الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ماذا بعد الدوحة ؟

28 فبراير 2009 01:13
بعد جهدٍ استمر لبضعة أسابيع، استطاعت مجموعة تقودها دولة قطر عقد مؤتمر للتصالح بين حكومة السودان وواحدة من حركات التمرد المسلحة في دارفور· كان الهدف إقناع كل الحركات المتمردة بالمشاركة، لكن ذلك لم يتم واقتصر الأمر على فصيل واحد هو الفصيل الذي يحمل اسم حركة ''العدل والمساواة''، وهو أحد الفصائل المهمة في الصراع وله نفوذ واضح لاسيما بين إحدى قبائل دارفور الكبيرة، وهي قبيلة ''الزغاوة''· لم يصل مؤتمر الدوحة، الذي عقد قبل أيام، إلى قرار نهائي لوقف إطلاق النار، لكنه أقنع الطرفين بوقف العدائيات وبداية بناء الثقة، وهذه دون شك خطوة مهمة في الطريق المؤدي لإنهاء أزمة دارفور، بشرط أن تتبعها خطوات، أهمها أن توافق بقية الفصائل على الانضمام لهذا المسار· لقد تعددت الحركات المعارضة التي تحمل السلاح ضد الحكومة السودانية في دارفور، لكن يمكن القول إن أهم هذه الحركات أو المنظمات: حركة ''العدل والمساواة''، وحركة ''تحرير السودان'' التي رفضت بشدة القبول بما طُرح في الدوحة، وقالت إنها ستواصل القتال إلى أن يستجيب النظام لمطالبها، والتي هي حسب تقديرها مطالب أهل دارفور· مجموعات دولية منها الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي ومنظمة الأمم المتحدة··· كانت لها مساهماتها في ذلك الاختراق الجزئي الذي تحقق في الدوحة· لكن هل سيغري ما تم التوصل إليه في الدوحة، الفصيل الآخر الكبير في دارفور للحاق بالاتفاق، أم أن ذلك الاتفاق مع فصيل ''العدل والمساواة'' سيزيد الفرقة ويدفع فصيل ''تحرير السودان'' إلى التمسك أكثر فأكثر بمطالبه ومواصلة القتال؟ إن هذا الوضع يذكرنا بما حدث قبل نحو ثلاثة أعوام عندما أسفرت مفاوضات أُجريت في أبوجا بنيجيريا عن اتفاق مع فصيل واحد هو فصيل مني أركو مناوي الذي كوفئ حينها بأن عين مساعداً لرئيس الجمهورية، لكن اتفاق أبوجا لم ينهِ القتال بل لعله زاد النار أواراً· والآن، فإن ما يمكن أن يغري الفصيل الرئيسي الآخر، أي فصيل ''تحرير السودان''، هو مستوى ونوع وجدية ما ستقدمه الخرطوم لجماعة ''العدل والمساواة'' من تنازلات مرتبطة بمطالب أهل دارفور التي يتفق الجميع في إطارها العام· تلك -فيما يبدو الآن على الأقل- هي الفرصة الوحيدة لنجاح ''خطة الدوحة''· لكن هناك حقيقة أخرى لا يمكن إهمالها، وهي حقيقة تشكل خطوة للوراء وليس إلى الأمام، وملخصها أن جماعة ''العدل والمساواة'' التي تم الاتفاق معها تمثل فى واقع دارفور قبيلة واحدة أو مجموعة قبلية مفردة هي قبيلة ''الزغاوة'' المنتشرة بين السودان وتشاد، ومن أبنائها رئيس جمهورية تشاد نفسه إدريس ديبي، في حين أن الفصيل الآخر الرافض للاتفاق يمثل في واقع دارفور قبيلة ''الفور'' والقبائل الصغيرة القريبة منها عرقياً ولغوياً والمتحالفة معها· وإذا استمرت الحال على هذا النحو ولم تشارك جماعة ''تحرير السودان'' في اتفاق الدوحة، فإن الصراع سيأخذ شكلاً قبلياً حاداً سيكون حله أكثر صعوبة وأشد تعقيداً· اتفاق الدوحة يمكن أن يكون نواة لخطوة إلى الأمام، ويمكن أن يكون غير ذلك، وهو ما ستكشف عنه الأيام المقبلة وما يُتخذ من خطوات وسياسات· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©