السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الأوروبيون يدرسون «خلطة النجاح» البولندية

الأوروبيون يدرسون «خلطة النجاح» البولندية
9 فبراير 2010 21:17
تعتبر بولندا البلد الأوروبي الوحيد الذي اجتاز عام 2009 دون معاناة من الكساد الاقتصادي، بالإضافة إلى نمو 1,5 بالمائة، وهو ما طرح سؤالاً على الأوروبيين، وهو: ما هي أسباب ذلك النجاح والدروس التي يمكن أن نستخلصها منه؟ يمكن القول إن هناك عدة عوامل تشترك في تشكيل هذا النجاح منها: قوة المؤسسات، البنية الاقتصادية المرنة، والسياسة الاقتصادية المحكمة إبان الأزمة المالية. وتؤكد مستويات عالية الثقة في الحكومة أن التصريحات التي يؤكد فيها السياسيون قوة الاقتصاد والنظام المالي تصريحات صادقة. وتقوم هذه الثقة نسبياً على نجاح المؤسسات البولندية والاقتصاد على مر السنوات العشرين الماضية، والتي حققت خلالها بولندا أعلى معدلات النمو المستقر في المنطقة، حيث تضاعف إجمالي الناتج المحلي، بينما كان معدل النمو 70 في المائة في سلوفاكيا، و45 بالمائة كل من جهورية التشيك وهنغاريا وأستونيا، ولم تشهد دول مثل روسيا وبلغاريا أي نوع من أنواع النمو. وعموماً، يعتبر مستوى العجز المالي في بولندا أقل مقارنة مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، وساعد ذلك بولندا في تفادي إفلاس أي مؤسسة من المؤسسات المالية الكبرى في الدولة، على النقيض من بعض الدول القديمة العضوية في الاتحاد. واستفادت بولندا مثل بعض جاراتها من الدول من الانخفاض الملحوظ في قيمة عملتها خلال الأزمة المالية، ولكن لا يعتبر ذلك من العوامل الرئيسة وراء النجاح الذي حققته بولندا مقارنة مع السويد وجمهورية التشيك اللتين شهدتا انخفاضاً مشابهاً في عملتيهما. وفي حقيق الأمر، وبما أن بولندا تعتبر بلداً كبيراً نسبياً، “حيث تمثل صادراتها 40 في المائة من إجمالي الناتج المحلي”، فإنها أصبحت في الموقع المناسب الذي يؤهلها للاستفادة من انخفاض قيمة عملتها أكثر من السويد وجمهورية التشيك بصادرات قدرها 77 و 54 في المائة على التوالي. ولهذا السبب، عانت هاتين الدولتين كساداً شديداً. وفي المقابل، ليس من الممكن أن نعزي سبب نجاح بولندا للبرنامج الألماني “النقد مقابل السيارات القديمة”، حيث تمثل صناعة السيارات في الاقتصاد البولندي قدراً أقل مقارنة مع السويد، وجمهورية التشيك وسلوفاكيا وألمانيا نفسها. ومن المؤكد أن النصيب الأكبر للمؤسسات الصغيرة ومتوسطة الحجم في اقتصاد بولندا يلعب دوراً مهماً في ذلك النجاح. وتحظى القوى العاملة البولندية بأكبر عدد من رجال الأعمال في أوروبا والذين أظهروا براعة في التعامل مع الأزمة ومرونة كبيرة في الاستجابة لها. وبجانب الاستفادة السريعة من الصناديق الأوروبية، ساعدت الحكومة أيضاً في المحافظة على الطلب واستمرار الاستثمار، مع أن كل الدول حديثة العضوية في الاتحاد استفادت هي الأخرى من الصناديق الأوروبية. ومما جعل بولندا مثالاً متفرداً للنجاح، هو تلك السياسة الاقتصادية التي تنتهجها، وتقوم هذه السياسة على إيمان عميق باقتصادات السوق الحرة، حيث تعتبر السياسة المالية خير مثال لهذا النهج. ولجأت معظم الدول في بداية الأزمة لبرامج تحفيزية، أما الدول التي لم تلجأ لهذه البرامج، فهي تلك التي لم تحصل على التمويلات اللازمة مثل المجر ودول البلطيق. وتعتبر بولندا الدولة الأوروبية الوحيدة التي بإمكانها تمويل برنامجها التحفيزي، لكنها قررت عدم القيام بذلك، وبدلاً عن ذلك، سلكت طريقاً مغايراً، فقامت بخفض المنصرفات لأعلى مستوى ممكن والأزمة في أولها “في ديسمبر 2008 ويناير 2009”، أي بما يعادل 1 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. كما تم اتخاذ تدابير إضافية للعائدات في يوليو 2009 بلغت 0,8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. ويرجع الغرض من وراء هذه التدابير إلى إعادة كسب ثقة المستثمرين في الوقت الذي ينظر فيه لوسط وشرق أوروبا “خطئاً كما اتضح لاحقاً” كأكثر الدول عرضة للأزمة. وتبنت الحكومة البولندية في مارس 2009 قبل الانهيار من خط الائتمان لصندوق النقد الدولي مع بولندا، برنامجاً قامت بمقتضاه ببيع اليورو الذي حصلت عليه من الصناديق الأوروبية، في حين سمح “الزلوتي” المنخفض القيمة لهذه الصناديق بأن يتم تغييرها بسعر معين ذي فائدة. وكانت الآثار الجانبية الناتجة عن عمليات البيع هذه إيقاف ذلك الخفض. وقامت بولندا وفي أوج الأزمة بإتمام برنامج إصلاح المعاشات والذي على ضوئه زادت سن التقاعد بخمس سنوات لتصبح 63 عاماً، وخفض ديون المعاشات بنحو 25 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وأصبح كل فرد في بولندا الآن يملك حساب تقاعد والذي جعل العمل يستحق، ليس سن التقاعد فحسب، (60 للمرأة، و65 للرجل)، بل يتعداها لأكثر من ذلك. وصدر قانون في 2009، يمكن بمقتضاه لمالك العقار الخاص استعادة ملكيته حتى لو تطلب ذلك طرد الساكنين. وبعد 6 أعوام من توقف الخصخصة، بلغت قيمة الأصول الحكومية المخصصة في 2009، نحو 0,6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وتتجه الحكومة في 2010 لزيادة الخصخصة إلى أربعة أضعاف، حيث الغرض الرئيس من ذلك هو إرجاع الشركات للقطاع الخاص لزيادة الكفاءة. ومن الآثار الجانبية المهمة خفض نمو الديون في الوقت الذي يتم فيه التحكم في الضرائب. وتمسكت بولندا باعتقادها القوي في مبادئ السوق الحرة أثناء الأزمة. وبدلاً عن البرامج التحفيزية، خلقت بولندا برنامجاً فعالاً للادخار، بالإضافة لقيامها بإصلاحات هيكلية رئيسية، وهذا هو “سر” نجاح بولندا. عن “وول ستريت جورنال”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©