السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جزيرة قبرص.. شواطئ رملية وقمم جبلية في أعماق الطبيعة

جزيرة قبرص.. شواطئ رملية وقمم جبلية في أعماق الطبيعة
20 أغسطس 2013 20:58
من أشعة الشمس المتوهجة إلى الزهور البرية الممتدة على طول الساحل وباتجاه الهضاب الجبلية العتيقة، يدرك المقبل على الجزيرة القبرصية أن يومه فيها سيكون خاصاً جداً. إذ لا مجال في الربوع القبرصية إلا لاختبار المعنى الحقيقي للإجازة وسط مشهد بديع يكاد يتكرر على مساحات شاسعة. الصورة الأبرز فيه زرقة أمواج تتدفق بإشراقة سخية على شطآن لا تفرغ ليلاً ونهاراً من مرتادي الأنشطة الرياضية وسياحة المشي على الرمال والتلذذ برذاذ البحر والنسمات المصاحبة. ومع كل خطوة باتجاه الاستمتاع باللحظة تتراءى من قريب وبعيد ابتسامات القبارصة الذين اعتادوا الترحيب على مدار السنة بالسياح من مختلف الجنسيات. والجميع هنا يجدون ما يثري إجازتهم بتجارب مختلفة تغوص حتى في عمق المعالم التاريخية. أجمل ما في قبرص ثالث أكبر جزيرة في البحر المتوسط والمسترخية على ضفاف العالم العربي، أنها جذابة على مدار السنة. وأكثر ما يجعلها وجهة سياحية مرغوبة هو حجم التسهيلات التي ينعم بها الزوار بدءاً من معاملات التأشيرة. إذ بالرغم من أنها أصبحت مشمولة بنظام الاتحاد الأوروبي، غير أنه يمكن الحصول عليها منفردة في خلال يومي عمل لا أكثر. وقبرص الجزيرة الأوروبية المتوسطية تفتح أبوابها لاستقبال الوفود السياحية من منطقة الخليج عبر توفير ما يمكن أن يشكل لهم عامل جذب ولاسيما أنها متقاربة بالعادات وأسلوب الضيافة. والبداية مع تسهيلات اللغة حيث يتوفر عند الطلب الأدلاء السياحيون الذين يتحدثون العربية ولا يقتصر دورهم على الترجمة وإنما يعملون على تنسيق خدمات الفنادق والمواصلات. كما أنهم حاضرون لتقديم إرشادات السفر فيما يتعلق بالتنقل من منطقة لأخرى على الجزيرة، وكيفية الوصول إلى أفضل المواقع التي يمكن زيارتها والتعرف إلى عاداتها وتذوق أطباقها. رحلات يومية ويتحدث هراتش كالساهاكيان مدير التسويق الإقليمي لمنظمة السياحة القبرصية عن سعي المنظمة إلى رفع عدد السياح من المنطقة العربية خلال السنوات المقبلة. وذلك بالاعتماد على ما تتميز به قبرص من قربها الجغرافي وطقسها المعتدل وطبيعتها الخلابة ومواقعها التاريخية التي تفاجئ بارثها العريق كل من يطأ حجارتها ويجول في أروقتها. ويؤكد أن الجزيرة لطالما كانت ولا تزال بوابة العبور التي تربط ما بين الاتحاد الأوروبي والمنطقة العربية. ويقول كالساهاكيان إنه خلال النصف الأول من العام الجاري ورغم الأزمة المصرفية التي عصفت بقبرص، احتفظت السياحة بمستويات مقبولة حيث كان العدد الإجمالي للسياح في الفترة المذكورة 925 ألف سائح. ويتوقع أن تشهد فترة الصيف الحالية زيادة في عدد الزوار، ولاسيما أن السياحة من المنطقة العربية إلى جزيرة قبرص تشهد حالياً نمواً يفوق الـ 25% مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2012. ويشير هراتش كالساهاكيان مدير التسويق الإقليمي إلى أن عدد الرحلات من الإمارات إلى قبرص في تزايد مستمر حيث خصص كل من طيران الاتحاد وطيران الإمارات طائرات أوسع حجماً لرحلاتهما اليومية إلى مطار لارنكا الدولي منذ شهر فبراير. ويلفت إلى أن منظمة السياحة القبرصية تعزز تواجدها على شبكة الإنترنت من خلال تبني تطبيقات سياحية جديدة لمستخدمي الهواتف الذكية. إضافة إلى استحداث صفحات تخصصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك». تنوع بيئي عشاق الطبيعة يجدون في الجبال القبرصية التي لا تبعد عن الساحل أكثر من ساعة بالسيارة، كل ما يطمحون لرؤيته من تنوع بيئي ومناظر استثنائية. تزينها حتى ارتفاع 2000 متر أشجار الصنوبر المطلة وسط مساحات كاشفة على الوديان المخضوضرة والسفوح المزروعة والسهول الخصبة. وعند التوقف لالتقاط الصور من أعلى، لا حدود للبعد الجمالي الذي يبدأ ولا ينتهي مع شواطئ البحر المتوسط وخلجانه الهانئة بعزلة لا يقطع صفوها إلا تلاطم الأمواج الشقية. ومن بين عدد لا يحصى من جزر البحر المتوسط تعرف قبرص بأنها موطن أسطورة الحب الإغريقية «أفروديت». وكما يفرض موقعها الجغرافي فهي بطبيعتها المتنوعة مستعدة دائماً للترحيب بالضيوف مهما كانت اهتماماتهم. وشواطئها مصنفة بأنها من أنظف الشواطئ في أوروبا حيث تنهض على مسافة قصيرة من مياهها البلورية جبال «ترودوس» المكسوة بأشجار الصنوبر وأشجار الأرز. وقبرص ملاذ لعشاق الآثار إذ تضم مستوطنات العصر الحجري الحديث والتي تعود إلى أكثر من 10 آلاف سنة. وفيها المدرجات الشهيرة من الأطلال الإغريقية الرومانية على غرار مدرج «كوريون» الفسيح بإطلالة نادرة على شاطئ البحر والذي يعتبر من أكثر المعالم التاريخية زيارة على الجزيرة. وكذلك القلاع العريقة مثل قلعة «كولوسي» المصنفة من الكنوز الإنسانية الصامدة. وعند السفر إلى قبرص يجب عدم تفويت زيارة مدينة بافوس، موطن الآثار الأهم في غرب الجزيرة، بما فيها «مقابر الملوك» الغامضة. والاطلاع على أعداد هائلة من الفسيفساءات الرومانية الملونة والتي لا تزال محافظة على جودتها وهي مدرجة على قائمة «اليونسكو» للتراث العالمي. تلال مغطاة بالكروم ويسهل استكشاف قبرص في بضعة أيام حتى مع خيار التوجه إلى قمم جبالها الوعرة واجتياز تلالها المغطاة بالكروم. وما أجمل التوقف عند قراها الجبلية العتيقة مثل «أومودوس» و»ليفكارا» حيث يتباطأ إيقاع الحياة ويحلو التوغل باتجاه ساحاتها المشرعة لمقاهي الأرصفة. وشراء المنتجات التقليدية التي تحضرها الكبيرات في السن من مشغولات يدوية ومكسرات محلاة ودبس الخروب وفواكه مجففة تعرض كلها في أكشاش مزينة بالزهور البرية. وأينما كان قرار الاستراحة لتناول الطعام، فإن المائدة ستكون مختلفة في كل مرة وغنية بأطباق المازة المعدة من الخضار الطازجة، وهي مزيج من الأطباق اليونانية والشرق أوسطية. وعلى رأسها أنواع الجبن وأشهرها جبنة الحلوم التي تكاد تكون سيدة المطبخ القبرصي على الإطلاق. وهي مصنوعة من لبن الأغنام والماعز ويتم تقديمها إما مشوية أو مقلية أو غير معالجة. وتذكر ديما الصمد المرشدة السياحية القبرصية من أصول سورية أنه لاستكشاف قبرص يجب عدم الاكتفاء بزيارة المدن الرئيسية والمنتجعات الساحلية والشواطئ البكر حيث تعشش السلاحف. وإنما لا بد كذلك من التوجه إلى الريف والتوغل في بساتين الليمون وحقول الزيتون وكروم العنب. وتقول المرشدة السياحية إن الاطلاع على المواقع الأثرية التي تلخص تاريخ الحضارات التي تعاقبت منذ آلاف السنين على الجزيرة، هو جزء رئيسي من المنظومة السياحية التي تتمع بها قبرص اليوم. مرافئ وقلاع المحطة الأولى في قبرص هي مدينة لارنكا التي يعتبر جامع «تكية هالة سلطان» من أبرز معالمها التاريخية. وتشرح ديما الصمد أنه بني إحياء لذكرى «أم حرم» على زمن الصحابة، ويعتبر من الأماكن المهمة التي يؤمها الكثير من المسلمين وتعلو مئذنته بين حدائق النخيل وأشجار السرو على حافة البحيرة المالحة التي تعد من الأماكن المفضلة في فصل الشتاء لطيور «الفلامينغو» المهاجرة. وتقع مدينة لارنكا على أنقاض مملكة تاريخية كانت ميناءً بحرياً ومركزًا رئيساً لتجارة النحاس، وفيما بعد حصناً فينيقياً. وأكثر ما يميز لارنكا واجهتها البحرية حيث تصطف أشجار النخيل المعروفة باسم «فينيكوديس» ومعها المطاعم الموزعة على طرفي الطريق. ومن كورنيشها الأشهر يمكن الوصول سيراً على الأقدام إلى حوض المراكب والسفن السياحية والذي يقصده ملاك اليخوت من أنحاء العالم كافة. المحطة الثانية هي مدينة ليماسول القديمة التي تعتبر من الوجهات الأساسية خلال السياحة إلى قبرص. وأبرز مشاهدها تلك الشوارع الضيقة المتشعبة من مرفأ الصيد القديم. وكذلك «قلعة ليماسول» التي ترجع إلى العصور الوسطى وقد استضافت حفل الزفاف الملكي لكل من ريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا، وبرنجاريا من مدينة نافارا. وهي تضم اليوم متحف قبرص في العصور الوسطى. عروس المناطق باتجاه الغرب من مدينة ليماسول القبرصية تقع مدينة بافوس الغنية بمعالمها الأثرية وهي المدينة الثانية بعد لارناكا التي يوجد فيها مطار دولي. ويصلح لجمال الطبيعة في بافوس أن تطلق عليها صفة عروس المناطق السياحية في قبرص لما تتمتع به من إطلالة رشيقة على شاطئ البحر. إذ يشكل تجمع مطاعم السمك على مينائها الضيق، واحدة من أجمل الصور التي يحملها الزائر معه، ولاسيما أنه يمكن الوصول منها بأقل من ساعة إلى القمم الجبلية التي تكسوها الثلوج في الشتاء وتتحول إلى منتجعات ملائمة لممارسة رياضة التزلج على الواجهة الشمالية الشرقية لجبل «أوليمبوس». وفي الأشهر الدافئة يمكن الإقدام على السباحة والتزلج في اليوم نفسه. ولأهمية حضورها التاريخي كعاصمة لقبرص لأكثر من 600 عام، فإن مدينة بافوس مسجلة من قبل منظمة «اليونسكو» على قائمة التراث الثقافي العالمي. وتنعم بيوتها القديمة بأروع أعمال الفسيفساء التي شهدتها المنطقة والتي تزين الأرضيات ويرجع تاريخ إنشائها إلى الحقبة الرومانية. وتصور مشاهد من الأسطورة المبنية من الصخور الصلبة والأعمدة المزينة بالنقوش ذات الطراز المعماري الإغريقي. رياضات مائية وبرية تستحق السياحة إلى الجزيرة القبرصية أن تحمل الشعارات الرياضية بامتياز، حيث تتوفر الرياضات المائية والإبحار في القوارب ذات الأرضيات الزجاجية وممارسة لعبة الجولف. ويوجد في قبرص موقع للغطس على الأقل في كل 8 منتجعات كبرى. وتعد شوارع الجزيرة أماكن رائعة لممارسة المشي وركوب الدراجات الهوائية حيث تكثر المسارات الطبيعية المصممة خصيصاً. ويمكن الاستمتاع بهذه الرياضات من خلال الممرات المحددة على شبه جزيرة «أكاماس» وعلى جبال «ترودوس». وتسعى قبرص العريقة بتقاليدها في الضيافة لابتكار طرق جديدة لإرضاء السياح القادمين إليها ولاسيما من منطقة الشرق الأوسط المتقاربة في العادات وأسلوب الحياة. أهلاً وسهلاً «كوبيساتي» وتعني باللهجة المحلية «أهلاً وسهلاً» أو «تعال وانضم إلينا»، هي العبارة التي يسمعها السائح أينما حل على جزيرة قبرص. وهناك تعتبر اللغة اليونانية هي الدارجة، علماً بأن معظم العاملين في مجال الضيافة يتقنون اللغة الإنجليزية. ومن المرجح أن يكون اسم الجزيرة مستمداً من التسمية اللاتينية للنحاس وهي «كوبروم» Cuprum نظرًا لاشتهار قبرص بهذا المعدن في العصور القديمة. إقامة ريفية تتسابق الفنادق في قبرص على عرض خدماتها بأسعار تنافسية. ويمكن للسائح أن يجد على الجزيرة مختلف أنماط الإقامة التي تتناسب مع احتياجاته وأوضاعه المالية. من الترف الذي توفره فنادق الخمس نجوم بغرفها المطلة على الشاطئ وخدمات السبا، إلى استئجار الشقق الفندقية أو الفلل العائلية المزودة بحمام سباحة للشعور بالراحة والاستقلالية. وتتوفر كذلك خدمات السكن في القرى المنعزلة داخل فنادق ريفية صغيرة تديرها الأسر لمحبي الاندماج في الطبيعة البكر.
المصدر: لارنكا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©