الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجيش العراقي ومهمة الحفاظ على المكاسب الأمنية

الجيش العراقي ومهمة الحفاظ على المكاسب الأمنية
28 فبراير 2009 01:12
بإلقائه نظرة خاطفة عبر إحدى القنوات المائية التي تطل على قرية ''أم الغتان'' العراقية ذات العشرين منزلاً، يشعر ''درو فاندرهوف''، الملازم في الجيش الأميركي أن مشكلة التمرد ما زلت تلاحق قواته في هذه المنطقة، وإن كان على نحو أقل مما كان عليه في بداية الحرب، قائلاً: (نحن متأكدون من أن عناصر ''القاعدة'' موجودون في القرية، إلا أننا لا نستطيع التحديد مع أي من الأهالي يعملون، ومن هم السكان الذين يتعاونون مع عناصر ''القاعدة'')· ومع أن لديه معلومات مفصلة حول العديد من المشتبه بهم في القرية التي تبعد حوالي 25 ميلاً عن العاصمة بغداد، إلا أنه يتردد في مداهمة المنازل مخافة إثارة حفيظة الأهالي وتقويض جهود التواصل معهم وإفشال محاولات فرض الأمن· ولعل ما يدفع الجيش الأميركي إلى التردد وعدم الانخراط في حملة عسكرية، هو التقدم الذي أُحرز في بعض مناطق القرية والمتمثل في عودة المشاريع الزراعية ورجوع الأهالي الذين نزحوا في مرحلة سابقة بسبب العنف إلى بيوتهم القديمة بعدما تحسن الوضع الأمني وبدأ الجيش العراقي يشارك بكثافة في ملاحقة عناصر ''القاعدة'' وتوفير الحماية للأهالي· لكن استمرار العنف في محافظتي ديالى ونينوى ومواصلة عناصر التمرد لعملياتهم التي تهدف إلى ترويع السكان ومنع تعاونهم مع الحكومة يدل في رأي الملازم ''فاندرهوف'' على هشاشة المناطق البعيدة عن المراكز الحضرية في أطراف المدن· فرغم عودة بغداد إلى وضعها الطبيعي، تحولت المناطق الريفية والقرى البعيدة والمراكز الصحراوية إلى جبهة جديدة في الحرب ضد المتمردين بعد فرار المسلحين من المدن ولجوئهم إلى الجهات البعيدة للاختباء والتخطيط لأنشطتهم· وخلال دورية مشتركة بين القوات الأميركية وأفراد الجيش العراقي، لاحت بوادر التمرد واضحة أمامهم عندما كانوا يجوبون القنوات التي جفت من المياه في القرية القريبة من بغداد، حيث اكتشف جنود الملازم ''فاندرهوف'' مخابئ يستخدمها المتمردون للتواري عن أنظار الطائرات المروحية التي تقوم بدوريات، أو لإخفاء الأسلحة والعبوات الناسفة المستخدمة سواء ضد القوات الأميركية، أو الجيش العراقي· وفي هذا الإطار، يقول الرقيب ''باتريك ويكسون''، كلما سألنا الناس ''أكدوا أن المتمردين موجودن في القرية، لذا نحن مطلعون على نشاطهم ومتتبعون لتحركاتهم''، وفيما تشكل ملاحقة المتمردين في المناطق الريفية عملية صعبة للغاية بسبب تقنية الظهور والاختفاء التي ينتهجها المسلحون وإفلاتهم السريع من قبضة الجيش، فإن الجنود يشيرون إلى إحراز تقدم واضح في ملاحقة المتمردين بالنظر إلى تحسن قدرات الجيش العراقي، الذي بات أكثر انخراطاً في العمليات القتالية، ناهيك عن مشاركة الأهالي وجرأتهم في التعامل بإيجابية مع الجيش العراقي· بيد أن هذا التحسن في القدرات القتالية للجيش العراقي لم يمنع بعض المراقبين ومن بينهم ''أوستين لونج''، الخبير في مكافحة التمرد بمعهد ''راند'' بواشنطن من القول ''لا شك أن الاتجاه تغير اليوم في العراق لصالح مزيد من الأمن، لكن السؤال المطروح هو لأي مدى يمكن الحفاظ على تلك المكتسبات بعد انسحاب القوات الأميركية؟ ففي محيط بغداد استفاد الوضع من خطة الزيادة في عدد القوات الأميركية التي أقرتها الإدارة السابقة، غير أن المناطق الريفية لم تستفد من التعزيزات الأمنية والعسكرية''· وبتراجع العنف الطائفي في بغداد، بدأ تنظيم ''القاعدة'' في نقل تحركاته إلى المناطق ذات الحساسية الطائفية والعرقية مثل محافظة ديالى التي تضم المجموعات العراقية الثلاث الرئيسية: السنة والشيعة والأكراد، وهو ما يسمح لـ''القاعدة'' باللعب على الاختلافات العراقية، وتأييد مجموعة على حساب الأخرى لزرع الفرقة بين العراقيين وخلق فراغ في السلطة لاستغلاله وفرض أنفسهم كبديل· ويوضح ذلك الخبير ''لونج'' بقوله ''لقد نجح (القاعدة) في تأجيج المشاعر الطائفية واللعب عليها في ديالى، خصوصاً في بعقوبة أكثر منها في الأنبار؛ لأن هذه الأخيرة لا توجود بها خطوط تماس طائفية، أو عرقية وتعتبر معقل القبائل السُنية لا غير''· هذا التركيز لأنشطة ''القاعدة'' على المناطق غير الحضرية أصبح واضحاً في عدد القتلى بالمحافظات الذي تجاوز العاصمة العراقية، فرغم أن بغداد كانت في السابق الأكثر تكبداً للخسائر في الأرواح بحوالي 54% في العامين 2006 و،2007 فإنها تراجعت عام 2008 إلى 32% حسب التقديرات الرسمية· وفي ديالى، يقول قادة الجيش الأميركي إنهم حققوا مكاسب أمنية ملموسة رغم الصعوبات العديدة التي رافقتهم في عملية فرض القانون واستتباب الأمن، وهو ما يوضحه العقيد ''بورت تومسون''، من اللواء المقاتل الأول قائلاً: ''لم نقضِ على (القاعدة) تماماً، لكننا أجبرناهم على تغيير سلوكهم ومراجعة تكتيكاتهم''· فإلى وقت قريب، كانت القوات الأميركية تجاهد لتأمين ديالى، إلا أن عدد القوات لم يكن كافياً على الأرض، وهو ما يعبر عنه الرقيب ''واين لاكلير''، بقوله: ''كنا نأتي إلى المدينة ونقوم ببعض العمليات، ثم نغادر ليعود المتمردون بعد ذلك''، لكن اليوم بعد طرد المتمردين تقيم القوات الأميركية والعراقية ومعها قوات الصحوات نقاط تفتيش للتحقق من عدم عودة المتمردين إلى المدينة· وفي الإطار نفسه، يؤكد الرائد ''جون سواردز'' أن ديالى ''لم تعد المعقل الذي كان في السابق للمسلحين، فهم إما هاربيون، أو طأطأوا رؤوسهم··· والمؤشر الأهم على تحسن الوضع هو عودة الأهالي إلى بيوتهم''· توم بيتر- العراق ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©