصورة السياسية للعراق بشكل كامل من خلال منح العناصر الوطنية المخلصة فرصة انقاذ ما يمكن إنقاذه من الوطن ، ومن ثم مد جسور التعاون مع الولايات المتحدة الآن ومستقبلا لإعادة إعمار العراق وفق صيغ وأساليب تحكمها التقاليد والأعراف الدبلوماسية والسياسية العالمية ··وأدناه النص الكامل للرسالة السيد جيمس بيكر المحترم ··· تحية طيبة وتقدير يسعدنا التواصل معكم عبر هذه الرسالة التي قد يكون توقيتها بالغ الأهمية قياسا بما آلت إليه الأمور في العراق الذي كلفتم أنتم شخصيا بترأس لجنة ''مجموعة دراسة العراق''التي شكلها الكونجرس لدراسة الوضع فيه، وقمتم بزيارته على رأس وفد كبير من أعضاء هذه اللجنة، التقيتم خلالها بمن التقيتم لتقصي الحقائق وتقديم التوصيات الى الكونجرس والرئيس الاميركي جورج بوش · ولعلمنا أنكم اكثر المسؤولين الأميركيين وضوحا في رؤية سلبيات خيار غزو واحتلال العراق قبل وقوعه بفترة طويلة ، وبسبب ما تتمتع به شخصياً من احترام في الأوساط السياسية الأميركية ، وبسبب ما عرف عنك من دقة في العمل وموضوعية لا تعرف المجاملة، ولكونك من أكثر السياسيين الأميركيين تحفظاً في تصريحاتك، والذي يحتفظ بآرائه الموضوعية حتى اللحظات الأخيرة· ولثقتي التامة بحبكم لبلدكم وأداء واجبكم باكمل وجه ، ولإني مثلكم تماما، أحب بلدي وأرغب في خدمته وفق ما أوتيت من وسائل وأمكانات ، فإني أجد نفسي أمام مسؤولية كبيرة وربما تاريخية في أن ألفت عنايتكم إلى بعض المفاصل المهمة في الشأن العراقي قبل أن يتم تقديم تقريركم إلى الكونجرس والرئيس الاميركي وما يمكن أن يتضمنه من توصيات حول ما ينبغي إتباعه من سياسات لوقف التداعيات السلبية المحتملة في العراق وتأثيراتها على الولايات المتحدة· ومما تسرب من فقرات وملاحظات حول مسودة تقرير لجنتكم، نود أن استعرض لكم بعض الملاحظات التي تؤطر واقع الحال بشكل مختصر وما نجده مخرجا حقيقيا للموضوع الشائك في العراق مع تسجيل تحفظنا الكامل حول ما تسرب عن التقريرمن رأي مفاده : أن'' اللجنة تتجه نحو اقتراح تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم ذات استقلالية عالية، يتولى كل إقليم فيها مسؤولية حفظ الأمن داخل نطاقه، على أن يناط بالحكومة المركزية في بغداد مسؤولية السياسة الخارجية وحراسة الحدود وتوزيع الثروة النفطية''· لذلك نرجو أن يتسع صدركم لقراءة محتويات رسالتي هذه قبل أن يتخذ تقريركم شكله النهائي ، لما في هذا الأمر من حفظ لدماء الأبرياء من أبناء بلادنا ولجنودكم الذين زجت بهم رغبات غير مدروسة في أتون بلد عمره 7000 سنة لم يعرف خلالها طعم الراحة وهو في ظل احتلال مطلقا · المنطقة الخضراء السيد جيمس بيكر المحترم ·· اسمح لنا أولا ان نستعرض الوضع في العراق بشكل مبسط وعام ·· وهو كالآتي : 1- سيطرة الأحزاب ذات المليشيات المسلّحة على الشارع العراقي وذلك من خلال سياسة الترهيب المرتكزة على الآف الجثث الممثل بها خلال ثلاث سنوات ونصف من عمر الاحتلال ، كما افضت إلى تهجير أكثر من مليون عراقي داخل العراق، وأكثر من مثليهم إلى خارجه · وهذا السلوك المبرمج من قبل هذه الأحزاب ذات المليشيات دفع إلى انحسار الأصوات المعارضة سياسيا لهذه الأحزاب، وبالتالي تسيدها على مقاعد البرلمان العراقي ومن ثم التحكم في شكل وماهية الحكومة العراقية، ولعل سيادتكم أعلم بالوضع العراقي قبل عام 2003 ، حيث لم يكن لهذه الاحزاب وجود فعلي وشعبي على الأرض، كما لم يكن لما يسمى بالمرجعيات الدينية تأثير على ضعف أو قوة الحكومة المركزية في بغداد · 2- منذ تشكيل مجلس الحكم في العراق عقب احتلاله من قبل القوات الاميركية وهناك حقيقة شاخصة لدى كل العراقيين سواء كانوا من عامة الناس أم من نخبهم السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية ؛ هذه الحقيقة التي أصرّ الجانب الاميركي على تجاهلها طيلة الفترة الماضية ، وهي أن العراق شعبا وأرضا في جانب ، والحكومة العراقية في جانب آخر ، وذلك بسبب ارتهان وجود هذه الحكومة وحتى سفاراتكم وبعض السفارات الأخرى المشاركة في الحرب واحتلال العراق ، داخل حدود ما يسمى بالمنطقة الخضراء · وبطبيعة الحال فليس نحن من يتحدى ، بل العراقيين جميعهم يتحدون أيا من النخب السياسية الموجودة داخل هذه المنطقة من الخروج منها ، واعتقد أنكم قد رأيتم من خلال زيارتكم إلى العراق مع اللجنة التي تتراسونها أن من يقبع خلف أسوار المنطقة الخضراء إنما هم سجناء هذه المنطقة ، فكيف لسجين يطارده ملايين العراقيين أن يكون جزءا من العملية السياسية التي تفضي إلى برالأمان بالعراق وشعبه ؟ 3- مسالة أخرى نريد أن نعزز إيمان سيادتكم بها ومن خلالكم للشعب الأميركي وهي: أن لا ثقة مطلقا بين المواطن العراقي بكل تصنيفاته وبين الحكومة العراقية القائمة أو التي سبقتها ، كما أن المواطن العراقي يتعامل مع أحداث يومه بافتراض ان لاحكومة لديه سواء لحمايته أو خدمته أو رعايته · وزاد من هذا الأمر تردي الحالة الأمنية واضمحلال الخدمات أو انعدامها في مفاصل الحياة المختلفة كالماء والكهرباء والوقود ، مع انكشاف قضايا الفساد الاداري والمالي التي طالت وتطال الكثير من الوزراء والمسؤولين الذين عملوا في حكومات وأحزاب منذ عام 2003 وحتى الآن · الحزبان الكرديان 4- أغفل الجانب الاميركي فتح قنوات حقيقية للاتصال بالجهات الرافضة للاحتلال وبضمنها الفصائل المسلحة المقاومة للاحتلال · وكان بإمكان الادارة الأميركية العمل على تحديد هذه المعارضة من خلال ابقاء أبوابها مفتوحة لمعرفة توجهات ومطالب هذه الجهات ، خاصة بعد أن تيقنت ومن خلال أرقام قتلاها في العراق وعدم قدرتها على تنفيذ خططها الخاصة بالاعمار أو ما حاولت تسويقه للعراقيين من مفاهيم حول الديمقراطية ، أن هذه الجهات تملك من القوة ما يؤهلها لتعطيل مشروعكم في العراق ، وأنها تمتلك كذلك من الدعم الشعبي ماجعل عملها منظما ومدعوما من قبل الشعب العراقي رغم كل محاولات الاختراق من قبل الجهات المتعاونة معكم أو مع ايران أو غيرها من الجهات المستفيدة من وجودكم العسكري في العراق · ونعتقد أن فرص هذا الاتصال مازالت موجودة وإذا ما قررتم العمل بها فإن ذلك سيشكل نقلة نوعية قد تحقن دماء أبناء بلادنا وتخرجكم من المواقف الصعبة التي تواجهونها هناك · 5- من العيوب التي تعتري السياسة الاميركية في العراق هي استمرار اعتماد الادارة الاميركية للحصول على معلوماتها بشأن خيارات العمل وتقييم الاوضاع استراتيجيا في العراق على من كذبوا عليها ! ولا نعلم كيف تثق إدارة الرئيس جورج بوش بالمصادر التي روجت سلسلة من الأكاذيب من أجل اسقاط الحكومة العراقية السابقة بمعلومات اقررتم أنتم بعدم مصداقيتها كموضوع أسلحة الدمار الشامل والعلاقة مع القاعدة وغيرها · ومنذ اكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة والكثير من الوزراء والنواب الاميركيين يزورون العراق ليلتقوا فقط وفي المنطقة الخضراء مع من يسمعهم ما يريدون أن يسمعوه وهم ذاتهم من يمارس القتل اليومي بحق العراقيين بدم بارد باعتبارهم اعضاء في الحكومة العراقية أو ممثلي الأحزاب الرئيسية فيه ! 6- إن الولايات المتحدة تمارس خطأ كبيرا بدعمها المطلق للحزبين الكرديين في شمال العراق ، ويجب على أميركا أن تعلم أن هذين الحزبين يقودان كردستان العراق بطريقة شوفينية انفصالية وأنهما أشد دكتاتورية ودموية من كل ما نسب إلى صدام حسين قبل الاحتلال وبعده ، فخلال الفترة الماضية مارس هذان الحزبان عمليات قتل وتهجير بالجملة بحق عوائل وقبائل عربية ويزيدية ومسيحية وتركمانية في الموصل وكركوك وأربيل ودهوك وديالى وغيرها، كما تمارس مليشيات هذان الحزبان سياسة الترغيب والترهيب والتكريد بحق قبائل أخرى لكسب صوتها في حال حصول أي استفتاء مستقبلي حول مستقبل المنطقة وحدود سلطتهما عليها (القبائل اليزيدية نموذج على ذلك)· لذا فإن الدعم الاميركي إنما هو مخالف لأخلاقيات تبنتها أميركا طيلة عشرات السنين كما أنها تتقاطع مع رسالة الادارة الاميركية الحالية في احتلالها للعراق فيما يخص حقوق الانسان والديمقراطية · كما أن الأكراد يملكون قانونا نموذجيا للحكم الذاتي وبإمكان الحكومة العراقية تفعيله بشكل جيد ليتمتع ابناء شعبنا العراقي هناك بحقوقهم كافة دون هذه النزعات الشوفينية أو التهديد بالانفصال· الطريق إلى الحل : من خلال ما تقدم ومن خلال صوت العراقيين بكل أطيافهم من خارج المنطقة الخضراء فإننا نرى أن الحلّ الجذري للموضوع العراقي ليس في تقسيمه إلى أقاليم (كما ورد في تسريبات لتقريركم) كون هذه الاقاليم ليست مطلبا شعبيا ودليلنا على هذا أن هذا الموضوع لم يحقق أغلبية مطلقة خلال التصويت عليه في جلسة البرلمان بل فاز بفارق صوت واحد ، فهل لك أن تتصور سيدي ان يكون الفارق بين ممثلي الشعب العراقي في موضوع مصيري وحساس للعراق والمنطقة صوت واحد وأنتم أعلم بمن وراء الجهات المصوّتة لصالح موضوع الاقاليم في غالبيتها العظمى وتأثيرات الجارة ايران في هذا الأمر ؟ ناهيك عن تأثيرات اقامة أقاليم بالصلاحيات المقترحة على استقرار العراق اولا ثم دول الجوار وبخاصة تركيا والخليج العربي الذي يتوجس كثيرا من الاحداث الجارية في العراق · لذلك فإن الحل الشامل من وجهة نظرنا يحتاج الى وقفة شجاعة من قبل الجانب الاميركي تلغي كل الاعتبارات التي ميزت أداءه خلال الفترة الماضية في العراق وتغيير الصورة السياسية للعراق بشكل كامل من خلال منح العناصر الوطنية المخلصة فرصة انقاذ ما يمكن إنقاذه من الوطن ومن ثم مد جسور التعاون معكم الآن ومستقبلا لإعادة إعمار العراق وفق صيغ وأساليب تحكمها التقاليد والأعراف الدبلوماسية والسياسية العالمية · إننا نرى أن الخلاص مما نحن وأنتم فيه هو بدعمكم لما عزمنا المضي فيه من تشكيل ''جبهة إنقاذ وطني'' يمكن أن تحظى بدعم شعبي عارم وكبير وبمباركة أقليمية ، ساهمت فيها حتى الآن جميع التيارات والشخصيات الوطنية العراقية على اختلاف قومياتهم العربية والكردية والتركمانية ومذاهبهم الشيعية والسنية ناهيك عن الاديان الاخرى كالمسيحية واليزيدية ، بما فيهم منتسبو الجيش العراقي السابق وشيوخ العشائر والأعلام الثقافية والعلمية والإعلامية والاجتماعية وكذلك بعض القوى الموجودة الآن ضمن المعترك السياسي العراقي · ونعتقد أن من المهم جدا أن تسمع رأي هذه الجبهة وتصوراتها عن مفاتيح الخروج من الوضع المتأزم في العراق بالنسبة الى بلدكم وبلدنا قبل صدور تقريركم رسميا والذي نتمنى أن يكون طريقا حقيقيا لإخراج بلدينا مما هو فيه · ننتهز هذه الفرصة لنجدد ثقتنا في قدراتكم على أن تضعوا بصمة تاريخية لإيقاف نزيف الدم في العراق وإعادة جنودكم معززين مكرمين إلى الولايات المتحدة ، ولنبدأ معا من جديد صفحة بيضاء في تاريخ العلاقات العراقية ـ الأميركية · ننتهز هذه الفرصة لأعبر لكم عن تقديرنا لجهودكم المخلصة ·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©