دعاوى لوقف عرض «الحسن والحسين» و «الشحرورة» و «الريان» وسيرة محمود درويش

مع توالي أيام الشهر الفضيل أثارت مجموعة من المسلسلات جدلا واسعا، ووصل الأمر أن أقام البعض دعاوى قضائية لوقف هذه الأعمال، من هذه المسلسلات “الحسن والحسين” للكاتب محمد البشاري والمخرج عبدالله عبدالباري و”الريان” تأليف حازم الحديدي ومحمود البزاوي وإخراج شيرين عادل و”الشحرورة” تأليف فداء الشندويلي وإخراج أحمد شفيق و”في حضرة الغياب” تأليف حسن .م يوسف وبطولة وإنتاج فراس إبراهيم وإخراج نجدت انزور. توضح المؤشرات أن الباقي من شهر رمضان هذا العام لن يمر ببساطة في ظل وجود العديد من الأعمال التي أصبح الكثير من أصحابها مهددين ومطاردين من جهات معارضة كثيرة، ويتم اتهامهم بالإساءة إلى الإسلام، أوالإساءة لشخصيات مثل صباح، والشاعر الفلسطيني محمود درويش، ويتعرض صناع هذه الأعمال للهجوم ومصادرة إبداعاتهم مع بداية عرض الحلقة الأولى لدرجة أن موقع “الفيسبوك” يشهد حاليا جدلا واسعا حول مسلسل “الحسن والحسين”، وانطلقت الجروبات ضد المسلسل وصناعه، كما أن أغلب صور أبطاله الموجودة على هذه المواقع تم وضع علامة “x” فوقها. إساءةَ لدرويش أول المسلسلات التي أثارت جدلا “في حضرة الغياب”، الذي يروي سيرة حياة الشاعر الفلسطيني محمود درويش حيث طالب 2000 مثقف من فلسطينيين وعرب، منهم بعض المقربين من الشاعر الراحل محمود درويش، التليفزيون الفلسطيني بوقف المسلسل، حيث اعتبروا أن السيناريو بعيد كل البعد عن الحقيقة ويشوه ذاكرة جميلة رسمها محمود درويش لنفسه ولمحبيه طوال حياته وبعد مماته. وانتقدت “مؤسسة محمود درويش” في رام الله المسلسل الذي يعرض على عدد من الشاشات العربية ودعت لوقف عرض حلقاته. وقالت إنه إساءةَ للشاعر وصورتَه وحضورَه في الوعي الثقافي العربي والإنساني، لافتة إلى أنها أبلغت القائمين على إنتاج المسلسل بهذا الموقف. والمعروف أن المسلسل تم التحضير له على مدى عامين ونصف تقريباً، عن نصٍ للكاتب حسن. م. يوسف، وتمت كتابته استناداً الى كل ما كتبه الشاعر الراحل عن تفاصيل حياته، ورؤيته للعالم، وعلاقته بالأشخاص والأحداث، والأماكن والمراحل التاريخية التي كان شاهداً عليها. تشويه «الريان» وأكد أحمد الريان رجل الأعمال وصاحب شركات الريان لتوظيف الأموال الشهيرة، أن مسلسل “الريان” شوه صورته أمام الرأي العام، وأن الشركة المنتجة لم تراع العقد الموقع وأدخلت على السيناريو مشاهد ووقائع بعيدة عن الواقع، مشددا على أن عرض المسلسل بهذه الصورة أساء لأسرة الريان ويعد تشويها للتاريخ، ولن يسكت على ما حدث حيث كلف أحد المحامين برفع قضية لوقف المسلسل. ومع توالي عرض حلقات مسلسل “الشحرورة” الذي يروي سيرة المطربة صباح، تصاعد الجدل ومعه الانتقادات التي أخذت عليه وقوعه في مغالطات وأخطاء تاريخية كبرى، وارتفعت حدة الانتقادات مع عرض الحلقة الخامسة، على أساس أن المسلسل لا يحكي سيرة الشحرورة التي روتها في برنامج خاص على شاشة “المستقبل” وفي حواراتها الصحفية، وأكدت هذا الكلام المخرجة كلوديا عقل ابنة أخت صباح، حيث ذكرت بعض التفاصيل الخاطئة التي وردت في المسلسل، ورأت أنه منذ الحلقة الأولى امتلأ بالوقائع غير الصحيحة، وأن هناك الكثير من الأحداث التي جاءت من نسج خيال الكاتب ولا علاقة لها بالواقع، وعلى صفحتها على “فيسبوك”، وصفت العمل بأنه إساءة الى “الصبوحة” وتاريخها. غضب الأوساط الدينية ومن المسلسلات التي أثارت ضجة أيضاً قبل عرضها مسلسل “الحسن والحسين ومعاوية”، الذي قوبل بغضب من الأوساط الدينية لأنه يتناول حياة حفيدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويجسد شخصيتهما لأول مرة في تاريخ الدراما، ومنع الأزهر عرضه بالتليفزيون المصري، لكنه يعرض حاليا على أكثر من فضائية عربية. حالة التحفز تسيطر على المشهد الدرامي العربي ولا يستطيع أحد تفسيرها سوى بأننا صرنا أكثر رفضا لما يطرحه الآخر من دون أن نبذل مجهودا لنعرف أو نرى ما الذي يطرحه. ورفضت كارول سماحه التعليق على من يقول إن الشحرورة يسيء الى تاريخ صباح وطلبت من الجمهور والنقاد أن ينتظروا حتى ينتهي عرض المسلسل، وبعد ذلك يتم التقييم، وهي لن تتحدث في أي موضوع حتى تعرض كل حلقات المسلسل الذي تفرغت له شهورا طويلة، وبذلت فيه مجهودا خرافيا ويكفي أن الصبوحة أشادت بأدائها. وأكد رشيد عساف بطل مسلسل “الحسن والحسين” والذي يؤدي دور معاوية أنهم أخذوا ما لا يقل عن 21 موافقة شرعية كي يتمكنوا من إنجاز المسلسل لأن موضوع المسلسل مهم، ويسعى للحد من الفتنة ويرأب الصدع ويجمع الناس على كلمة واحدة. وقال إن تجسيده لشخصية الصحابي معاوية بن أبي سفيان في المسلسل يهدف إلى طي صفحة قاسية من التاريخ الإسلامي، خاصة أن العمل يحمل دعوة واضحة لنبذ مثيري الفتنة، ومن الخطأ اتخاذ مواقف هجومية مسبقة على فكرة المسلسل، ولابد من مشاهدة المسلسل كاملا قبل تقييمه، كما نصح بمشاهدته من قبل الأطفال لأنه درس في معرفة الحقائق التاريخية. إحداث فرقعة ويفسر السيناريست مصطفى محرم الهجوم على الأعمال الفنية قبل عرضها أو بعد مشاهدة حلقات قليلة بأنه مؤشر على أن المجتمع بات متحفزا، ويرغب في صنع جدل على أي موضوع من دون أن تكون هناك جدوى سوى لفت الأنظار أو إحداث فرقعة. مؤكدا أن حالة الغليان والحراك التي تحدث في صالح المجتمع بالنهاية لأنها تعني الحراك الفكري. مصادرة الإبداع يرى الكاتب والسيناريست وحيد حامد أن ذلك الهجوم هو نوع من الغليان الذي سيؤدي الى الانفجار، والمجتمع بات أكثر تطرفا ويصادر حرية الإبداع والمبدعين، ويتعجب من حالة الهجوم المسبق على أي مسلسل قبل عرضه أو حتى بعد مشاهدة حلقات قليلة دون ان تكتمل رسالة العمل رغم أننا في مجتمع ديمقراطي يؤمن بحرية الرأي والرأي الآخر.