الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الوحي» اسم جامع لألفاظ ومعاني كتاب الله

«الوحي» اسم جامع لألفاظ ومعاني كتاب الله
18 نوفمبر 2010 20:45
«الوحي» اسم من أسماء القرآن الكريم، ولم يطلق إلا عليه، فلم يسم أي كتاب أو شيء بهذا الاسم إلا كتاب الله، والوحي يعني الإشارة والكتابة والرسالة والإلهام والكلام الخفي، وهو ما يوحيه الله إلى أنبيائه. واستند المفسرون في أن «الوحي» اسم للقرآن، إلى قول الله تعالى:«قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن اتبع إلا ما يوحى اليّ قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون» سورة الانعام- الآية 50، وقوله عز من قائل:«واتبع ما يوحي اليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين» سورة يونس - الآية 109، وقوله سبحانه:«فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يُقضى اليك وحيه وقل رب زدني علماً» سورة طه الآية 114، وقوله تعالى:«قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي اليّ أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين» سورة فصلت الآية 6، وقوله سبحانه:«إن هو إلا وحي يوحى» سورة النجم الآية 14. جاء في تفسير هذه الآيات: قل يا أيها الرسول لهؤلاء الكفار لا أقول لكم إني أملك التصرف بما يملكه الله فأجيبكم إلى ما تطلبون، ولا أدعي علم الغيب الذي لم يطلعني الله عليه، ولا أقول إني ملك استطيع الصعود إلى السماء، إنما أنا بشر لا أتبع إلا ما يوحيه الله اليّ، القرآن من ربي وهو حجة تبصركم وجوه الحق، فاصفوا اليه وتدبروا مواعظه، وما أنا إلا متبع ومبلغ واني أخاف إن خالفت وحي ربي عذاب يوم عظيم خطره، شديد هوله، ولو شاء الله الا ينزل قرآنا من عنده ما انزله وما تلوتة عليكم، ولا أعلمكم الله به، لكنه نزل وارسلني به وتلوته عليكم كما أمرني، وقد مكثت بينكم زمناً طويلا قبل البعث لم أدع فيه الرسالة، ولم أتل عليكم شيئا، ولكن جاء الوحي به فُأمرت بتلاوته، ولا تحاول أيها النبي إرضاء المشركين لأنهم لا يؤمنون وعساك إن حاولت إرضاءهم أن تترك تلاوة بعض ما يوحى اليك مما يشق سماعه عليهم، كاحتقار آلهتهم، خوفا من قبح ردهم واستهزائهم، وعسى ان تحس بالضيق وأنت تتلوه لأنهم يطلبون أن ينزل الله عليكم كنزاً تنعم به كالملوك أو يجيء معك ملك يخبرهم بصدقك، فلا تبال بعنادهم، فما انت إلا منذر والقرآن فيه الآية الدالة على صدقك، ولا تعجل بقراءة القرآن من قبل أن يقضي اليك وحيه ويفرغ الملك من إلقائه اليك، وان لُبّ الذي أوحى الله به اليّ هو أنه لا إله لكم إلا هو، وان بقية ما يوحى به بعد ذلك تابع لهذا الأصل، واتبع الوحي الذي ينزل اليك من ربك وإن الله الذي يوحى اليك خبير بدقائق الأعمال لها، وأنني رسول ابلغكم الوحي رسالة ربي بعبارة بينة، وما أنا إلا بشر مثلكم يوحى اليّ من الله، وهو معبودكم الحق إله واحد، وما كنت أول رسول من عند الله فتنكروا رسالتي، ولست أعلم ما يفعل الله بي ولا بكم، ويقسم الله سبحانه وتعالى في سورة النجم بالنجم إذا هوى للغروب، ما عدل محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الحق وما اعتقد باطلاً، وما يصدر نطقه فيما يتكلم به من القرآن عن هوى نفسه، فهو وحي من الله يوحيه إليه، علمه له ملك شديد القوى. وما صح لأحد من البشر أن يكلمه الله إلا وحياً بالإلقاء في القلب إلهاماً أو مناماً، أو بإسماع الكلام الإلهي دون أن يرى صورته ويسمع صوته ليوحى بإذن الله ما يشاء، إن الله بالغ الحكمة في تصرفاته وتدبيره. مثل فلق الصبح وروى الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف يأتيك الوحي؟ فقال صلى الله عليه وسلم:»أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده عليّ، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملك رجلا فأعي ما يقول». وعنها رضي الله عنها أنها قالت: أول ما بديء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب اليه الخلاء وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه «وهو التعبد» الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: إقرأ، قال» ما انا بقارئ»، قال:»فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: إقرأ، قلت ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم ارسلني فقال: إقرأ فقلت ما انا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة ثم ارسلني فقال:»اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم»... إلى آخر الحديث الطويل. ليلة الاتصال وحول أهمية هذا الحدث العظيم يقول الباحث حسين حسن سلامة في كتابه «من هدي القرآن» إنها ليلة الاتصال بين الأرض والملأ الأعلى، ليلة بدء نزول القرآن على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، ليلة ذلك الحدث الذي لم تشهد الأرض مثله في عظمته وفي دلالته وفي آثارة في حياة البشرية جميعا، العظمة التي لا يحيط بها الإدراك البشري، إنه حادث ضخم إلى غير حد، ومهما حاولنا اليوم أن نحيط بضخامته، فإن جوانب كثيرة منه ستظل خارج تصورنا، إنه حادث ضخم بحقيقته وبدلالته وآثاره، وهذه اللحظة، هي أعظم لحظة مرت بهذه الأرض في تاريخها الطويل، فقد تكرم الله جل جلاله العظيم الجبار، القهار المتكبر، مالك الملك، فالتفت إلى هذه الخليقة المسماة بالإنسان القابعة في ركن من أركان الكون، وكرمها باختيار واحد منها ليكون ملتقى نوره الإلهي، ومستودع حكمته ومهبط كلماته، إنه ذو الفضل الواسع والرحمة السابغة الكريم الودود. معجزات تكامل البنيان القرآني مع كمال الدين للمسلمين، وفي هذا التكامل معجزات في البنيان وفي تقدير حاجات البشر، تفتح أبواباً واسعة لفهم المعاني والبيان والأحكام، يدركها اولو العلم بالقرآن وجاءت هندسة بناء القرآن آية آية وسورة سورة، والآيات والسور تدل على الوحدة الشاملة، بأسلوب عظيم، كالعقد النظيم، تسلك فيه الكلمات مسالك الدرر. ولقد ربى هذا الوحي على مر العصور رجالا اتخذوه إماما وهاديا، فكانوا مثلا عاليا في الإنسانية، لا يدانيهم غيرهم، ولا يزال القرآن هو القرآن الذي وحد قبائل، وجمع اشتاتاً وألف بين قلوب وكون أمه وأرسى قواعد حضارة نعتز بها، بنيت على التقوى من أول يوم. وأخيرا فإن الوحي قد ينزل بتكليم الله مباشرة لعبده كما كلم الله موسى عليه السلام، أو بالإلهام كما كان لأم موسى أو بطريقة خفية لا يعلمها إلا الله، كما أوحى إلى النحل، إلا أن القرآن وحده الذي وحيه من الله بجميع الطرق.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©